نالت حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة أمس، ثقة البرلمان بالأغلبية الساحقة لكن بعد مناقشات حادة استغرقت نحو 30 ساعة تمحورت خصوصا حول مصير سلاح المقاومة التابع لحزب الله. ونالت حكومة السنيورة ثقة مجلس النواب بأغلبية 100 صوت مقابل معارضة خمسة نواب وامتناع اثنين عن التصويت. وتميزت المناقشات التي شارك فيها حوالي نصف أعضاء البرلمان بحدة الاشتباكات والمشادات الكلامية التي لم تفاجئ أحدا باعتبار أن جلسة مناقشة البيان الوزاري كانت أولى جلسات المناقشة العامة التي عقدها المجلس بعد عامين من تعطيله بسبب الأزمات المعقدة والاحتقانات السياسية والأمنية والمذهبية التي عصفت بلبنان طيلة هذه الفترة. ودار النقاش الرئيسي حول مصير سلاح المقاومة وعلاقته بالدولة أو تفرده واختلف نواب البرلمان حول مصير هذا السلاح فبينما شدد نواب ما كان يعرف في عهد الأزمة بفريق الأغلبية الحاكمة على ضرورة إدماج كل السلاح تحت سلطة الدولة، رفض حزب الله هذا الطرح واعتبر أن البيان الوزاري كرّس له حق المقاومة بمعنى الحفاظ بسلاحه. وقد أشار البيان الذي أكد على سيادة الدولة اللبنانية في جميع الميادين إلى حق لبنان وشعبه وجيشه ومقاومته في تحرير كل شبر من أراضيها بما فيها مزارع شبعا وكفر شوبا وغجر. واكد محمد رعد نائب حزب الله قبل عقد جلسة التصويت أن الواجب الوطني يملي علينا مواصلة المقاومة وإجهاض أي محاولة ترمي إلى عكس ذلك في تأكيد واضح على تمسك حزب الله بسلاح المقاومة ورفض إدماجه تحت سلطة الدولة كما يسعى إلى ذلك فريق الأغلبية الحاكمة. يذكر أن التوصل إلى البيان الوزاري كان قد تطلب من لجنة الصياغة عقد 14 جلسة خلال 22 يوما لحسم الخلاف بين طرفي المعادلة السياسية اللبنانية حول البند المتعلق بمصير سلاح المقاومة الذي كان منذ بداية الأزمة اللبنانية شهر نوفمبر من عام 2006 من أهم النقاط الخلافية بين الفريقين. وبعد نيلها ثقة البرلمان حدد رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة الأولوية الأساسية لعمل حكومته والمتمثلة في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد الذي عايشت أسوء الأزمات السياسية إضافة الى العمل من أجل إيجاد الحلول التي تعاني منها البلاد على مختلف الأصعدة وتغليب الصالح العام للمواطنين على المصالح الحزبية الضيقة. ودعا السنيورة في كلمة ألقاها أمس، أمام نواب البرلمان ردا على تعقيب هؤلاء ومداخلاتهم خلال جلسات مناقشة البيان الوزاري لحكومته جميع القوى السياسية والأطراف الفاعلة على الساحة اللبنانية، إلى التعاون لتنفيذ ما التزمت به في اتفاق الدوحة الذي أعاد لم الشمل اللبناني وطوى صفحة الاحتقان السياسي الذي كاد يدخل لبنان في مصير مجهول . كما دعاهم للعمل سويا من أجل إنجاح تجربة حكومة الوحدة الوطنية رغم الصفة الاستثنائية والمؤقتة لهذه التجربة والتي أملتها ظروف معروفة. وشدد السنيورة على اعتماد جوهر الديمقراطية في العمل الحكومي مستقبلا بحيث تتولى الأكثرية الحكم على أن تقوم الأقلية بدورها في المعارضة. وأكد على حفظ الأمن وصون استقلال لبنان وحريته وتنوعه وعروبته وسيادته الوطنية والالتزام بخيارات اللبنانيين في أن لا تكون بلادهم مجرد ساحة للمشاحنات والمواجهات وأن يكون خيارهم في وحدتهم وتضامنهم. للإشارة، فإن تصويت مجلس النواب يأتي عشية الزيارة المرتقبة اليوم للرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى دمشق بدعوة من نظيره السوري بشار الأسد. وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها لرئيس لبناني إلى سوريا منذ توتر العلاقات الثنائية بين البلدين على خلفية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة عام 2005.