بلغ عدد عمليات زرع الأعضاء بالجزائر 200 عملية سنة 2016 أغلبها عمليات خاصة بزرع الكلى، وهو العدد الذي يبقى ضئيلا جدا مقارنة بعدد الحالات المصابة بداء القصور الكلوي والتي بلغت 22 ألف حالة مرضية، منها 5 آلاف حالة تعاني من مراحل متقدمة للمرض، بحسب إحصائيات مصالح الصحة العمومية. أبرز البروفيسور مصطفى حموش، رئيس مصلحة أمراض الكلى بالمستشفى الجامعي بباب الوادي، وخلال إشرافه على يوم دراسي تحسيسي حول التبرع بالأعضاء المنظم من قبل جمعية قدماء تلاميذ ثانوية عزة عبد القادر بسيدي بلعباس أن الأمراض التي تتطلب عمليات زرع للأعضاء في تفاقم مستمر. في المقابل ما تزال ثقافة التبرع بالأعضاء غائبة في أوساط المجتمع الجزائري، الأمر الذي زاد من صعوبة تطوير هذا الجانب الهام من العلاج، حيث أعطى مثالا عن مرضى القصور الكلوي الذين يتلقون علاجا بالأدوية أو المساعدة كأجهزة غسيل الكلى، مع تكفل كلي لمصالح الضمان الاجتماعي، ويبقى التبرع بالأعضاء الحل الأمثل لبعث الأمل لدى هذه الفئة من المرضى وتقليص فواتير العلاج والأدوية. نوّه البروفيسور حموش إلى مراحل تطور الطب، منذ اختراع المضادات الحيوية والتي يرجع تاريخها إلى سنة 1946 ، وعلاج الالتهابات، والتطور الذي عرفته الجراحة، وكذا نبذة عن بدايات ظهور الأمراض المزمنة. أما البروفيسور بن باجي، رئيس مصلحة طب الكلى بمستشفى بني مسوس، فقد أكد أن عملية زرع الأعضاء في الجزائر وبالمقارنة مع بعض الدول الأوروبية، مثل إسبانيا وبلجيكا وفرنسا، لم ترتق إلى المفهوم الحقيقي للتبرع، فمعظم المتبرعين في الجزائر من أقارب المريض الأصحاء كالوالدين خاصة الأمهات، وكذا الأزواج والأبناء وغيرهم من الأقارب ممن يرغبون في إنقاذ حياة مريضهم. عن عمليات زرع الأعضاء من الموتى دماغيا قال البروفيسور أنها ما تزال من الأمور المرفوضة داخل مجتمعنا خاصة لدى أقارب المتوفى، ولم يجرأ لحد الساعة أي طبيب جراح القيام بها مخافة ردود فعل الأسرة، التي غالبا ما تكون سلبية وعدوانية. أعطى البروفيسور مثالا عن حالات الوفاة الناجمة عن حوادث المرور والتي بلغت بالجزائر 4500 حالة، السكتات الدماغية، أو النوبات القلبية، وهي الحالات التي يصاب أصحابها في غالب الأحيان بموت دماغي يمَكن من نقل أعضائهم إلى المرضى لإنقاذ حياتهم خاصة المرضى الذين هم من نفس الجنس والفئة العمرية، وهي التجربة التي سبقتنا إليها دول الجوار كتونس والمغرب اللتان نجحتا إلى حد معتبر في هذا المجال في حين تبقى المشكلة الأساسية في رصد إرادة المتوفي في التبرع بأعضائه وهو ما يجب التقنين له مستقبلا. أضاف البروفيسور أن التقنيات العلمية الخاصة بزرع الأعضاء أضحت متاحة بشكل كبير شأنها في ذلك شأن باقي العمليات الجراحية، وهو ما يضمن نجاحها ويضمن أيضا صحة جيدة للمريض، وهنا نوّه إلى إمكانية إجراء العديد من العمليات الخاصة بزرع الأعضاء داخل الوطن دون اللجوء إلى الدول الأوروبية. أشار بن باجي أن وكالة زرع الأعضاء التي تم إنشاؤها بالجزائر لم تحقق لحد الآن الأهداف المرجوة بدليل وجود قائمة جد طويلة لآلاف المرضى المحتاجين لزراعة الكلى، القلب، الرئة وغيرها من الأعضاء ممن هم في حالة انتظار دائمة لبعث الأمل مجددا في حياتهم والحصول على فرصة جديدة للعيش بصحة جيدة. تطرق الأخصائيون أيضا لمعدل حياة الفرد الجزائري الذي جاوز ال 75 سنة، بحسب الدراسات التي أجريت مؤخرا عكس سنوات الخمسينيات والستينيات، و بالموازاة مع ذلك إرتفاع عدد طالبي عمليات زرع الأعضاء، الأمر الذي يتطلب تكثيف كافة الجهود لتوعية الأشخاص بأهمية التبرع بالأعضاء للمرضى بصفة عامة ومرضى القصور الكلوي بصفة خاصة والذين تزداد معاناتهم بشكل يومي مع الإستعمال المكثف لآلات غسيل الكلى ما يتسبب لهم في تعقيدات صحية أخرى يمكن تجنبها بزرع عضو حي من شخص ميت. ختم المختصون مداخلاتهم بالحديث عن قانون الصحة الجديد الذي خصّص فصلا كاملا من 10 مواد للتبرع بالأعضاء. واصفين التبرع بالأعضاء بثقافة ينبغي ترسيخها في المجتمع.