أعطت الفيدرالية الأوروبية لجمعيات الجزائريين بالمهجر صورةً قاتمةً عن المساجين الجزائريينباسبانيا والحراڤة والمفقودين الذين تعيش عائلاتهم وذويهم على أحر من الجمر لمعرفة مصيرهم المجهول ومعاناتهم وعذابهم الأليم. وقالت الفيدرالية في لقاء أمس مع الإعلام بدار الصحافة الطاهر جاوود أنه لا بد من التحرك الوطني الفاعل من أجل تسوية نهائية للملف المعلق، وعدم ترك نزيف الحراڤة يخرق جسم الجزائر ويجردها من طاقاتٍ كان من الممكن أن توظف في البناء والإنماء. وذكر نور الدين بلمداح رئيس الفيدرالية الأوروبية لجمعيات الجزائريين ومقرها اسبانيا انه لا بد من فعل شيء ما للحراقة يقنعهم بان ركوب أهوال البحر وأمواجه العاتية العالية ليس الحل ولم يحقق الحلم الوردي. لكنه عكس هذا يزيد في جرح مأساة وطنية لا يمكن الاستخفاف منها والاكتفاء بعلاجها الأمني، عبر تشديد الحراسة وتجريم المتورطين، لأن هذا الحل ثبت قصوره في تجاوز المحنة وتسويتها من الأساس والجذور. ويثبت ذلك تزايد عدد الحراقة المضطرد بمجرد اتخاذ التدابير الأمنية وتشديد الحراسة التي تشجعها أوروبا وتنظر إليها بعين الرضا، وبروز قانون تجريم الفاعلين المهاجرين غير الشرعيين. ولم تمنع تنامي الموجة التدابير الخاصة التي اتخذتها البلدان الأوروبية، لا سيما ايطاليا، من الزج في السجن بلا محاكمة كل مهاجر غير شرعي، وطرده إلى وطنه الأصلي بمجرد نفاذ عقوبة تسع سنوات سجنا يقرها القانون الجديد . لم تمنع العقوبات المقرة في القانون الايطالي ضد ربان السفن التي يعثر على متنها حراقة من تكاثر الهجرة غير الشرعية، وهذا ما يحتم البحث عن خيارات أخرى وبدائل أكثر جدوى وواقعية. وقال بلمداح في هذا الشأن أن السلطات العمومية عليها الاهتمام بجدية بالملف وعدم تركه''ورقة تجارية'' للمساومة والضغط، تستعمله أكثر من جهة حسب الغرض والأهواء، بعيدا عن مصلحة الحراقة أنفسهم وتسوية المأساة من جذورها. فلم يعد الملف الشائك محل استصغار واستخفاف، بعد أن أفرز مضاعفات وتداعيات، وعرف منعرجا خطيرا يفرض التعجيل بالتسوية الجذرية له دون الوقوف عند الترقيعات والمسكنات. إنها ظاهرة خطيرة تكشف النقاب عنها وضعية المساجين الجزائريينباسبانيا وغيرها، والمفقودين الذين وعدت وزارة التضامن الوطني والجالية بكشف هويتهم، من خلال الحمض النووي ڤ أدي.أنڤ، باقتراح منذ سنة إنشاء لجنة استماع وجمع المعلومات لن تفضي إلى نتيجة، حسب رئيس الفيدرالية الأوروبية لجمعيات الجزائريين الذي يناشد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بالتدخل لحسم الملف وتسوية المأساة بصفة تهدئ أعصاب عائلات الحراقة التي لم تعد تتحمل المزيد من المعاناة عن جهل كل شيء عن فلذة أكبادها. وتضع كل الثقة في الجزائر لمعرفة مصيرهم و إعادتهم إلى دفء الأسرة والأهل، وهذا الكلام ينطبق أيضا على الذين يوجدون رهن الاعتقال والتوقيف بمراكز الحجز دون محاكمة. وتعترف الفيدرالية بصعوبة جمع المعلومات عن الجزائريين المحبوسين بالزنزانات الاسبانية، والمفقودين بالخصوص الذين لا تعطي الشرطة الاسبانية أرقاما عن عددهم وتتكتم عن التفاصيل. لكنها تلجا إلى جمع المعلومات من خلال مصالح إدارة المقابر التي تدفن فيها جثامين المهاجرين غير الشرعيين المجهولين الهوية والنسب. وحسب رضا سلواتشي ممثل الفيدرالية بالجزائر، فإن حديثا يدور عن وجود 400 جثة لمفقودين، ويكون جزائريون ضمن العدد المذكور بنسبة كبيرة أو قليلة. ومعرفة الحقيقة تتقرر من خلال تحري الحمض النووي الذي بات ضرورة استعجاليه لطي الملف بصفة آمنة مقبولة، لا تسمح بالتأويل والجدل والمزايدة. وعن المحجوزين الجزائريين في مراكز العبور والاعتقال، أوضح ذات المتحدث أن هناك 102 موقوفا بمراكز فالانسيا، و89 بالجزيراس، و37 في برشلونة .. وما خفي كان أعظم، الأمر الذي يستدعي التكفل بمشكلة الهجرة غير الشرعية من كل الجوانب، وتجنيد كل الأطراف في التحرك العاجل من أجل تسوية الإشكالية، عبر سياسة إنمائية فاعلة يجد فيها الجزائري ضالته ولا يفكر في الرحيل بألف طريقة وحيلة ليست في كل الأحوال مخرج النجاة.