عقد ت الحكومة اللبنانية الجديدة أول اجتماعاتها بعد ظهر أمس الثلاثاء، لتشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري الذي على أساسه ستتقدم لنيل الثقة من البرلمان اللبناني. وكانت رئاسة الجمهورية أصدرت مساء الاثنين ثلاثة مراسيم، تتعلق بقبول استقالة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وتسمية النائب سعد الحريري رئيساً لمجلس الوزراء، فيما تضمن المرسوم الثالث التشكيلة الحكومية الجديدة التي يرأسها الحريري. وضمت التشكيلة المعلنة 13 وزيراً جديداً، و11 وزيراً من الحكومة المنتهية ولايتها، إلى جانب خمسة وزراء من حكومات سابقة. وبعد إعلان التشكيلة الحكومية ألقى الحريري كلمة استهلها بكلمة وأخيراً، متحدثاً عن طي صفحة لا نريد أن نعود إليها، وفتح صفحة جديدة نتطلع أن تكون صفحة وفاق وعمل في سبيل لبنان. وفي أول تعليق دولي، رحب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بتشكيل الحكومة اللبنانية وتعهَّد بدعم فرنسا للحريري. وقال كوشنير ''تشكيل حكومة جديدة كان ضروياً لحل الأزمة التي كانت تواجه لبنان ولضمان أمن واستقرار البلد''، وحث الحكومة الجديدة على المضي قدماً في الاصلاحات الاقتصادية التي تطالب بها الجهات المانحة، وتنفيذ قرار الاممالمتحدة رقم 1701 الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحزب الله التي استمرت 34 يوماً في عام .2006 و أعرب الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كي مون عن ارتياحه بانتهاء المأزق السياسي في لبنان، ودعا القيادات السياسية اللبنانية إلى مواصلة العمل معا بروح الوحدة الوطنية والحوار والتعاون و إلى توطيد سيادة البلاد. وربما يكون التحدي الرئيسي أمام رئيس الحكومة الجديد هو التصدي للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه لبنان، فرغم التقليل من آثار الأزمة العالمية على اقتصاده، إلا أنه يواجه ديناً عاماً يقارب 50 مليار دولار ونقصاً في الإصلاح وضعفاً في الخدمات. ولهذه المهمة، اختار رئيس الحكومة تعيين ريا حفار الحسن كوزيرة للمالية ومسؤولة عن إدارة الدين العام. وتعتبر الحفار من المقربين للحريري، وتحمل شهادة ماجستير من جامعة جورج واشنطن في الولاياتالمتحدة، و تتولى حالياً منصب مديرة برنامج الأممالمتحدة للتنمية، وملحقة بمكتب رئيس الوزراء. يُشار إلى أن الحريري قضى أكثر من أربعة أشهر وهو يحاول إبرام اتفاق مع المعارضة للانضمام إلى حكومة وحدة وطنية، و ساعد تحسن العلاقات بين سوريا والسعودية المساندين الرئيسيين للجانبين في الأسابيع الاخيرة على تخفيف حدة الشقاق في بيروت وأدى في نهاية الأمر الى هذه الانفراجة. وجاء ميلاد الحكومة الجديدة بعد قبول زعماء المعارضة باجتماع الجمعة الانضمام إليها، بعد اعتراضهم قبل شهرين ونصف الشهر على تشكيلة أولى مقترحة بحجة مصادرتها حقهم في اقتراح الوزراء الذين يمثلون تنظيماتهم. وشكلت الحكومة وفق صيغة 15 وزيرا للأكثرية وعشرة للمعارضة وخمسة للرئيس ميشال سليمان الذي يفترض فيه لعب دور الحكم، واحتفظ مُعَينّاه للداخلية والدفاع زياد بارود وإلياس المر بمنصبيهما . ومن العقبات الرئيسة التي عرقلت محاولة الحريري الأولى تشكيل الحكومة حقيبة الاتصالات التي أصر عليها التيار الوطني الحر بقيادة ميشال عون ورُفِض طلبه حينها، قبل أن يتراجع الحريري ويمنحه إياها هذه المرة. وسيقود الخارجية علي الشامي الذي اقترحه نبيه بري رئيس حركة أمل المقربة من المعارضة. ويعتبر سلاح حزب الله والدين العام بعض أبرز القضايا التي تواجه الحكومة التي ما زال أمامها صياغة بيان وزاري يتوقع على إثره أن يزور الحريري دمشق. وقال عون إن تياره لن يعيق صياغة البيان، وتحدث عن أشياء متفق عليها مسبقا، وأخرى ينتقدها بعض من الأكثرية كسلاح حزب الله وهي مسألة لا تعالج حسبه في البيان لكن في طاولة حوار أنشئت لهذا الغرض. ودخل لبنان أزمة سياسية عام 2006 بعد استقالة وزراء شيعة، لتتطور الأمور في ماي 2008 إلى صداماتٍ في بيروت، قبل اتفاق الأطراف في دولة قطر على حكومة وحدة وطنية بلا حق نقض لأي طرف. غير أن هذه الحكومة لم تر النور منذ انتخابات جوان 2009 التشريعية بسبب خلافات على توزيع الحقائب، وظلت تدير شؤون البلاد حكومة تصريف أعمال.