تبنى مجلس الوزراء المنعقد أمس برئاسة السيد عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية مشروع القانون المتضمن تعديل دستور 1996، وتشمل التعديلات المدخلة خمسة محاور رئيسية، تمس سبع مواد مع إضافة مادة جديدة، تنهي حالة تحديد العهد الرئاسية، وتفتح المجال لاستحداث منصب وزير أول بدل رئيس حكومة، وتضمن حماية رموز الثورة والشهداء، وتمنح للمرأة مكانة أرقى في المجتمع. كشف بيان صادر عن مجلس الوزراء أمس محتوى التعديلات المدخلة على أعلى نص قانوني في البلاد، والتي تخص خمسة محاور رئيسية، ومس التعديل ثماني مواد هي 5 و62 و29 مكرر و74 و77 و79و80 و81 وتتعلق كلها بتلك المحاور التي أشار إليها رئيس الجمهورية في خطابه في 29 أكتوبر الماضي لدى افتتاحه لسنة القضائية. وبموجب المادة 74 المعدلة فإن من حق الشعب الجزائري أن يختار قادته بكل سيادة وحرية، دون ان يتم تحديد فترة العهدات. وأشار بيان مجلس الوزراء الى الأسباب الكامنة وراء تعديل هذه المادة على النحو الذي يتم بموجبه إلغاء تحديد عدد العهدات، وذكر بأن الديمقراطية هي تلك التي تضمن للشعب اختيار ممثليه وقادته بكل حرية في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. وتضمنت وثيقة التعديل أيضا إدخال تغييرات في النظام المحدد للعلاقات بين مكونات السلطة التنفيذية، ويتم تعديل المادة 77 بحيث "يتولى رئيس الجمهورية تعيين الوزير الأول وإنهاء مهامه. وله كذلك أن يعين نائبا أو أكثر للوزير الأول لمساعدة الوزير الأول في ممارسة مهامه وهو الذي ينهي مهامهم" وبموجب هذا التعديل سيتم استحداث منصب وزير أول بدل رئيس الحكومة المعتمد في الدساتير الجزائرية السابقة. وتشير المادة 79 كما هي معدلة إلى أن "يقوم الوزير الأول بتطبيق برنامج رئيس الجمهورية ولأجله ينسق عمل الحكومة التي يقوم باختيارها. ولهذا الغرض يحدد برنامج عمله ويعرضه على مجلس الوزراء"، وفي تحديد لعمل الحكومة فإنه بموجب المادة 80 و81 المعدلتين فإن الوزير الأول "يعرض برنامج عمله على موافقة المجلس الشعبي الوطني. وعند الاقتضاء يجوز له أن يكيفه بالتشاور مع رئيس الجمهورية على ضوء ما جاء في نقاشه، وانه في حال عدم الموافقة على برنامج عمله من قبل المجلس الشعبي الوطني يقدم الوزير الأول استقالة حكومته لرئيس الجمهورية". وتنص المادة 80 المعدلة على انه "يقدم الوزير الأول على مجلس الأمة عرضا حول برنامج عمله كما جاءت موافقة المجلس الشعبي الوطني عليه". وأكد بيان مجلس الوزراء إلى أن هذه التعديلات ستضفي "مزيدا من الوضوح على مهمة الحكومة المتمثلة في تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية"، ولا تمس هذه التعديلات المجال الرقابي للسلطة التشريعية على السلطة التنفيذية. وبغرض حماية رموز الثورة وترقية كتابة التاريخ فقد جاء التعديلات الخاصة بالمادتين 5 و62 بالصيغة التي تحول دون المساس برموز الثورة ومقومات الشعب الجزائري كما حدث مؤخرا. وفي هذا السياق فإن المادة الخامسة كما هي معدلة تنص "على أن العلم الوطني والنشيد الوطني من مكاسب ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة وعلى أنهما غير قابلين للتغيير. ونفس هذه المادة ستنص على مواصفات العلم الوطني ومضمون النشيد الوطني "قسما" بتمام مقاطعه"، وجاء هذا التعديل لتجنب تكرار ما حدث من بتر للنشيد الوطني كما حدث في المقررات الدراسية. ويتم إثراء المادة 62 من الدستور بإضافة الدور الموكل للدولة في مجال ترقية كتابة التاريخ وتدريسه للناشئة، كما "لا يجوز لأي كان أن يستأثر به أو يسخره لمآرب سياسية" ولذلك "فالدولة هي التي تتولى ترقية كتابة هذا التاريخ وتدريسه والتعريف به". وفي مجال ترقية الحقوق السياسية للمرأة فقد جاء مشروع تعديل الدستور بالشكل الذي يمنح مكانة أكبر للمرأة حيت تم اقتراح مادة جديدة 29 مكرر "تنص على أن الدولة تعمل على ترقية الحقوق السياسية للمرأة من خلال مضاعفة حظوظها في النيابة ضمن المجالس المنتخبة". وأشار بيان مجلس الوزراء إلى أن الهدف من اقتراح هذه المادة هو منح المرأة "تمثيلا أوسع... ومشاركة أوفى لهن في المجالس المنتخبة". ولدى تدخله عقب مناقشة المجلس لمحتوى التعديلات أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على تمسكه بمراجعة الدستور مراجعة شاملة وذلك بعرضه على الشعب لقول كلمته. وأشار إلى أن"الدساتير التي ارتضاها شعبنا لنفسه بكل سيادة منذ أن استعاد استقلاله قد توخت في كل مرة أول ما توخت تنظيم الدولة تنظيما يوافق رهانات المرحلة والشوط الذي بلغته بلادنا في بناء نظامها الديمقراطي غداة الكفاح الطويل الذي خاضته في سبيل إعادة بناء الدولة الجزائرية المستقلة والجهود الكثيفة التي بذلت في سبيل إرساء أسس البناء الوطني على ضوء الدروس المستخلصة من المأساة الوطنية الأليمة". ودعا الرئيس بوتفليقة بالمناسبة الشعب الجزائري إلى مواصلة دعم مسعى المصالحة الوطنية والمساهمة الفعالة في "إتمام بناء دولة الحق والقانون الراسخة الأركان وبسط ازدهار اقتصادي مستدام قوامه موصول النمو وتنوع الثروات". وأوضح أن رغبته في تكريس هذه المكاسب واستجماع الشروط المطلوبة لتأكيدها أكثر هي التي دفعت به إلى "مباشرة هذا التعديل الدستوري الجزئي عن طريق البرلمان وفقا لأحكام الدستور ذاته"، وجدد في هذا السياق حرصه على ضمان الممارسة الديمقراطية في الجزائر وقال "إن الديمقراطية التعددية مكسب حققته بلادنا ونحن ملزمون بالسهر سويا على الحفاظ عليه وترقيته". وأعرب الرئيس عن أمله في "أن يتفهم سائر الجزائريين والجزائريات مع ما يتاح لكل منهم من تعددية مشروعة في الاختيارات والآراء السياسية المغزى الصحيح والرهانات الحقة للتعديل الدستوري الجزئي" الذي يعرض على البرلمان بعد إصدار المجلس الدستوري رأيه فيه.