ارتفعت شكاوى المواطنين حول تأخر وصول دفاتر شيكات البريد التي تمكن المواطن من سحب الأموال من مراكز البريد، حيث يضطر المواطن إلى الاستنجاد بشيكات ''النجدة''، كما يطلق عليها بالإضافة إلى تقديم نسخة طبق الأصل لبطاقة التعريف الوطنية، وتتسبب هذه الإجراءات في عديد المشاكل بين أعوان البريد والزبون، لأن الإمضاءات الموجودة في الحواسيب قد تختلف عن إمضاءات بطاقة الهوية الوطنية وهو ما يجعل سحب الأموال صعبا للغاية. وجد العديد من المتقدمين لمسابقات التوظيف وكذا الذين أنهوا مراحل التكوين صعوبات جمة لاستكمال ملفات العمل التي تتضمن في المرحلة النهائية ضرورة تقديم شيكات بريد مشطوبة وهو ما عجز العديد من المتقدمين للوظائف من تقديمه وبالتالي قد يحرمون من التوظيف. وتعود أزمة نقص الشيكات البريدية إلى سنوات حيث وبعد قرار سلطات البريد تخفيض عدد الشيكات في الدفتر الواحد من 25 إلى 10 شيكات جعل الأوضاع تتفاقم في ظل الاستعمال المفرط للشيكات وعدم تقدير سلطة البريد لعواقب القرار، كما أن نقل مركز إصدار الصكوك من العاصمة إلى بئر توتة قد زاد من تعقيد المأمورية بالرغم من الحديث عن اقتناء تجهيزات جد متطورة لنسخ الشيكات البريدية التي تم إعادة عددها إلى 20 صكا كخطوة أولية لتخفيف الضغط عن مراكز إصدار الصكوك البريدية، لكن العديد من المواطنين يعانون من تأخر فاق الشهرين، وهو ما زاد من حالات القلق والاضطراب لديهم. ويحصى لدى بريد الجزائر أكثر من 10 ملايين زبون يملكون أرصدة وتقتطع سنويا من حساباتهم بين 100 و150 دينار، وهو ما يعني أن الزبائن يدفعون أكثر من 100 مليار سنتيم دون أن يستفيدوا من خدمات راقية تعكس التفتح الذي عرفه قطاع البريد منذ سنوات والمستقل عن قطاع الاتصالات غير أن هذا الهامش من الحرية أدخل قطاع البريد في العديد من المشاكل، فمن نقص السيولة إلى الاختلاسات والفضائح ودخول المحاكم والصراعات الداخلية التي جعلته يؤجل انتعاشه بالرغم من الإمكانيات الضخمة التي يمتلكها والشبكة الواسعة التي يمكن أن تكون مصدرا لخلق استثمارات وقيم مضافة. ويبقى البريد بعيد كل البعد عن الخدمات الموجودة لدى جيراننا خاصة في مجال البريد السريع، حيث تسيطر عليه شركات متعددة الجنسيات لا تملك أكثر من 10 مكاتب على المستوى الوطني غير أنها تجني أرباحا بملايين الدولارات سنويا. كما يعاني قطاع البريد في بلادنا كثير من الاختلالات التي تحتاج إلى إصلاحات عميقة للقضاء على هذه المشاكل المفتعلة والغريبة في السنوات الحالية التي توفر تكنولوجيات عالية ومتطورة تقطع جميع التبريرات التي يتحجج بها بعض المسؤولين حول فشلهم في تسيير مراكز بريدية.