بعد مخاض عسير وولادة قيصرية رأت الحكومة اللبنانية الجديدة النور أمس لتضع بذلك حدا لحالة ترقب وانتظار طبعت مواقف الطبقة السياسية اللبنانية وكل الرأي العام في هذا البلد لقرابة الشهرين. وتم الكشف عن حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية المنبثقة عن اتفاق الدوحة أمام ممثلي وسائل الإعلام في قصر الرئاسة ببعبدا بعد اجتماع بين الرئيس ميشال سليمان ورئيس الوزراء المكلف فؤاد السنيورة ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال سهيل بوجي الأمين العام لمجلس الوزراء اللبناني الذي أعلن أولا استقالة الحكومة السابقة أن الحكومة الجديدة التي تضم ثلاثين وزيرا نالت موافقة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وتم تشكيلها وفقا لمرسوم وقعه كل من هذا الاخير ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة. وجاء الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة بعدما تمكن السنيورة من تذليل آخر العقبات المتعلقة بتوزيع الحقائب الوزارية بين الأحزاب السياسية اللبنانية، كما نصت على ذلك بنود اتفاق العاصمة القطرية الموقع بين هؤلاء في 21 ماي الماضي. وتعتبر هذه أول حكومة في عهد الرئيس سليمان وهي حكومة وحدة وطنية ضمت الموالاة والمعارضة وفق النسب التي وردت في اتفاق الدوحة بحيث تحصلت الأغلبية النيابية على 16 حقيبة وزارية مقابل 11 حقيبة للمعارضة وثلاث حقائب وزارية عادت صلاحية تعيين اصحابها الى الرئيس اللبناني. وكان اتفاق الدوحة مكن فرقاء الأزمة اللبنانية من فك أول عقدة في هذه الأزمة اللبنانية التي عمرت لأكثر من عام ونصف وكادت تدخل لبنان في متاهة الحرب الأهلية حيث تم بموجب البند الأول من الاتفاق انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للبلاد في 25 ماي الماضي. وبعد قرابة الشهرين ومشاورات ماراطونية أجراها رئيس الوزراء المكلف فؤاد السنيورة مع قيادات مختلف القوى السياسية اللبنانية تم التوصل أمس إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي أعطت المعارضة الثلث المعطل الذي يسمح بالتحكم بالقرارت التي تحتاج إلى تصويت داخل مجلس الوزراء. وهو المطلب الذي ألحت عليه المعارضة بزعامة حزب الله منذ اليوم الأول من اندلاع الأزمة السياسية اللبنانية في نوفمبر 2006 وكان ذلك سببا في تاجيج الازمة السياسية واستدامتها بعد ان رفضت احزاب الاغلبية هذا الشرط. للإشارة فان نصف أعضاء الحكومة الجديدة التي استغرق تشكيلها أكثر من خمسة أسابيع لم يسبق لهم ان شغلوا مناصب وزارية في الحكومات اللبنانية السابقة. وكان سعد الحريري زعيم تيار المستقبل (الاغلبية) أكد في وقت سابق أمس أنه سيتم الإعلان عن الحكومة الجديدة خلال ساعات قليلة بعد أن تم تجاوز كل العراقيل لمصلحة لبنان. من جانبه قال فؤاد السنيورة الذي عين مجددا على رأس الحكومة اللبنانية أن هذه الأخيرة تمثل كل اللبنانيين وأن مهمته تكمن في تعزيز التعايش مابين مختلف أطياف المجتمع اللبناني والذي تعرض إلى هزات قوية على خلفية الأحداث الدامية التي شهدتها البلاد مؤخرا. وقال السنيورة في كلمة ألقاها مباشرة بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة أن مهمة هذه الأخيرة تكمن في استعادة الثقة المفقودة مابين عامة اللبنانيين والنظام السياسي المبني على التعايش السلمي وقبول الآخر. وأقر السنيورة بأن الخلافات القائمة بين مختلف الأطراف لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها وقال أن تسوية هذه الخلافات يجب أن تتم عبر الحوار وليس عن طريق الشارع في إشارة إلى الاشتباكات الدامية التي نشبت بيت أنصار الموالاة والمعارضة في العديد من مناطق البلاد شهر ماي الماضي وخلفت مصرع 65 شخصا وإصابة 200 آخرين.