كشف البيان المشترك الموقع بين الجزائر وإسبانيا عن عقد قمة للإتحاد من أجل المتوسط نهاية السداسي الأول من السنة الجارية لمواصلة الحوار والتشاور حول هذا الفضاء الذي ولد في ظروف صعبة جدا وكاد يجهض في المهد. حيث عرفت مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التي عرفت أول اجتماع في 13 جويلية 2008 الكثير من الجدل سواء من الدول الأوروبية وحتى التي تقع جنوب ضفة المتوسط حول مدى نجاح المشروع بعد فشل مسار برشلونة الذي انطلق في نوفمبر 1994 والذي كشف عن سوء نية الأوروبيين تجاه دول جنوب ضفة المتوسط الذين يرغبون في إبقائه سوقا لمنتجاتهم وسلعهم ومخزن للمواد الأولية. ويأتي إعلان القمة للاتحاد من أجل المتوسط بعد سنة صعبة (2009) مرت بها دول حوض المتوسط بسبب انهيار أسعار النفط والعدوان الإسرائيلي على غزة والأزمة المالية العالمية، حيث كانت لهذه الملفات الآثار السلبية على تطور وتقدم المشروع الذي كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يهدف من ورائه لوقف الزحف الصيني والأمريكي والروسي والتركي على المنطقة واستعادة مجد فرنسا الضائع. ويظهر أن التحفظات التي طرحتها الجزائر وليبيا وحتى ألمانيا في بداية طرح الفكرة قد جعلت العديد من الدول تتحاور فيما بينها للتخلص من المشاريع والأفكار التي يظهر أن فرنسا قد أخطأت التقدير فيها لإعادة تصحيح مسار القمة التأسيسية التي حضرتها 43 دولة بما فيها المراقبة والمدعوة للقمة التي ترأسها حاليا فرنسا ومصر بالمناصفة واللتان لم يقوما بالشيء الكثير لتنشيط الهيكل بالنظر لطبيعة العلاقات الدولية التي تتميز بالتوتر وكذا الأجندة المكتظة للعديد من رؤساء الدول وبالتالي، فالقمة القادمة ينتظر منها الكثير خاصة وأن تغيير قيادة الإتحاد من شأنه أن يعطي دفعا آخر للهيكل. ومن المنتظر أن تحظى القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية بحصة الأسد من اهتمام القمة القادمة للوصول إلى مقترحات لحل الأزمتين في ظل التعنت والتماطل الصهيوني والمغرب. وتعتبر إسرائيل رأس كل مشاكل منطقة حوض المتوسط، لأنه بدون سلام في الشرق الأوسط لن يستطيع المتوسط التقدم والتطور، كما أن دول الجنوب مطالبة بالضغط على الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا للتقليل من هجماتهم على العرب والمسلمين لتحسين أجواء التشاور والتعاون، لأن بعض الدول الأوروبية تكون قد تأثرت علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية ومنه إثارة الشعوب والمجتمعات ضد الغرب بصفة عامة، لأن التوجهات العالمية الحالية تكتفي فقط بالمجال والبعد الأمني لعدم إجبار الدول الغربية على الاندماج في معركة التنمية التي تبقى الحلقة الأضعف في العلاقات بين الشمال والجنوب والتي تقف عائقا لتحقيق دول جنوب المتوسط أهدافها، فيما يخص مكافحة البطالة والآفات التي تؤدي للهجرة غير الشرعية والمظاهر السلبية التي لم تصل الدول لإتفاقات بشأنها، بالرغم من مرور سنوات طويلة. وعليه، فتواصل هذه المشاكل التي تتحايل الدول الأوروبية في المساهمة في حلها لن تجعل الإتحاد من أجل المتوسط يتقدم. وفي سياق متصل، ترفض الدول الأوروبية التباحث حول ملفات التنقل الحر للأشخاص ونقل الاستثمارات لدول جنوب المتوسط وهي الخطوات التي يجب أن تجسد في أقرب وقت مثلما تحدث عنه الرئيس بوتفليقة في العديد من المرات . وكانت القمة الأولى قد وضعت العديد من المحاور للإتحاد من أجل المتوسط أهمها القضاء على التلوث في حوض البحر المتوسط، وإقامة شبكة من الطرق البرية والبحرية، وتنمية مصادر الطاقة الشمسية، والتعاون في مجال التعليم والبحث العلمي، والتعاون في مجال الوقاية المدنية وفي مجال تنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة. واتبعت القمة في جوان الماضي بباريس باجتماع وزاري وتحت رئاسة مصرية فرنسية مشتركة لبحث إقامة مشروعات في مجال التنمية المستدامة، وتم التركيز على أربعة محاور تتعلق بمجالات المياه والنقل والطاقة والتنمية الحضرية. ومن المقرر أن تستضيف مصر فبراير المقبل اجتماعا وزاريا في إطار الإتحاد لمناقشة عدة مشروعات في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة، ومن المنتظر أن يتم مع بدايات العام المقبل تفعيل برنامج كامل للاجتماعات القطاعية الوزارية والفنية في المجالات المختلفة، فضلا عن تفعيل خطة التعاون في مجال الطاقة الشمسية بين ضفتي المتوسط والتي تعد أكبر مجال حقق تقدما على مستوى مشروعات الإتحاد، خاصة بعد أن أبدت مؤسسات التمويل الدولية اهتماما ملحوظا بتمويل المشروعات الخاصة بهذا المجال.