أسفر التعديل الوزاري الجزئي الأخير، عن خلو تشكيلة الحكومة ولأول مرة منذ سنوات من رؤساء الأحزاب، حيث سيتفرغ هؤلاء كلية للعمل السياسي والتحضير للمواعيد الانتخابية المقبلة. في وقت ينتظر من الوزراء المعينين حديثا ترك بصمة بارزة تماشيا والظرف الاقتصادي. خلا الطاقم الحكومي الناجم عن التغيير الجزئي الذي أجراه رئيس الجمهورية، في السادس من رمضان، من رؤساء الأحزاب السياسية، حيث كان عمار غول المغادر نحو مجلس الأمة، آخر من يجمع بين مهام وزارية ورئاسة حزب، وقد كان حضور رؤساء أحزاب (خاصة الأفلان والأرندي) سمة بارزة في أغلب الحكومات المتعاقبة منذ 1999. وقبل عمار غول، كان رئيس حزب الجبهة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، قد تولى حقائب عدة وزارات منذ 2012، قبل أن يتقرر خروجه من الحكومة صيف العام الماضي، واستبداله ببختي بلعايب على رأس وزارة التجارة. الغياب الكلي لرؤساء التشكيلات السياسية، من الطاقم الحكومي، لا يعني خلو الأخير من وزراء متحزبين، حيث بات الحزب العتيد الأكثر تمثيلا بأكثر من 10 وزراء، يليه الأرندي ب5 وزراء. وسواء كان خروج رؤساء الأحزاب من الحكومة برغبة من رئيس الجمهورية، في إعطاء دفع نوعي للعمل السياسي أو لحسابات تتعلق برهانات المرحلة الاقتصادية بالنسبة للدولة، من المتوقع أن ينتعش الحراك الحزبي على صعيد الهياكل الداخلية والأداء النضالي مع القواعد بسبب التفرغ الكامل لهؤلاء. وبالنسبة لغالبية الأحزاب الناشطة في الساحة، فقد انطلق السباق مبكرا نحو المجالس الانتخابية، التي ستسفر عنها الاستحقاقات التشريعية والبلدية المنتظرة العام المقبل، وإن تخرج الأمور للعلن فقد بدأ الحديث عن القوائم وحشد القواعد النضالية على مستوى الولايات يطغى على اللقاءات التنظيمية لها، ما يعني أن رؤساء الأحزاب شرعوا مبكرا في تنفيذ المهام التي تضمن مشاركة مشرفة في الانتخابات. وفي حال استمرار الواقع الحالي، سيكون قادة الأحزاب الداعمة لبرنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، على موعد مع أجندة مكثفة، إلى غاية خريف 2017، حيث سيعكفون على ضبط تشكيلاتهم ومناضليهم مع المستجدات التي حملها دستور 2016، والتغييرات التي ستدخل على قانون الانتخابات التي ستناقش الأسبوع المقبل بالغرفة السلفى للبرلمان، ووضع خطط عملية تمكنهم من دخول غمار المنافسة بالشكل اللازم. وقد أثبت التجارب، أن عدم انتماء الرجل الأول لأي حزب للحكومة، يتيح له تخصيص وقت أكبر للقاء إطارات حزبه وبحث كافة القضايا المتعلقة بالمشاكل الداخلية أو الجوانب التنظيمية أو المنافسة السياسة، بدليل أن الوزارء المناضلين، لا يقتصر حضورهم داخل أحزابهم إلا على المناسبات الكبرى كالمؤتمرات واللجان المركزية والمجالس الوطنية، بالنظر إلى حجم الالتزامات التنفيذية. ويسمح الابتعاد عن الحكومة، لرؤساء الأحزاب من الاقتراب أكثر من تطلعات المواطنين ومناقشة انشغالاتهم قصد إعداد برنامج سياسي يتماشى مع تطورات المجتمعات، بحثا عن ثقة الشعب وسعيا لتحقيق الأهداف الانتخابية. على صعيد آخر، شمل التغيير الحكومي الأخير، وزارات يرتبط بها مصير تنويع الاقتصاد الوطني وإخراجه من دائرة التبعية للمحروقات وكذا مواجهة الصدمة الناجمة عن انهيار أسعار البترول، حيث ينتظر من الوزراء الجدد تحقيق بصمة بارزة في أقرب الآجال لأن مقتضيات الظرف تفرض التصرف بشكل سريع.