بإقرار النظام المتعلق بالانتخابات شرط تحصيل 4 بالمائة من أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية والمحلية في طبعتها الأخيرة، تكون قيادة مختلف التشكيلات السياسية أمام خيار وحيد، ممثل في مراجعة حساباتها، بما يحسن تموقعها، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال استرجاع الوعاء الانتخابي بالنسبة للبعض، ومحاولة الحصول عليه بالنسبة للبعض الآخر، ذلك أن البقاء لن يكون إلا للأحزاب الفاعلة سواء كانت محسوبة على الموالاة أو المعارضة. النتائج الهزيلة التي حققتها الأحزاب الصغيرة خصوصا والمعارضة على وجه التحديد، والتي أدت إلى تراجعها في الساحة السياسية وتدحرجها في المواقع، مثلما هو الشأن بالنسبة للأحزاب المنتمية للتيار الإسلامي، سيجعل قياداتها تراجع حساباتها، لاسيما وأن أشهرا قليلة تفصلنا عن الاستحقاقات الانتخابية للعام 2017. وفي الوقت الذي تحدث نواب المعارضة بالمجلس الشعبي الوطني، عن إقصاء للتشكيلات الفتية والتي لم تحصل نسبة مقبولة من أصوات الناخبين، نبه فيه وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي، إلى الغاية الحقيقية من إقرار النسبة، التي يعول عليها في أن تكون حافزا لها، للنزول إلى الميدان والاقتراب من المواطنين في محاولة لإقناعهم ببرامجها وتوجهاتها، لتتمكن من الحصول على ثقتهم وأصواتهم، التي تمكنها لاحقا من تمثيل برلماني وعلى مستوى المجالس المحلية المنتخبة. وعلى الأرجح، فإن القانون الجديد سيضع حدا للنشاط السياسي المناسباتي، المقترن بالانتخابات لتعود التشكيلات إلى قوقعتها بمجرد الإعلان عن النتائج، وكأن النشاط السياسي يقتصر على الاقتراع، فعلى كثرة الأحزاب، إلا أن نسبة العزوف عن أداء الحق والواجب الانتخابي لم تتراجع، ما يؤكد أنها لا تؤدي دورها في الميدان. ويقتصر النشاط السياسي على نفس الأحزاب ويتعلق الأمر بأحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وحزب العمال، وجبهة القوى الاشتراكية، فيما لم تتمكن بعض الأحزاب مثلما هو الشأن بالنسبة لحركة مجتمع السلم وحركتي النهضة والإصلاح الوطني، التي تكتلت تحت لواء تكتل الجزائر الخضراء. وفي غضون ذلك تمكنت بعض الأحزاب الجديدة التي تحصلت على اعتمادها بعد مراجعة قانون الأحزاب السياسية، مثلما هو الشأن لجبهة العدالة والتنمية والحركة الشعبية الجزائرية، وكذا تجمع أمل الجزائر تاج، من افتكاك تمثيل بالبرلمان في تشريعيات 2012، رغم أنها أول مشاركة لها. وستكون بذلك الأحزاب أمام خط انطلاق جديد هو الميدان، الذي سيكون الفيصل وعليها أن ترفع تحدي الحصول على ثقة الناخبين، من خلال الاقناع ببرامجها، ولن يكون هناك مجال إلا للتشكيلات التي تفرض وجودها، على أن تحدد نتائج الاقتراع موقع كل واحدة منها، والمشهد السياسي للمرحلة المقبلة، ولن يكون المجال أيضا إلا لمن افتك تمثيل محترم، لاسيما وأن الحصول عليه على سبيل المثال بالمجلس الشعبي الوطني مرتبط بتحصيل 5 بالمائة على الأقل من الأصوات.