نزل وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، أمس الإثنين، ضيفا على «فوروم الإذاعة»، وكان ذلك فرصة ليتطرق إلى مختلف القضايا ذات الصلة بقطاعه، على غرار التراث بشقّيه المادي واللامادي، والمساعي المبذولة من أجل الحفاظ عليه، باعتبار الثقافة الأسمنت الذي يحافظ على تماسك الأمة. كما عاد إلى التكريم الذي تلقاه عدد من المفكرين والمبدعين أول أمس، مؤكدا أنه حق هؤلاء علينا، وأنه سيتبع بتكريمات أخرى. أشاد ميهوبي بجهود رئيس الجمهورية لبناء دولة عصرية وتمكين الثقافة من خلال دسترتها والحفاظ على التراث المادي واللامادي، وهو دليل على أن الثقافة هي أسمنت هذه الأمة، كما أنها لم تعد العجلة الخامسة في المركبة ولا يمكن الحديث عن مجتمع ينشد التطور خارج فكره وثقافته وتراثه. وتأسف الوزير لوضع الثقافة على هامش النقاشات في الحملة الانتخابية الجارية، رغم كونها رهانا حقيقيا وليس انتخابيا فقط.وعاد ميهوبي إلى التقليد الذي سنه رئيس الجمهورية منذ السنة الماضية بقسنطينة، بعد أن كرّمت شخصيات أول أمس تعبيرا على عرفان الأمة وتثمينها لرجالات الوطن الذين قدموا عصارة عمرهم في مجالات عديدة، كما تحدث عن إلى وضع قوائم مستمرة لتكريم الشخصيات الثقافية وذلك بدعوة من رئيس الجمهورية، وقد يكون الشهر القادم موعدا لتكرار المبادرة: «من حق أي شخصية جزائرية قدمت للأمة قيمة مضافة أن تتلقى التكريم من أمتها»، يقول الوزير. وفي حديثه عن حماية التراث، قال ميهوبي إنها مسؤولية الدولة وجميع الفاعلين، وقد اختير شعار هذه السنة «التراث كدافع للتنمية» لكون التراث ليس مجرد أحجار جامدة، وفي هذا الصدد وجب العمل مع أطراف أخرى كوزارة السياحة لتتحول المواقع لفضاءات مفتوحة للاستغلال الاقتصادي وتمكين رجال الأعمال من ذلك. كما اعتبر أن مخزوننا الثقافي لا يظهر للعيان لأننا نفتقد للترويج، ودور وزارة الثقافة يتوقف حينما يبدأ دور وزارة السياحة. وأضاف ميهوبي أنه سيكشف لأول مرة اليوم عن مضامين حفريات ساحة الشهداء وأهمية هذا الموقع الذي اكتشف أثناء أشغال مترو الجزائر، وهناك توجه نحو إنشاء متحف خاص في المحطة الأساسية بساحة الشهداء، كما ستعرض يوم غد الأربعاء بالمكتبة الوطنية ال 600 وثيقة التي تم اقتناؤها مؤخرا في المزاد العلني بتولوز. وفي سياق ذي صلة، سيصل بعد أيام ثلاثة من الخبراء المصريين للقيام بدراسات في أهرام لجدار بتيارت لتعزيز الملف المقدم لدى اليونسكو، مع توسيع البحث لضريح مدغاسن والضريح المعروف ب»قبر الرومية» بتيبازة. وأكد الوزير على ضرورة توقيع اتفاقات مع معاهد الآثار والتاريخ في الجزائر للشروع في حفريات لم يطلها البحث الأثري بعد. أما بولاية تبسة، فقد تمّ تحديد مكان الآثار الباطنية التي تعيق استغلال الفوسفات باستعمال جيورادار، وذلك بغية الاستفادة من هذه الثروة المنجمية عن طريق نقل الآثار إلى منطقة قريبة سيتم تحديدها، ويرجّح أن تكون بئر العاتر. أما عن عمليات الترميم بقسنطينة، قال ميهوبي إنها تأخرت لأسباب إجرائية تتعلق بالعمل مع مكاتب أجنبية، وقد تدخل الوزير الأول وعقد عددا من اللقاءات مع الأطراف المعنية وهناك تواصل مع والي قسنطينة، مضيفا بأن الهدف ليس استعجال الإنجاز وإنما احترام المعايير. وعن حالات السطو على تراثنا اللامادي، قال الوزير إن أول خطوة هي الرجوع إلى الديوان الوطني لحقوق التاليف والحقوق المجاورة هو الذي يثبت إن تمّ السطو أم لا، مشيرا إلى وجود التباسات سببها التشابه في الإيقاعات خاصة في الحدود الشرقية والغربية وحتى في الجنوبية. وأكد ميهوبي أن الجزائر هي الوحيدة التي أودعت ملف أغنية الراي، وهناك شروط معينة ليستوفي الملف الشروط، والعمل يتم لحماية أغنية أشويق والسراوي السطايفي والصحراوي، كما تبنت الجزائر تسجيل آلة الإمزاد بدعم من مالي والنيجر، أما طبق الكسكسي فسيكون ملفه مشتركا للمنطقة المغاربية. وانتقد ميهوبي غياب ثقافة التوثيق، ولكن الجامعة تقوم بعمل مهم، يقول، إلا أن المجهود يبقى ضعيفا على المستوى التجاري خاصة النشر، والتوثيق يكون بالكتاب ولكن أيضا بالسمعي البصري، ليكشف عن حلمه بإنجاز متحف للذاكرة الثقافية. من جهة أخرى، لاحظ الوزير أن التطرف ينتشر بسرعة وكل من يملك فكرة يسعى ليوجد لها مناخا في مجتمعاتنا، وهنالك تحريك للمذهبية والطائفية، لذلك يجب مراجعة المنظومات التعليمية والإعلامية والدينية، تجديد الخطاب الديني والثقافي لا بإبدال لفظ بلفظ آخر وإنما إبدال سلوك بآخر بحيث نتقبل الآخر. أما أسس الرأي المخالف ومنطلقاته فيجب أن تكون منطلقات المجتمع، يخلص الوزير.