كشفت الإدارة الأمريكية عن نوايا خطيرة تجاه منطقة الساحل الإفريقي، حيث أكدت في العديد من المرات عن رغبتها في ولوج المنطقة بكل الطرق المتاحة وغير المتاحة وما حدث في النيجر الأسبوع الماضي من انقلاب على الرئيس مامادو تانجا، إلا استمرارا لسيناريو سطرته صقور البنتاغون للتوغل في القارة السمراء والتحضير لما يسمى نقل مركز القوى النفطية من الشرق الأوسط إلى إفريقيا في غضون 2020 / 2025 وهي الفكرة التي تعمل عديد الشخصيات الأمريكية على تجسيدها بإشراك العسكر وقوى الإعلام وغيرها من الهيئات المتحالفة ضد العالم من أجل بسط الهيمنة والسيطرة الأمريكية. وتعمل الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ مدة على رفع وتيرة انجاز مشروعها في القارة السمراء، فبعد نجاحها في الضغط على السودان من خلال تمرير الاستفتاء حول تقسيم السودان الذي سيكون عن قريب تستثمر الولاياتالمتحدةالأمريكية على إثارة المشاكل في الساحل الصحراوي من خلال فبركة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي ونقله للساحل الإفريقي لتبرير الاختطافات والاعتداءات ومنه التمهيد لسيناريو كبير بطله أشباح يهددون كل شيء وخاصة المصالح الأمريكية وعليه لن يقدر على صد العدوان، إلا الجيش الأمريكي الذي يعاني الأمرين في بلاد الرافدين وبلاد خراسان اللتان فشل فيهما في حفظ ماء وجه أمريكا وعليه قد يكون البيت الأبيض قد وجد ملاذا أخرا في إفريقيا بعد أن أشبعته قارة آسيا الخسائر تلو الأخرى. ويأتي ترحيب السياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية عكس مبادئها والقيم المبنية على الديمقراطية ويمكن تبرير هذا بالمأزق الكبير الذي يوجد فيه الرئيس أوباما الذي تتراجع شعبيته في الولاياتالمتحدةالأمريكية بقوة لأنه وبعد توليه مقاليد الحكم وجد نفسه مشلول الحركة في أوساط الصقور المتعطشة للدماء والمال وما كان عليه إلا أن يتبعهم وإلا سيلقى نفس مصير كيندي وكلينتون فالأول قتلوه والثاني فضحوه بالتواطؤ مع وسائل الإعلام، وعليه فتغيير أوباما لتوجهاته بأكثر من 180 درجة لم يكن غريبا على أحد، فسياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تسير بمزاج إسرائيل ستكون أكثر همجية وبربرية والأشهر القادمة ستطلعنا على مزيد من الحروب والدمار والخراب والانقلابات. وكانت الجزائر محقة عندما حذرت دول الساحل من مغبة التساهل مع محاربة ما يسمى التنظيمات الإرهابية التي أنشأت في المخابر الأجنبية لتمرير مشاريعهم الامبريالية ونبهت إلى أهمية التعاون بين دول الجوار لتقوية التصدي للخطر المحدق، لكن خيانة بعض دول الساحل بدت جلية، حيث ظهرت ضعيفة أمام ضغوطات خارجية ومقابل دولارات معدودة حيث تم إطلاق العديد من الإرهابيين في مالي بحجة وجود رعية فرنسي مختطف في خطر، ففرنسا التي تضرب بكل شيء من أجل سلامة رعاياها تكون قد أقدمت على مواصلة تشجيع العمل الإرهابي الذي يجد في استجابة بعض الدول لمطالبها المالية طريقا لجلب الأسلحة والقنابل وتفجيرها في الجزائر في مخطط رهيب من أجل زعزعة وإفشال جهود الجزائر في وضع حد للدمويين ومنه التأكد من أن ما يحدث في الساحل غير بريء. وبالمقابل باتت قضية الاختطافات في دول الساحل محيرة للغاية، فمن جهة جميع الدول الغربية منعت رعاياها من السفر لدول الساحل ومن جهة أخرى ترسل بهم عمدا من أجل اختطافهم ومنه الحصول على مكتسبات أخرى في دول الساحل على أن يسترجعوا رعاياهم بعد مدة ومن غرائب الصدف أن المختطفين يظهرون وكأنهم دبلوماسيين إلى أبعد الحدود عندما يواكبون مسار المفاوضات مع الدول الغربية وكأن أوجدوا لأدوار معينة بعيدا عن الاختطاف والترهيب الذي لا يمارسونه إلا فيما بينهم ومع رعايا دول الساحل الذي يتعرضون للتقتيل والتنكيل. بينما يعامل الرعايا الأجانب بإنسانية منقطعة النظير وكأن المختطفين تدربوا بشكل جيد للحفاظ على الأجانب، إن مثل هذه التخمينات لا تعني أننا نحرض على قتل الأجانب، لكن كل ما في الأمر أن القصة محبوكة بشكل جيد والأدوار موزعة بشكل لا يصدقه العقل وهذا بمشاركة حتى قيادات في بعض دول الساحل التي ترهن مستقبل شعوبها دون التفكير فيما وقع في أفغانستان والعراق وباكستان عندما صدقوا السيناريوهات الأمريكية التي أصبحت تطبق الحرب الوكالة بين الشعوب وقيادتهم وتنهب هي الأموال والنفط وستتوسع لاستغلال يورانيوم النيجر، لأن أوباما لا يستطيع أن يترك فرنسا تستثمر في اليورانيوم لوحده. وعليه فالجزائر التي لا طالما تنكر لها الرأي العام العالمي لمكافحتها لكل أشكال الظلم والعدوان ستجد نفسها تدافع عن شعوب ليست تحت سيادتها لكن المبادئ لا تموت ومن يمشي مع البسطاء لن يمس بسوء.