دخل الإرهاب مرحلة جديدة من استراتيجيته الهدامة حيث وجد في دول الساحل الصحراوي منطقة خصبة لاستقطاب أتباع جدد والقيام بعمليات استعراضية تكشف العديد من الخلفيات حول ملف الإرهاب الذي بات شبحا أو لغزا حقيقيا حول وجوده من عدمه، فتطور آفة العنف في العالم يظهر وأنه أمر يصنع في المخابر لتحقيق أغراض سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية وثقافية وعسكرية، غير أن تلك الجماعات الدموية الموجهة من المخابر التي ولدت ونشأت فيها تمكنت بمرور الأوقات من الإنقلاب على الدول الغربية على غرار ما يجري في أفغانستان، كما أن هذا السيناريو يمكن أن ينطبق على عديد الجماعات الإرهابية في العالم والتي قد تكون القاعدة في بلاد المغرب العربي واحدة منها وفي ظل استمرارا تعنت الغرب في التعاون مع مختلف الدول التي تعاني من هذه الآفة لأسباب واضحة وأخرى خفية يبقى الإرهاب يستثمر في مناطق الفقر والبؤس لتقوية شوكته ويقوم بعمليات جديدة آخرها كان الاعتداء على السفارة الفرنسية بالعاصمة الموريتانية نواقشط.تزامنت العملية الانتحارية ضد السفارة الفرنسية بنواقشط مع انتخاب الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد عبد العزيز وتأكيده في الخطاب الذي ألقاه على مواصلة محاربة الإرهاب ، غير أن التفجير الذي استهدف سفارة فرنسا جاء بعد أيام من تهديدات القاعدة لدولة ساركوزي بالانتقام من تعامل الإليزيه مع قضية الحجاب والبرقع التي أحدثت جدلا كبيرا وانقسامات بفرنسا وبالتالي فتجسيد القاعدة لتهديداتها تطور بشكل ملفت للانتباه ويعكس مدى تجذرها وانتشارها في دول الساحل التي باتت وجهة مفضلة إليها أو مجبرة على التنقل إلى هناك بحكم توجيهات المخابر بالنظر لما توفره من مؤونة وتدريب وسهولة التنقل والتمويه. انتقال الجماعات الإرهابية للساحل ليس بريئا يظهر أن انتقال الجماعات الدموية إلى دول الساحل ليس بريئا لأن نشاطها بهذه المنطقة ظهر ونية العديد من الدول الغربية في الدخول للاستثمار في إفريقيا وضمان حقها من الثروات الباطنية التي تشكل محور ونقطة صراع الغرب الذي يعمل كل شيء من اجل ضمان منابع الطاقة والنفط، فالولاياتالمتحدةالأمريكية التي تعتزم إنشاء الأفريكوم / قواعد عسكرية/ بكل الطرق في القارة الإفريقية لتأمين مستثمراتها المستقبلية في مجال النفط بعد أن أكد البيت الأبيض أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستعتمد على إفريقيا بدءا من 2020 في تمويلها بالنفط والتقليل من التبعية للشرق الأوسط وعليه فلا يوجد أحسن من خلق سيناريو مثل أفغانستان والعراق لتبرير التدخل عسكريا في مختلف الدول الإفريقية ومحاصرة الصين ومختلف الدول الأوروبية التي حققت العديد من المكاسب في القارة الإفريقية. وقد بدأ مشروع الأفريكوم مع الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون الذي زار العديد من الدول الإفريقية وتبعه جورج بوش وتواصل هيلاري كلينتون كاتبة الدولة للخارجية الأمريكية مساعي بلادها للبحث عن أنجع السبل والأماكن لتجسيد المخطط لتأمين منابع النفط والطاقة فمن كينيا إلى انغولا وجنوب إفريقيا ومرورا بنيجيريا ودول أخرى غنية بالثروات الطبيعية يظهر أن ادراة أوباما عازمة على تجسيد الأفريكوم في شقها العسكري قبل الشروع في تنفيذ الشق الاقتصادي. واستغلت فرنسا واسبانيا مؤخرا تطورات الوضع الأمني في شمال مالي بين حركات التوارق والحكومة المالية وبعثت بعسكريين وخبراء لمالي لعرض المساعدة ومنه ضمان نفوذ في هذه المنطقة التي تشير كل التقارير إلى غناها باليورانيوم والنفط . دول الساحل مطالبة بالتنسيق فيما بينها وإلا.... تقوم الجزائر بمجهودات جبارة لتكثيف جهود محاربة الإرهاب مع دول الساحل ,وتتعاون الجزائر بحسن نية مع مختلف الدول فلم تبخل لا بقدراتها الاستخباراتية ولا بقدراتها العسكرية وسخرت إمكانياتها للبحث عن مختلف المختطفين من الأجانب في 2004 و 2009 في الوقت الذي كانت دولا أخرى تتفاوض مع الجماعات الدموية حول قيمة الفدية وهي معاملات تعكس هشاشة عديد الدول التي تدعي محاربتها للإرهاب وفي نفس الوقت تخضع لمطالب الإرهابيين بدفع المال. واستغلت الجماعات الدموية تلك الأموال في اقتناء أسلحة ومتفجرات واستعملتها ضد الجزائر وهو ما أدى ببلادنا إلى اقتراح مشروع قرار يجرم منح الفدية للارهابيين. كما قامت الجزائر بمساعدة دولة المالي دبلوماسيا وعسكريا واقتصاديا لتجاوز أزمة كيدال والوصول إلى اتفاق شامل يحمل العديد من الجوانب للتخلص نهائيا من الإرهاب. وستكون دول الساحل من موريتانيا التي باتت هدفا سائغا للارهابيين الانخراط فيما بينها لمواجهة الآفة وعدم السماح للغرب من التوغل وإيجاد الذرائع لإقامة قواعد عسكرية وتكرير تجربة الصومال وأفغانستان والعراق في دول الساحل وهو ما سيكلفنا الكثير من الخسائر مع إمكانية فقدان السيادة. وتستغل مختلف الدول الغربية المسيطرة على العالم الترويج للإرهاب من أجل ضمان صفقات أسلحة جديدة تنقذ مصانعها من الإفلاس ونهب أموال التنمية الموجهة لمختلف الشعوب في العالم الثالث التي لا تفهم ما يجري حولها، فمن مشاكل الغذاء والفقر أصبح هاجس الأمن يلاحقها في كل مكان. وطغى مؤخرا استغلال كل ما هو إسلامي لارتكاب المجازر والتقتيل الوحشي مثلما حدث بالصين مع جماعات الأيغور وكذا بنيجيريا أين تم تسجيل 750 قتيل مسلم في 3 أيام وهو ما من شأنه أن يفضح التحرشات بالمسلمين بإيعاز من الدول الغربية والتي لا تلقى الردود العنيفة لا لشيء سواء لأن الضحايا من المسلمين ,وهو ما يزيد من تغذية التطرف والارهاب. العمليات الأخيرة في الجزائر تحمل البصمة الخارجية عكست العمليات الأخيرة التي نفذتها الجماعات الدموية بالمنصورة والداموس بصمة التوجيه الخارجي حيث استهدفت العمال الأجانب وعناصر الجيش والدرك الخاصة بالتأمين واللوجستيك دليل على اندثار الجماعات الدموية وسعيها لجمع شتاتها وتقوية نفسها بالأسلحة تحسبا للقيام بعمليات في الأشهر القادمة واستهداف العمال الأجانب والشركات الأجنبية الموجودة في الجزائر بهدف إضعاف الاقتصاد الجزائري وتسويد صورة الاستثمارات في بلادنا. كما أن تصعيد العمليات يأتي في كل مرة تتخذ الجزائر قرارات في صالح اقتصادها أو للقضاء على بوادر الأزمة وهو ما يعني أن أطرافا خارجية لا تريد الخير للجزائر. وأخيرا تعكس بعض السلوكات الإرهابية رفضها للتوجيهات الخارجية والانقلاب على المخابر التي ولدت بها بالنظر لإخلال الدول الغربية بوعودها تجاه الجماعات الإرهابية التي أيقنت أنها ضحية مغالطات خارجية تعدها بأشياء كبيرة ثم تحاول الفتك بها بمجرد قضاء تلك الدول الغربية مصالحها. بوغرارة عبد الحكيم