مثلما كان محضرا سلفا، حظيت الندوة الصحفية، المشتركة بين الوزير الأول عبد المالك سلال، ونظيره الفرنسي مانويل فالس، باهتمام إعلامي وطني وأجنبي مكثف، أسقط كل التوقعات. لاقت أشغال الدورة الثالثة للجنة الحكومة رفيعة المستوى بين الجزائروفرنسا، متابعة إعلامية مكثفة، وعكس توقعات البعض، فإن خيار المقاطعة الذي اتخذته 8 وسائل إعلامية فرنسية، زاد من الاهتمام الإعلامي بالحدث سواء في أوروبا أو المنطقة المغاربية والعربية. لقد حاولت بعض المؤسسات الصحفية في فرنسا عبثا، أن تقدم نفسها كضحية حرية التعبير والصحافة، بعد رفض الجزائر منح تأشيرة الدخول لصحفي بجريدة لوموند وفريق حصة « لوبوتي جورنال»، ولجأت إلى خيار مقاطعة زيارة الوزير الأول مانويل فالس في لفتة ابتغت منها واجب التضامن. وبينما اكتفى فالس، بتعليق أبدى فيه تأسفا وشدّد من خلاله على ضرورة تطوير علاقات الصداقة، انزلق وزير الخارجية جون مارك أيرو، إلى مستوى لا يليق بآداب الدبلوماسية ولا يرقى إلى مقام الحقيقة، حينما صرح صبيحة أمس، من اليابان « بأن رفض منح التأشيرات مساس بحرية التعبير والصحافة». هل أخطأت الجزائر بعدم منح التأشيرة لهؤلاء الصحفيين؟، وهل يعتبر ما قامت به عرقلة لحرية التعبير؟ هذه أسئلة مباشرة، كان منتظرا أن تطرح على الوزير الأول، عبد المالك سلال، وأجاب بإحالة المهتمين بالموضوع، إلى الدستور الجزائري الذي نص دائما على حرية التعبير والصحافة وتعزز في التعديل الأخير، ببند جديد يمنع تجريم الصحفيين وسجنهم، مؤكدا، أن الجزائر تولي أهمية قصوى لما تعتبره مبادئ أساسية في الحريات. وأشار إلى أن الصحفيين الذين لم يستفيدوا من التأشيرة، طبق عليهم « واجب البلاد في الرد على كل من يتطاول على رموز الدولة ومؤسساتها السيادية، باعتبار ذلك خطا أحمر يمنع تجاوزه على أية جهة كانت». لكن السؤال، ينبغي أن يطرح بشكل مغاير: هل من أخلاقيات المهنية وحرية الصحافة التطاول على مؤسسات دستورية بحجم رئيس الجمهورية، وتوظيفه في « موضوع فضحية» دون أن تكون له علاقة مباشرة أو غير مباشرة؟. الصحافة معروفة، بأنها تحشر أنفها فيما لا يعنيها، وكان ذلك من بين الأسباب التي عرضت أحد مراسليها العام الماضي للصفع بدولة إفريقية، دون أن تأخذ زملاءه أنفة التضامن والتنديد بفعل غير مقبول كهذا. وبعيدا عما تعتبره، الطبقة السياسية في الداخل محاولة لضرب استقرار الجزائر، يمكن وضع خرجات وسائل الإعلام الفرنسية، في إطار مساعي « شيطنة العلاقة بين رمزية منصب رئيس الجمهورية والشعب»، ويمكن فهمها، على أنها انعكاس لغاية جهات سياسية فرنسية نافدة، لم تعجبها صراحة الدبلوماسية الجزائرية في ملف الصحراء الغربية، وتريد تغيير قاعدة الشراكة «رابح- رابح». كان الابتزاز بمقاطعة زيارة فالس للجزائر، آخر ورقة لعبتها بعض المؤسسات الإعلامية الفرنسية، طمعا في الانتصار لنفسها أمام دولة ذات سيادة، وليس لحرية التعبير كما تزعم، لكن الورقة سقطت في الماء وانتصرت المبادئ والأخلاقيات على «الشيطنة الإعلامية».