تتسار الأحداث في دول الساحل الإفريقي بشكل يوحي بوجود صرا كبير بين عديد الدول من أجل التموقع في المنطقة وتحقيق الاستراتيجيات المستقبلية الخاصة بالقوى العظمة والمتمثلة في السيطرة على منابع الطاقة والتحكم في الاقتصاد العالمي وزر الأنظمة الموالية، في سياق الوصول إلى العولمة وإرساء معالم نظام جديد يخدم التوجهات الأمريكية ويقضي على كل ما هو معادي للصهيونية والمذهب الإنجيلي الذي تعول عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية لاستقطاب الشعوب واستمالتها وبالمقابل تسويد صورة الإسلام والعرب من خلال ربطها بالإرهاب. برزت الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا كقوى مؤثرة على التعامل مع ملف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي حيث بمرور الوقت تبين أن هذا التنظيم الشبح يخضع لتحكم ذكي ومحكم يتحرك متى يؤمر ويقلل من النشاط من خلال مؤشرات مشفرة اتضحت بمرور الوقت بأنها صادرة عن مخابر غربية لا تعترف إلا بالمؤامرات والسلاح والجريمة المنظمة لانتهاك حرمات الدولة والسيطرة على منابع الطاقة ومنه استصدار حقوق الشعوب في التنمية وما يحدث في دول الساحل الصحراوي يعكس الدناءة والانحطاط واندثار القيم في العالم الغربي الذي يستغل استخباراته وعملائه والعديد من كبرى وسائل الإعلام لتكوين رأي عام عالمي يؤمن بوجود تنظيم إرهابي في الساحل ومنه الحصول على الشرعية الدولية للتدخل في الساحل الصحراوي وهو ما يحدث حاليا، حيث يحضر البيت الأبيض لمناورات عسكرية ضخمة في المالي، كما أن آخر المعلومات تقول بأن فرنسا تنوي إقامة العديد من القواعد والمطارات العسكرية بحجة محاصرة الجماعات الإرهابية لدول الساحل. وفي سياق متصل، تكشف هذه التحركات عزم الولاياتالمتحدةالأمريكية تثبيت ''الأفريكوم'' في قلب القارة الإفريقية لعديد الأغراض وأهمها قطع الطريق أمام الصين وتحصين الدفاعات الأمريكية في الشرق الأوسط وغرب الجزيرة العربية من خلال التشويش على السودان والضغط عليه لإجراء استفتاء التقسيم لتسهيل دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية المنطقة بوعود من الجنوبيين في حال الاستقلال ومنه ضمان قواعد إستراتيجية في شرق إفريقيا، حيث وبعد الصومال سيكون جنوب السودان مركز استراتيجي ستستغله الولاياتالمتحدة مستقبلا لتعزيز ''الأفريكوم''، إذا ما تم تثبيته في دول الساحل ومنه ربط شرق القارة الإفريقية بغربها من خلال حزام يمتد من موريتانيا إلى السودان وهو ما يعني التحكم في القارة الإفريقية ومراقبة كل شيء ومنه التأثير على توجهات القارة وكسر شوكة المعادين للغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية تحت مطية محاربة الإرهاب. وتأتي هذه التحركات الغربية المشبوهة التي لم تعد خافية عن العيان في ظل سعي الجزائر لم شمل دول الساحل الإفريقي وتحسسيها للتصدي للمخططات الغربية التي تستهدف تدمير خطط التنمية وتشجيع الأسواق الموازية ونشر الفوضى لبسط طريق السيطرة، وهو ما لقي بعض التجاوب، لكن ليس بالحدة المطلوبة، لأن تسار الأحداث في الساحل من كثرة عمليات الاختطاف وانتشار عدم الاستقرار وكثرة الانقلابات العسكرية وزيادة نشاطات المهربين دليل على أن المرحلة القادمة ستكون حاسمة وحساسة وعلى دول الساحل الانخراط في جهود الجزائر التي تهدف للحفاظ على مصالح الدول دون التدخل في شؤونها الداخلية وهذا لتطوير التنمية المستدامة وتوسيعها للقضاء على أسباب انتشار اللاأمن والجرائم المنظمة، ومنه تأمين المنطقة مما حدث في العراق وأفغانستان وغيرها من بؤر التوتر التي تصب في حسابات صقور ''البنتاغون'' والصهاينة، وعليه فدول الساحل أمام خطر كبير يهدد تواجدها وإن لم تتوفر النوايا الحسنة، فالغد غير مضمون مع وجود فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية واسألوا رواندا وغينيا وليبيريا... إن كنتم لا تعلمون.