ثمّنت المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، أمس، التجربة الجزائرية في مجال إصلاح منظومتها العقابية، تكريسا لحقوق الإنسان والأشخاص الموقوفين، مما جعلها “سبّاقة” في هذا المجال مقارنة بغيرها من الدول العربية. على هامش أشغال دورة تكوينية، تمحورت حول “الإصلاح في السجون حسب المعايير الدولية لحقوق الإنسان''، أشادت المديرة الإقليمية للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، تغريد الجبر، ب “الحرص'' الذي لمسته لدى المؤسسات الحكومية الجزائرية في إرساء “رؤية واضحة” فيما يتعلق بمنظومتها العقابية، وذلك من خلال “العمل على نفاذ القانون وتكريس حقوق الإنسان كمعيار أساسي، استنادا إلى المعايير الدولية التي تعد المرجعية”. وينعكس هذا الحرص، بحسب الجبر، من خلال “الالتزام بالمعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وتحسين البنية التحتية للسجون”، مبرزة أن الجزائر عملت على “تعديل إطارها التشريعي الناظم لهذا المجال وعلى رأسه الدستور، فضلا عن ترسانتها القانونية المسيرة لقطاع العدالة”. ومن أهم الإجراءات التي تحسب لصالح الجزائر في هذا الإطار، تضيف ذات المسؤولة، تطويرها لبرامج خاصة بالعقوبات البديلة، حتى يصبح الحجز هو الحل الأخير في بعض القضايا التي لا تستدعي هذا النوع من العقوبات. ويضاف إلى ما سبق ذكره، تطوير الجزائر لبرامج تتعلق بإعادة الإدماج، ترمي إلى التقليل من نسبة العود الإجرامي وهي التجربة التي تحرص المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، تقول السيدة الجبر، على “نقلها للدول العربية الأخرى التي لاتزال متأخرة في هذا المجال”. وبخصوص الورشة التدريبية، أوضحت الجبر أنها تعد السابعة من نوعها، حيث كانت قد سبقتها ورشات أخرى احتضنتها عديد الولايات، على غرار بسكرة وعنابة. تأتي هذه الورشة، استكمالا لبرنامج عمل كانت قد شرعت فيه المنظمة، بالتعاون مع وزارة العدل واللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، يرمي إلى التعريف بالتعديلات القانونية المتعلقة بتكريس حقوق الأشخاص الموقوفين وفقا للمعايير الدولية ذات الصلة بهذا المجال. من جهته، أشار الأمين العام للجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، عبد الوهاب مرجانة، إلى أن الغاية من هذه الورشة “الرفع من قدرات المعنيين بتنفيذ القانون من درك وشرطة وقضاة ووكلاء الجمهورية، تمشيا مع المعايير الدولية المسيرة لهذا المجال”، مثل إعلان بانكوك والقواعد الدنيا لمعاملة المحبوسين الصادرة عن الهيئة الأممية عام 1975 والمعدّلة سنة 2015 والمتعارف عليها ب “قواعد نيلسون مانديلا”. كما أكد في ذات الصدد، أن المؤسسات العقابية بالجزائر “تستجيب لهذه المعايير”، حيث أنها “خطت أشواطا كبيرة في هذا الإطار وهذا بشهادة دولية”. وفي نفس المنحى، ذكر المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، مختار فليون، بمسار الإصلاحات المتواصلة التي كانت قد باشرتها الجزائر، من خلال “تبنّي سياسة عقابية تهدف إلى الوقاية من الانحراف ومنح فرصة ثانية لمن ضلوا الطريق”. كما أشار إلى أنه يجري حاليا إنشاء مؤسسات عقابية جديدة “تتوافر على كل المعايير الدولية” من أجل تعويض المؤسسات القديمة التي سيتم غلقها.