بعد مرور شهرين على المجزرة الصهيونية الأخيرة في قطاع غزة بل المحرقة الصهيونية والتي راح ضحيتها أكثر من الف وخمسمئة من أبناء شعبنا أكثرهم من الأطفال والنساء والاف الجرحى والمعوقين وتدمير البنية التحتية جرت الانتخابات الصهيونية ..هذه الانتخابات أظهرت على الحلبة السياسية أحزابا صهيونية يمينية عنصرية متطرفة لها ثقلها ومؤيديها..أحزاب لعبت دورا كبيرا ومؤثرا في تركيبة الحكومة الصهيونية الحالية والتي تعتبر من أكبر وأكثر الحكومات تطرفا وعنصرية منذ انتصاب الكيان الصهيوني على أرضنا قبل واحد وستين عاما، ومن أبرز هذه الأحزاب حزب يسرائيل بيتينو''اسرائيل بيتنا'' بزعامة الصهيوني العنصري الحاقد أفيغدور ليبرمان والذي يدعم فكرة الترحيل الجماعي للفلسطينيين''الترانزفير،'' ناهيك عن رئيس هذه الحكومة نتنياهو والذي يطالب بالاعتراف بيهودية الدولة والذي يعني دعم فكرة هذا التهجير والغاء حق العودة. ومن الذين فازوا في هذه الانتخابات أيضا ارييه الداد وهو أخصائي في جراحة التجميل ويحمل ويدعم فكرة اعتبارالأردن كوطن بديل للفلسطينيين باعتبار أن غالبية المواطنين في الأردن هم من أصل فلسطيني. لقد أطل علينا قبل أيام قليلة النائب العنصري الحاقد''أليكس ميلر'' والذي ينتمي الى حزب''يسرائيل بيتينو'' بطرح مشروع قانون يقضي بعدم السماح باحياء يوم النكبة الفلسطينية. وقد أقرت اللجنة الوزارية في حكومة بنيامين نتنياهو لقضايا التشريع مشروع هذا القانون والقاضي بمنع الفلسطينيين من إحياء ذكرى النكبة في اليوم الذي تحيي فيه''إسرائيل'' ذكرى قيامها، وأن تصل عقوبة من يحيي هذه النكبة في يوم كهذا إلى السجن حتى ثلاث سنوات، وتعني المصادقة على مشروع القانون في اللجنة الوزارية ان الائتلاف الحكومي مؤيد للمشروع، مما يضمن مرور القانون في التصويت في الهيئة العامة ''للكنيست الصهيوني.'' وبعد أيام قليلة من اقرار هذا القانون أقرت''الكنيست'' قانوناً بالقراءة التمهيدية يعاقب كل من يقوم بأي نشر يعارض وجود اسرائيل كدولة ''يهودية وديموقراطية، وينص القانون على أن اي تعبير عن معارضة الدولة اليهودية من شأنه أن يؤدي الى كراهية أو تحقير أو حنث الولاء للدولة ومؤسساتها، يعتبر مخالفة جنائية يعاقب عليها بالسجن لمدة سنة.ومقدم القانون هو النائب زبولون أورليف من حزب''البيت اليهودي،'' وخلال تقديمه لهذا القانون هاجم أورليف الدكتورعزمي بشارة قائلا بأن مواقفه المناهضة للدولة اليهودية قد أدت للمس بأمن الدولة . هذا على الصعيد الصهيوني، وأما على الصعيد الفلسطيني والذي تعصف به حالة من الانقسام والتشرذم لم نعهدها من قبل، فقد قام السيد محمود عباس بتشكيل حكومة فلسطينية فاقدة الهوية برئاسة سلام فياض..كنا نتمنى أن يقوم السيد أبو مازن بمواجهة الحكومة الصهيونية وما تحمله من مخططات كل ما تهدف اليه هو تهميش أبسط الحقوق الفلسطينية..نعم كنا نتمنى من سيادته تبني سياسات وتحركات تقوم بتوحيد الشارع الفلسطيني أو على الأقل تجمد حالة الخلافات القائمة بين حركتي فتح وحماس،هذه الخلافات التي ألقت بظلالها على الوضع الفلسطيني برمته، ولكن وللأسف فان ما حدث معاكس تماما لتمنياتنا، فقد تم الاعلان عن حكومة جديدة لا نعرف ما هي الحكمة من وراء تشكيلها..فهي حكومة تزيد وتوسع وتعمق هوة الخلافات مع حركة حماس وقد تؤدي الى نسف عملية الحوار معها، هذا الحوار المأزوم أصلا..وهي حكومة جاءت لتمزيق الصف الفتحاوي المتمزق بطبيعة حاله..وهي حكومة قد توتر العلاقات مع النظام المصري الذي يدعم وينحاز الى اقطاعية رام الله..وباختصار شديد، هي حكومة لا يمكنها تحقيق أي مكاسب وانجازات لأنها أتت تلبية لمطالب واملاءات أمريكية واستجابة وارضاء لرغبات صهيونية. ان هذه الحكومة فاقدة الشرعية فعلا..فحماس ترفضها جملة وتفصيلا، وكتلة حركة فتح في المجلس التشريعي تدينها ادانة شديدة، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تقاطعها وتعلن الطلاق منها، وأما حزب الشعب الفلسطيني فيعلن البراءة منها. اننا نفهم أن تقوم حركة حماس بمقاطعة هذه الحكومة لأنها قامت بمقاطعة الحكومات التي سبقتها والتي ترأسها سلام فياض، لكن أن تقوم حركة فتح وهي حزب السلطة بادانتها فهذا أمر غاية في الخطورة وله دلالات واقعية وهي أن هذه الحكومة ليست وحدها فاقدة الشرعية وانما سلطة رام الله برمتها فاقدة الشرعية أيضا، ولم تعد هذه السلطة ممثلة لحركة فتح بل للشعب الفلسطيني كله. ان الحكومات الفلسطينية المتعاقبة وبالتحديد تلك التي جاءت بعد الانقسام الفلسطيني والحسم العسكري في غزة لم تتمكن من القضاء على البطالة والفقر والبؤس بل أصبحت تعكس حالة الانقسام وتعرقل كل المحاولات التي تهدف الى تقريب وجهات النظر بين الاخوة الأعداء، وقد ترجمت هذا الوضع التركيبة الحالية لحكومة عباس وفياض، بل انها قد تدق المسمار الأخير في نعش الحوار بين حركتي فتح وحماس المتعثر أصلا. ان منطقتنا العربية مقبلة على تطورات قد تكون الأخطر في تاريخها، فالادارة الامريكية تستعد لاطلاق مبادرة سلام جديدة، تلغي المبادرة العربية عمليا، من خلال اسقاط كل النقاط التي تحفظت عليها الحكومة الصهيونية مثل حق العودة للاجئين الفلسطينيين، مضافا الى ذلك بند بتوطينهم في الدول التي يقيمون فيها، وآخر يكرس الكيان الصهيوني كدولة يهودية.وقد رفع الكيان الصهيوني في الأيام الأخيرة ثلاثة لاءات أمام قيام دولة فلسطينية والعودة إلى حدود 1967 وتجميد حركة الاستيطان، رغم إبدائه إرادة في الانفتاح، بعد اللقاء الأخير بين رئيس وزرائه نتانياهو والرئيس باراك اوباما. وابدي نتانياهو ''تحفظاته'' على قيام دولة فلسطينية مستقلة، معارضا أن يكون لهذه الدولة جيش وان تسيطر على حدودها. وما زال نتانياهو مصرا على رفضه الحل المبني على دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا إلى جنب، وهو الحل الذي تنص عليه خارطة الطريق،وخطة السلام الدولية التي أعلنتها اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط )الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة( في 2003 ووافقت عليها''إسرائيل.'' وفي النهاية بامكاني القول ان حكومة نتنياهو جاءت لتوحيد الصف الصهيوني الموحد أصلا، بينما جاءت حكومة عباس وفياض لتكريس وتمزيق الصف الفلسطيني الممزق والمأزوم أصلا..وهذا هو الفرق ما بين حكومتهم وحكومتنا. وبالامكان وصف الوضع الفلسطيني الحالي بالمثل العامي'':عورة بتكحل مجنونة وطرشة بتتنصت عالباب..''رحم الله قائل هذا المثل وأعانك الله على حكومتك يا شعب فلسطين.!..