دخلت القاهرة وباريس في صراع ضد الزمن من أجل إعادة بعث مشروع الاتحاد من أجل المتوسط الذي لم يقدم شيئا منذ تأسيسه، لذلك اتفق الرئيسان نيكولا ساركوزي ومحمد حسني مبارك على محاولة دفع مبادرة السلام في الشرق الأوسط بين الجانبين الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي في إطار متوسطي وليس من مجلس الأمن، وذلك قبل حلول الذكرى الثانية لتأسيس هذا الاتحاد المصادفة للثالث عشرة من شهر جويلية الجاري، وقبل عقد القمة الثانية لقادة المتوسط في شهر نوفمبر القادم ببرشلونة بعد أن كانت مقررة في جوان الماضي. وفي هذا الإطار، استقبل ساركوزي مبارك الذي يقوم بزيارة رسمية إلى باريس، وأجريا مباحثات تطرقت إلى آفاق السلام في الشرق الأوسط وسبل دفع المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، إلى جانب سبل إعطاء دفعة للاتحاد من أجل المتوسط الذي يتولى البلدان رئاسته، كما التقى مبارك هناك رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي يقوم بزيارة خاصة إلى فرنسا، حيث تم بحث المستجدات في الشرق الأوسط. وأفادت مصادر إعلامية أن ساركوزي ومبارك اتفقا على أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تراوح مكانها ولابد من مبادرات جديدة بدءاً من سبتمبر القادم شهرين فقط عن عقد القمة الثانية لقادة الاتحاد من أجل المتوسط الذي يضم في عضويته كل من فلسطين وإسرائيل. وأكدت المصادر ذاتها أن خيار اللجوء إلى مجلس الأمن غاب عن محادثات الرئيسين الفرنسي والمصري، وأكدت مصادر الرئاسة الفرنسية أن الطرفين ركزا على إمكانية اتخاذ مبادرات للسلام على المسار الفلسطيني ابتداءً من سبتمبر القادم في إطار الاتحاد من أجل المتوسط، انطلاقاً من ملاحظة مشتركة مفادها أن المحادثات غير المباشرة لا تحرز تقدماً. ورجحت بعض الأوساط أن الخطوة المقبلة في إطار المتوسطي هي قمة برشلونة المقررة في نوفمبر المقبل رغم عدم تحديد موعد القمة بالضبط، مشيرة إلى أن هذه الخطوة لم تحدد بشكل نهائي، ما يستدعي مشاورات إضافية بين القاهرة وباريس وقد تكون ضمن القمة نفسها أو من حولها. ويرى مراقبون أن المبادرة المزمع اتخاذها في الإطار المتوسطي بديلاً عن المؤتمر الدولي الذي طالما سعت إليه باريس ولم تبد واشنطن حماسة كبيرة له، حيث أكدت مصادر في الرئاسة الفرنسية أن ''الاتحاد من أجل المتوسط هو إطار دولي'' وتصنف خطوة باريس والقاهرة اللتان تترأسا الاتحاد من أجل المتوسط مناصفة في خانة جهودهما التي لم تنته منذ أن وأدت إسرائيل هذا الاتحاد في العام الأول من تأسيسه، حينما قادت مجزرتها الإنسانية في غزة نهاية 2008 وبداية ,2009 الأمر الذي جعل كثيرا من دول الاتحاد المتوسطي المتمثلة في جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي والدول العربية المطلة على الضفة الجنوبية للمتوسط تقول إنه من غير المقبول أن تقوم دولة عضو داخل الاتحاد المتوسطي بالاعتداء على دولة عضو هي الأخرى. وما يؤكد أن هذه المبادرة هدفها الأول بعث الاتحاد المتوسطي هو تاريخ الإعلان عنها الذي يأتي أياما قليلة من إطفاء الشمعة الثانية لهذا المشروع الذي أطلق في 13 جويلية 2008 بباريس، ولم يحقق إلى اليوم أي تقدم، إضافة إلى أن اتفاق الجانبين على أن تبدأ المبادرة الجديدة في شهر سبتمبر دليل على أنهما يسعيان إلى أن تتوج نتائجها خلال عقد القمة الثانية لهذا الاتحاد في نوفمبر المقبل. وكانت القمة الثانية مقررة في 7 جوان الماضي إلا أنه تم تأجيلها لأسباب عديدة تظل إلى اليوم تقف حاجزا أمام مستقبل هذا المشروع، إلا أن اسبانيا التي تحتضن مقر الاتحاد من أجل المتوسط زعمت أن التأجيل جاء قصد منح الفرصة للمفاوضات غير المباشرة التي تشرف عليها الولاياتالمتحدةالأمريكية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لإحراز تقدم من شأنه أن يسهم في تقليل مساحة الخلافات التي سيطرت على اجتماعات تحضيرية لأعمال القمة جرت في بروكسل خلال الشهر الجاري. وتفيد آراء كثيرة متتبعة للشأن المتوسطي أن ما حدث خلال حرب غزة حينما اعتدت إسرائيل البلد العضو ضد فلسطين العضو هي الأخرى في الاتحاد المتوسطي من الصعب تجاوزه بقرارات سياسية فقط، إنما يتطلب تحركا ميدانيا فعالا، خاصة وأن هذا التكتل لازال إلى اليوم يعاني مشكل تمويل المشاريع التي أطلقها عند تأسيسه، إضافة إلى أن تأكيد وزير الخارجية الإسرائيلي اليمينى المتطرف آفيجدور ليبرمان مشاركته في هذه القمة قد دعم تأخير موعد عقدها، وهو الذي كان قد هدد بقصف السد العالي في مصر إذا ما هاجمت القاهرة إسرائيل، كما أثار عاصفة من الاحتجاج في مصر عندما قال عن الرئيس المصري ''فليذهب إلى الجحيم إذا كان يرفض زيارة إسرائيل''.