تحتاج الجبهة الاجتماعية في الجزائر إلى ديناميكية جديدة تكون عاملا للتهدئة وتغليب المصلحة العامة على المواقف المتصلبة التي لن تخدم أحدا وستزيد في تأزيم الأوضاع وإفشال جميع المخططات المتخذة لحل مشاكل جبهة الاجتماعية والتقليل من الضغط الذي تحاول بعض الأطراف الاستثمار فيه لإثارة التشويش ورفع مستوى الاضطراب الاجتماعي الذي قد يحرك المتواطئين بالبلاد في الخارج للضغط على الجزائر وتسويد صورتها من خلال التقارير السلبية حول وضعيات حقوق العمال والإنسان في الجزائر. يبقى الحوار الشفاف والصريح وتحديد المواعيد بدقة وتجسيد الوعود بقدر المستطاع أهم المؤشرات التي تنجح لحل أية مشكلة أو انسداد وهو ما يجب أن يطبق في الوضع الذي تمر به الجبهة الاجتماعية في بلادنا. فقطاع التربية الذي يبقى قطاعا هاما يحتاج لمزيد من الاهتمام والحوار مع مختلف الأطراف لحل جميع المشاكل العالقة ومنه التفرغ لمعركة التكوين والتلقين التي تبقى أكبر عائقا لتحسين مستوى التلاميذ الذي ما فتئ يتدهور من سنة لأخرى وقد زادت مختلف الإضرابات الطين بلة وبات التلاميذ حائرون في مصيرهم وفقدوا التركيز على متابعة الدروس لأنهم هم الطرف الضحية في تدارك التأخر. وأهم ملف يعرقل نجاح الحوار هو الاختلاف في نسب التعويضات الخاصة بالمنح والعلاوات التي ستحسن أجور المعلمين الذي نفذ صبرهم بعد قرار الزيادة في الأجور الذي تم الإعلان عنه في 2008 ولم يجد الطريق إلى التطبيق وهو الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال حول سبب التأخر وعن إمكانية تحديد تاريخ محدد للشروع في تطبيق تلك الزيادات لكشف الطرف المتسبب في تأزيم الأوضاع. كما أن قطاع التعليم العالي والبحث العلمي الذي يعول عليه مستقبلا لقيادة مختلف جبهات الاقتصاد والتجارة وحتى السياسية يطالب بحل مشاكله الاجتماعية من الأجور والسكن لجعل الأساتذة يتفرغون للبحث العلمي وحل مشاكل الاستيعاب عند الطلبة الذين أعلنوا في العديد من المرات تخوفهم من المصير الغامض الذي ينتظرهم لأنه مع مرور الوقت أصبحت شهادات الليسانس المتأتية من العلوم الإنسانية عائقا أكثر منه محفزا للحصول على منصب عمل وأصبحت الشهادة للممتاز والضعيف لأن الأداء في سوق العمل الحالي يفرض على المترشح أن يتحكم في اللغات والإعلام الآلي وهو ما ينعدم عند جل طلبتنا. ويعتبر قطاع التعليم العالي والبحث العلمي قطاعا لا يضم عددا معتبرا من الأساتذة وهو ما يجعل التأخر في الانتهاء من استكمال القانون الخاص بهم غير مبرر لأن التحديات والرهانات التي تنتظر بلادنا تجعلنا نعمل ليل نهار لمنح الحقوق وتحديد والواجبات وفرض الصرامة في المحاسبة. ويبقى القطاع الصحي من القطاعات الإستراتيجية التي يجب أن تحظى بالأولوية لأن عدد المرضى الذي يرتفع بشكل مذهل في بلادنا يجعل الأطباء وممارسي الصحة يحتاجون أوضاعا أحسن خاصة من الناحية الاجتماعية فالطبيب الذي يتلقى أكثر من 2000 أورو في فرنسا لا تتجاوز أجرته في بلادنا 30 ألف دينار وهذا دون الحديث عن ممارسي الصحة العمومية حيث تعتبر أجورهم الأدنى في قطاع الوظيف العمومي حيث يستحق هولاء الأحسن من خلال التفاوض حول مطالبهم لجعلهم يلتفتون للمرضى الذي يعانون الأمرين هذه الأيام حيث تدهورت حالتهم النفسية والمعنوية تسوء كثيرا وفتحت المجال أمام القطاع الخاص لنهب أموال المواطنين في ظل ضعف الرقابة والتسيب الذي يشهده القطاع . ويأمل القطاع الاقتصادي العمومي في أن تنهي مختلف اللجان عملها في أقرب وقت للإفراج عن إعادة مراجعة الاتفاقيات الجماعية ومنه السماح في الزيادة في الأجور وعبرت بعض المؤسسات الاقتصادية العمومية بتقليص مدة مراجعة الاتفاقات الجماعية إلى شهر أفريل أو مايو حتى نتفادى التصادم بشهر جوان الذي يعتبر نهاية السنة الاجتماعية ومنه أي تأخر قد يجعل من الزيادات تتأجل إلى أشهر أخرى وهو ما قد يجعل الغليان يزداد على مستوى الجبهة الاجتماعية التي تعيش على وقع زيادات غير مبررة يوميا في مختلف السلع الاستهلاكية في حين تتأخر الزيادات في الأجور لسنوات وهو ما يجعلنا نتساءل عن مكمن الخلل. وينتظر من الاتحاد العام للعمال الجزائريين دورا أكبر في التحرك لحل مختلف الملفات التي تزيد تعقيدا من يوم لآخر لأن الوضع لا يتطلب الانتظار أكثر فأكثر لأن الخاسر الأكبر هو الجبهة الاجتماعية والمواطن البسيط.