لم يكن قبول انضمام المغرب الى الاتحاد الافريقي ليكون العضو ال55 مفاجئا لأحد، بل على العكس تماما، فالتوقعات كلها كانت تؤكد قبول التحاقه بالبيت الأفريقي الذي لا يمكنه أبدا أن يصدّ ابوابه في وجه أيّ دولة تطرقها حتى وان كانت هذه الدولة غادرته بمحض ارادتها مند أزيد من ثلاثة عقود لأسباب مازالت قائمة لم تتغير. و بعيدا عما يروجه المغرب من ان هذا الانضمام هو انتصار تاريخي له، يحق لنا أن نطرح بعض التساؤلات المشروعة عن مغزى خطوته، خاصة وأنها تمّت دون شروط مسبقة، فكيف قبل العرش الالتحاق مجددا بالبيت الافريقي والدولة التي غادر بسببها مازالت عضوا به؟ وهل سيقبل لاحقا الاجتماع في قاعة واحدة مع الجمهورية العربية الصحراوية؟ ثم ماذا عن الميثاق التأسيسي للاتحاد الافريقي الذي يشدّد على احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار؟ وكيف ستعالج الهيئات الافريقية القضية الصحراوية والمتسبب في هذه القضية حاضر وسطها؟ في الواقع محاولة الاجابة عن هذه التساؤلات ليس بالأمر السهل وهي تثير تخوفات كثيرة من ان تكون الخطوة المغربية مدفوعة بخلفيات غير تلك المعلنة، فالكثير من الخبراء والمراقبين السياسيين يحذرون من ان المغرب الذي اعلنها صراحة بأن سياسة الكرسي الشاغر في المنتظم الافريقي لم تكن في صالحه، يكون قد قرّر الانضمام مجددا الى الاتحاد الافريقي ليكسّر الانتصارات التي حققتها القضية الصحراوية داخله، بل وتذهب تخوفات هؤلاء الى أبعد من ذلك إذ يخشون من ان تكون خطة المغرب هي السعي لإبعاد الصحراء الغربية و زعزعة استقرار البيت الافريقي. التخوفات هذه تبدو مشروعة ومنطقية الى ابعد الحدود، فكيف للمغرب ان يعود الى الاتحاد الافريقي وأسباب مغادرته له لازالت قائمة؟ ثم دعنا نقولها صراحة، لا يمكن للمبررات التي ساقها المغرب ومن بينها أنه سيفيد المنتظم القاري ويجعله اقوى، أن تغطي شمس الحقيقة، فهذا المنتظم على العكس تماما شهد في غيابه تطوّرا وقوّة لم يشهدهما من قبل وغيابه طول العقود الثلاثة الماضية كان لا حدثا، لهذا نتصور ان وراء الخطوة المغربية اكثر من سبب و دافع. وعلى رأس قائمة هذه الدوافع، العزلة الخانقة التي اصبح المغرب يعيشها افريقيا، مقابل توسع الاهتمام القاري بالقضية الصحراوية العادلة، فكل من المفوضية الإفريقية، مجلس السلم والأمن، البرلمان الإفريقي وجمعية رؤساء الدول والحكومات بإفريقيا، جعلت من هذه القضية قضيتها الأولى على اعتبار ان الجمهورية العربية الصحراوية تمثل آخر قضية استعمار في القارة السمراء. لقد اصبحت قضية الصحراء الغربية، تشكل عنصرا محوريا في السياسة القارية لإفريقيا، وهذا بدون أدنى شك كان بمثابة الكابوس للمغرب، ما يعني ان قرار انضمامه إلى الإتحاد الإفريقي مرتبط ارتباطا كبيرا بالمواقف المتقدمة التي أبان عنها هذا المنتظم فيما يخصّ المسألة الصحراوية خاصة من خلال الإجراءات والمبادرات التي اقرها (مثل الحكم البالغ الأهمية الذي صدر يوم 15 أكتوبر 2015 حول عدم شرعية النشاطات الإقتصادية بالصحراء الغربية)، فضلا عن دور الإتحاد في الأممالمتحدة، حيث إنه ولأول مرة تم الإستماع إلى الإتحاد الإفريقي في مجلس الأمن حيث قدم وثيقة في غاية الأهمية عما تعانيه آخر مستعمرة في القارة السمراء. لقد قام المغرب كالعادة بتقييم التكاليف الباهظة التي اصبح يدفعها جراء سياسة الكرسي الشاغر افريقيا، ويبدو جليا أنه وبقرار طلب الإنضمام إلى الإتحاد الإفريقي يكون يستهدف القضية الصحراوية، لكن اعتقادنا واقتناعنا كبير بأن يخيب امله في تحقيق هذه المؤامرة، فأحب المغرب أم لا، فإن إنضمامه إلى المنتظم القاري هو بالأساس إعتراف بالجمهورية الصحراوية، ووجب التذكير هنا أن أحد أهم أهداف الإتحاد الذي تنصّ عليه المادة الثالثة من الميثاق التأسيسي يشير إلى: «الدفاع عن سيادة، إستقلال و الوحدة الترابية للدول الأعضاء». وعليه فإن المغرب يدخل اليوم الى منظمة تهدف إلى حماية السيادة، الوحدة الترابية والإستقلال للجمهورية الصحراوية. ثانيا، إستراتيجية الدبلوماسية المغربية في محاولة اقناع دول أخرى بسحب الإعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية أو أن لا تقوم بالإعتراف بها سوف تفشل بكل تأكيد، بعد قرار المغرب مشاركة الكرسي مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تحت سقف منظمة قارية واحدة. كما ان الميثاق التأسيسي للإتحاد الإفريقي في بنده رقم 32 ينصّ على ان ايّ تعديل أو مراجعة له لا يكون إلاّ بتصديق من جميع الدول الأعضاء، وهذا كاف لأن يكون ضمانا لفشل أي محاولات أو مؤامرات ضد عضوية الصحراء الغربية، لهذا فالمملكة المغربية ستبقى مرغمة على الإعتراف بالجمهورية الصحراوية، وعليها توقع معركة قوية من افريقيا لترضخ للشرعية الدولية و تنهي احتلالها لأرض يصرّ شعبها على استعادتها بكل الوسائل.