تجاوزت الكشافة الجزائرية منعرجا حاسما في مسارها حيث تمكنت بصعوبة كبيرة من تجاوز الأزمة الأخيرة التي تركت شرخا كبيرا لا يمكن تصليحه بسهولة بالنظر للتجاوزات الخطيرة التي حدثت قبل حوالي شهر بفندق ''الأروية الذهبية''، أين تم استعمال العصي والهروات بين الإخوة من الأسرة الكشفية ما جعل الجميع يتساءل عن واقع الجمعيات والحركة الجمعوية بصفة عامة في الجزائر التي انتقدها بشدة السيد نورالدين يزيد زرهوني وزير الداخلية والجماعات الملحية في العديد من المرات وكشف أن 95 بالمائة منها لا تعرض الحصيلة السنوية لنشاطها وهو الأمر الذي يفرض البحث عن تشريعات جديدة لتحديد نشاط ومنهج هذه الجمعيات التي تنامت كالفطريات. وكان وزير الداخلية والجماعات المحلية يزيد زرهوني قد كشف في وقت سابق عن نية السلطات في مراجعة قانون الجمعيات، وقال إنه ''بات من الضروري القيام بهذه الخطوة''، منتقدا أداءها، فمن بين 81 ألف جمعية معتمدة، أكد أن 95 بالمائة منها لم تعرض تقاريرها السنوية، ''أما عرض التقارير المالية فهو مستحيل''، على حد تعبيره. واتهم الوزير بشدة هذه التنظيمات في جوان الماضي بمناسبة رده على سؤال في مجلس الأمة بممارسة البزنسة والسياسة'' متخلية بذلك عن الدور الذي أنشأت من أجله وهو إشراك المواطن في تسيير شؤونه والقيام بعمليات التحسيس والتوعية وترقية قيم المواطنة . وأشار أن بعضها تطلب الإعفاء من الرسوم الجمركية على بعض الهبات التي تتحصل عليها من الخارج، ''لكننا نجد هذه الهبات معروضة للبيع بعد ذلك''. وانتقد الوزير أداء الجمعيات خلال الاضطرابات التي عرفتها بعض مدن الوطن، فأوضح أنه يوجد بولاية وهران 622 جمعية رياضية، لكنها حسب المتحدث ''لم تتدخل لتهدئة 200 شاب قاموا بأعمال شغب عقب نزول فريق مولودية وهران الى بطولة القسم الوطني الثاني في نهاية الموسم الرياضي 20082007وكذلك الحال بالنسبة للشلف التي انتقد وزير الداخلية الجمعيات ال 1721 الناشطة بها، حيث قال إنه لو تدخل فقط رؤساء هذه الجمعيات ''لكان بإمكانهم منع أعمال التخريب التي وقعت في الربيع الماضي. وانتقلت عدوى الصراع في الجمعيات من جمعية الإرشاد والإصلاح والاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين الى الكشافة الإسلامية، كما كادت بعض محاولات التشويش أن تعصف بالمنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب وهي سلوكات خطيرة تؤكد هشاشة العمل الجمعوي الذي يحتاج الى نفس جديد يكون همه الوحيد ترقية قيم المواطنة والمشاركة في مكافحة الآفات الاجتماعية من خلال برامج إعادة الإدماج والمتابعة. ولا يعكس تطور الجمعيات من الناحية الكمية عملها الميداني، فبعد أن كانت 67 ألفا في 2006 انتقلت الى 81 ألفا مؤخرا، فالمجتمع يعاني من التسرب المدرسي بمعدل 500 ألف تلميذ مسرح سنويا ولا يجدون التكفل اللازم ما جعل الإنحراف يتصاعد بأرقام مخيفة ولا نجد إلا المصالح الأمنية من أجهزة الدرك والأمن الوطني هي التي تتحمل أوزار المجتمع في ظل غياب تام للجمعيات التي لا تعمل إلا عند حضور كاميرا التلفزيون ويبقى العمل الجواري منعدما واهتمام جل الجمعيات نجده فقط في البحث عن الدعم المادي الهبات وهذا دون تقديم حصيلة أدبية ومالية سنوية لإحالة المسؤولين على المحاسبة وهو ما يجعل علامات الاستفهام تتكاثر حول الحركة الجمعوية في بلادنا التي تملك تاريخا ونضالا كبيرا في مختلف المجالات وهو ما بدأ يتلاشى مع دخول المفسدين والباحثين عن الريع والمناصب. وأمام استمرار هذا الوضع يجب على السلطات إعادة النظر في الحركة الجمعوية وجعلها تلعب دورها المنوط بها من خلال تشريعات جديدة تراعي تطور المجتمع وحاجاته واهتماماته. ------------------------------------------------------------------------