يسود القطاع الاقتصادي العمومي نوع من القلق عشية انعقاد الثلاثية، حيث يتخوف العمال من عدم إدماجهم في سلم الزيادات في الأجور بعد أن اقتصر الحديث عن الوظيف العمومي. يأمل القطاع الاقتصادي العمومي في الزيادة في أجوره لتحسين أوضاعه الاجتماعية والرفع من مستوى القدرة الشرائية وتحفيزه على بذل مجهودات أكبر للنهوض بالاقتصاد الوطني في ظل عزوف المستثمرين الأجانب الاستثمار في بلادنا، ويتساءل الناشطون في المجال الاقتصادي العمومي عن سر تجاهلهم في الاجتماعات والندوات الصحفية التي عقدها ونشطها القائمون على القطاع وخاصة المركزية النقابية المطالبة بافتكاك زيادات معتبرة لهذا القطاع الذي يعول عليه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لتدارك تأخر الاقتصاد الوطني وتحقيق التوازن بين الصادرات والواردات. ويبرر نشطاء هذا القطاع مطلبهم بتحسن أوضاع مؤسساتهم المالية بعد سلسلة الإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الدولة من خلال دعمها بالقروض لإعادة التأهيل وتكييف نفسها مع المتطلبات العالمية، كما كان لمنح الأولوية للمنتوج الوطني في تموين متطلبات مختلف الأسواق والمؤسسات أثرا إيجابيا في تحسين أداء المؤسسات العمومية، ناهيك عن ما جاء في قانون المالية التكميلي من تحفيزات للقطاع الاقتصادي الوطني لمنافسة المنتوج الأجنبي الذي كان يتفوق علينا في القروض الاستهلاكية التي جعلته يحتل الريادة. وتتصاعد بعض الأصوات للمطالبة بتوجيه القروض الاستهلاكية للمنتجات الوطنية فقط لزيادة نمو هذا القطاع ومساعدته على دخول عالم المنافسة لأن المنتجات خاصة القادمة من دول آسيا لا تضاهي جودة السلع الوطنية، خاصة في الأثاث والأدوات الكهرومنزلية التي حققت فيها الجزائر تقدما معتبرا. ويذكر أن القطاع الاقتصادي العمومي قد استفاد من آخر زيادة في جوان ,2006 حيث قررت الدولة زيادات بين 5 و 30 بالمائة ولم تتجاوز أحسن شركة زيادات ب 15 بالمائة بحجة أن الأوضاع المالية للمؤسسات الاقتصادية العمومية لا تبعث على الارتياح، غير أن تلك الزيادات أصبحت وبالا على العمال الذين تعرّضوا لمؤامرة دنيئة من مختلف الشبكات المافيوية من المضاربين التي تتحكم في أسعار المواد الاستهلاكية وكذا أسعار الخضر والفواكه، وحتى الماشية لم تسلم من هؤلاء المضاربين والمتربصين بالزيادات في الأجور التي تجهض دائما عند الولادة. ويأتي انعقاد الثلاثية في ظرف اقتصادي جيد للإقتصاد الوطني خاصة مع إعادة انتعاش أسعار النفط التي تقارب 80 دولارا، كما أن توقعات نسب النمو لاقتصادنا تجعل من الزيادات أمرا إيجابيا دون انعكاسات سلبية، وحتى التضخم الذي يعتبر أكبر ملف شائك يمكن للدولة أن تتحكم فيه من خلال محاربة السوق الموازي والتهرب الضريبي والتهريب والتقليد وغيرها من الآفات الاقتصادية. كما ستكون للأرقام الإيجابية لعائدات الخزينة العمومية وإحصائيات الجمارك والتقليل من فاتورة الاستيراد عوامل إيجابية لتحسين أوضاع الجبهة الاجتماعية التي تعتبر أساس إنجاح كل برامج ومخططات التنمية والنهوض الاقتصادي. كما تتزامن الثلاثية ورغبة الدولة في إعادة بعث الإستراتيجية الصناعية الوطنية، من خلال إعادة بعث المناطق الصناعية المنتشرة عبر الوطن والتي يمكن أن تساهم في خلق توازن جهوي اقتصادي وتفك الضغط عن الشمال وتساعد على خلق مناصب عمل جديدة قد تقلل كثيرا من نسب البطالة. وستكون المركزية النقابية بقيادة عبد المجيد سيدي السعيد في موقع جيد لافتكاك مطالب الطبقة الشغيلة التي وقفت إلى جانب الرئيس في الانتخابات واستجابت لنداءات التهدئة في الأوقات الصعبة لتقديمها المصلحة العليا للبلاد على مصالحها، وبالتالي فالطبقة الكادحة تنتظر من الثلاثية زيادات معتبرة تقيها من تقلبات الأسعار وضغط المناسبات التي أنهكت ميزانيات الأسر الجزائرية.