أكد وزير الخارجية مراد مدلسي أمس أن الجزائر ما تزال متحفظة بشأن الانخراط في مشروع "الاتحاد من اجل المتوسط" الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وقال إن من بين المسائل التي تتحفظ بشأنها الجزائر وبعض الدول العربية هو موقع إسرائيل في الاتحاد إلى جانب توضيح مفهوم المسؤولية المشتركة، وقال مدلسي "إن الدول الأعضاء في المنتدى الأورو متوسطي اتفقت على عقد اجتماع وزاري في 12 جويلية الداخل في باريس عشية اللقاء التأسيسي للإتحاد من أجل المتوسط لتنسيق المواقف". اختتمت بالجزائر أشغال الندوة الوزارية ال15 للمنتدى الأورو متوسطي التي تطرق فيها المشاركون لجملة من القضايا الإقليمية وفي مقدمتها فتح النقاش حول مشروع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "الإتحاد من أجل المتوسط" الذي من المنتظر أن يتم الإعلان عنه رسميا في قمة باريس في 13 جويلية الداخل. وأكد مراد مدلسي وزير الخارجية أمس في ندوة صحفية عقدها في اختتام أشغال أن الندوة الوزارية ليست مجالا لاتخاذ القرارات الرسمية بقدر ما هي فضاء تشاوري لتبادل وجهات النظر، وحول الموقف الجزائري من المشروع الفرنسي أجاب مدلسي أن الرؤية لم تتضح بعد حول المشروع، وما تزال لدى الجزائر على غرار دول أخرى، تحفظات بشأن المشروع، وقال "إن الدول الأعضاء في المنتدى الأورو متوسطي اتفقت على مطالبة فرنسا بالتعجيل بعرض وثيقة المشروع التي هي قيد الإعداد على الدول المعنية لدراستها وتقديم ملاحظاتها بشأن المشروع قبل لقاء باريس، واستغرب المتحدث أن لا تكون الوثيقة جاهزة قبل شهر من الإعلان عن تأسيس الإتحاد، ورفض المتحدث تأكيد أو نفي مشاركة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في قمة ال13 جويلية المقبل، وشدد في المقابل على أن المشاركة تظل اختيارية كما أنها ليست نهائية والانسحاب ممكن. وأعلن مدلسي عن اتفاق وزراء الخارجية للدول الأعضاء في المنتدى الأورو متوسطي لعقد لقاء تشاوري بباريس عشية قمة الإعلان عن الإتحاد المتوسطي أي في 12 جويلية المقبل، وهو اللقاء الذي لن يخرج هو الآخر عن الطابع التشاوري من أجل تنسيق المواقف باعتبار أنه وفي النهاية كل دولة لها كامل الحرية في الانضمام إلى هذا الفضاء الجديد الذي يأتي من وجهة نظر المتحدث كإطار مدعم ومكمل لمسار برشلونة الذي أرسى أدبيات التعاون والحوار بين ضفتي المتوسط، وأنه وبعد 14 سنة على إعلان المسار، كان لابد من البحث عن إطار يحمل قيمة مضافة لمسار برشلونة، وأضاف مدلسي أن هناك إجماع بين الدول الأعضاء على أن مشروع ساركوزي من شأنه تقديم هذه القيمة المضافة، وإن كان ما يزال بحاجة إلى مزيد من التوضيحات. وفي رده على أسئلة الصحفيين التي تركزت بشكل أساسي حول تحفظات الجزائر أجاب مدلسي بالقول"مشروع بهذا الحجم غير ممكن تقبله بشكلي كلي" أما عن النقاط التي ما تزال بحاجة إلى توضيح من وجهة نظر المتحدث فهي أولا مشاركة إسرائيل وموقعها في هذا الفضاء الجديد، مبرزا في الوقت نفسه أن وجود هذه الأخيرة لا يعني بأية حال من الأحوال التطبيع، أما المسألة الثانية التي ما تزال بحاجة إلى توضيحات إضافية هي المسؤولية المشتركة من حيث روح المبادرة والتنفيذ والتي تريدها دول الضفة الجنوبية للمتوسط تشاركية وليس كما كان في الماضي أن من يمتلك رأس المال والتكنولوجيا يحتكر سلطة القرار، كما أشار مدلسي إلى الرئاسة المشتركة للاتحاد وكذا سكرتارية الإتحاد والتي من المنتظر أن تكون متساوية الأعضاء بين ضفتي المتوسط، كما تعد قائمة المشاريع التي ستنفذ في هذا المشروع من بين النقاط التي تحفظت بشأنها الجزائر ودول أخرى، حيث أكد مدلسي مطالبة فرنسا بتقديم القائمة المفصلة للمشاريع، كما شدد على أن الانخراط في هذه المشاريع يكون وفقا للقناعات السياسية للدول المعنية أي أنه بالإمكان تحقيق مشروع بمشاركة ثلاث دول أو أربعة وليس بالضرورة جميع الدول الأعضاء، موضحا بأن الدول التي لا تربطها علاقات مع إسرائيل على غرار الجزائر يجب أن لا تكون مطالبة بالانخراط في مشروع تشارك فيه الدولة العبرية، مؤكدا في هذا الموضوع أن الإتحاد من أجل المتوسط لن يكون فضاء للتطبيع العربي مع إسرائيل وهي المسألة التي فصلت فيها القمة العربية ببيروت سنة 2002، وأضاف في هذا الإطار أن المشاورات بين الدول المغاربية وكذا العربية حول المشروع. وفي سياق ذي صلة أوضح مدلسي أن عنوان المشروع "الإتحاد من أجل المتوسط" هو غير نهائي وما يزال خاضع للتعديل بالتشاور مع الدول الأعضاء، كما استبعد أن يقود هذا الفضاء الجديد إلى قطيعة بين دول المغرب العربي وبين الفضاء الإفريقي، ولم يخف المتحدث مخاوف الجزائر والضفة الجنوبية للمتوسط من أن تسيطر الدول الأوربية على سلطة القرار في الإتحاد، بينما دول الجنوب تبحث عن شراكة متوازنة. وبخصوص ملف الهجرة غير الشرعية أجاب مدلسي بأنه غير مطروح في مشروع الإتحاد من أجل المتوسط باعتبار أنه مطروح على المستوى الثنائي، كما أنه مطروح أيضا على مستوى الإتحاد الأوروبي لتسهيل حركة وتنقل الأشخاص، أما التعاون الأمني فقد أجاب الوزير بأنه موجود حاليا ولن تنتظر دول المتوسط المشروع الجديد للتعاون في التصدي للإرهاب وتأمين حوض المتوسط. وتجدر الإشارة إلى أن المنتدى الأورو متوسطي يضم 11 بلدا من ضفتي المتوسط الشمالية والجنوبية إضافة إلى سلوفينيا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي وليبيا التي تتولى رئاسة اتحاد المغرب العربي. ومن جانبه صرح وزير الشؤون الخارجية الفرنسي برنار كوشنير على هامش الاجتماع أن الاتحاد من أجل المتوسط لم يعد مبادرة فرنسية بل هو مبادرة بين شمال وجنوب المتوسط، أما وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط فقد دعا إلى أن يتحول الاتحاد من أجل المتوسط إلى ملكية جماعية لتستفيد من ضفتي المتوسط، مؤكدا في المقابل أن موقع إسرائيل في الاتحاد لن يختلف عن موقعها في مسار برشلونة.