مس الاستيراد في بلادنا مكاتب الدراسات واليد العاملة والأدوية والتجهيزات وغيرها من احتياجات البلاد وكأن الابتكار والإبداع لا يعنينا، فما يحدث من تأخر في التأكد من صلاحية لقاح أنفلونزا الخنازير من قبل الهيئات الوطنية يطرح أكثر من سؤال حول وجود كفاءات جزائرية قادرة على رفع التحدي والوصول بنا إلى اكتفاء ذاتي في مجال الصحة لمواجهات الحالات الحرجة التي قد تؤثر على مصير البلد. مرت أكثر من 20 يوما من وصول لقاح أنفلونزا الخنازير، ولكن عملية التطعيم تأخرت في الانطلاق كثيرا بالمقارنة مع بعض الدول التي تبتعد عنا كثيرا من حيث الإمكانيات المالية وحتى التكنولوجية. وليست هذه هي المرة الأولى التي نصادف فيها هذه المشاكل، فبالرغم من تخرج الآلاف من الأطباء من جامعات الجزائر سنويا وتسخير الدولة لموارد مالية ضخمة جدا في القطاع الصحي، إلا أن التكفل الصحي للجزائريين بالخارج يرتفع من يوم لآخر، وحتى البعض يفضل التكفل بنفسه في الخارج على أن يذهب للمستشفيات الجزائرية التي باتت تحوم حولها العديد من الانتقادات، وخاصة تلك التي سردتها اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان في التقرير السنوي لحقوق الإنسان في بلادنا حيث تحدّثت عن نقائص كبيرة جدا، وهو ما جعلت الرعاية الصحية للجزائريين تصنف في درجات دنيا لا تعكس ما تسخّره الدولة من إمكانيات مالية. وتجد الجزائر نفسها في حال حدوث أية كوارث طبيعية أو صحية في موقع حرج، بسبب غياب البحث العلمي في هذه المجالات والتي قطعت فيها عديد الدول خطوات هامة وتقوم بجني أموال طائلة من إنتاج اللقاحات والأدوية في الظروف الحرجة، بينما نبقى نحن نتفرج على الكوارث والأمراض ونصبح عرضة للشائعات والخرافات في ظل غياب بحث علمي يواكب التحولات، ونحن اليوم في الجزائر ننتظر الموت من كل شيء وكأننا لا نملك مخابر للبحث العلمي وإن وجدت فإلى أي مجالات توجه، و هل سمعنا يوما بعرض نتائج الأبحاث أن البحث العلمي ومراكز الدراسات في بلادنا أعتقد بأنها تختار العناوين البراقة وتمنح لأصحاب المعارف والولاء للتبجح بها ونهب الأموال الموجهة إليها.. لنفتح المجال للاستيراد وهو ما يجعلنا في خطر محدق يجب أن نتفطن له. إن وجود 2,1 مليون طالب جامعي يجب أن يعكس مكانة العلم ويرفع من مستوى التحدي من الكم إلى الكيف، فالبحث العلمي هو الذي يرفع الدول على غرار الهند وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول التي كانت في مستوانا أو أقل، وهذا دون التطرق إلى الدول الأخرى المتقدمة، فما جعل العالم الغربي يصبر على إيران هو تقدمها في المجال العلمي والتكنولوجي وتجريبها لصواريخ محلية الصنع يصل مداها إلى عمق تل أبيب، وهو نفس المثل الذي ينطبق على كوريا الشمالية التي تملك صواريخا نووية تصل إلى حدود ألاسكا، كما خرجت علينا الصين بمصل لمعالجة أنفلونزا الخنازير وكل هذا بفضل قدرة ونجاعة البحث العلمي. لقد خصصت الدولة 20 ألف مليار سنتيم للبحث العلمي في ال 5 سنوات القادمة، و أملنا أن نسمع بنتائج البحوث في أي مجال فالمهم هو أن ننتج ونتجاوز النظرة الريعية.