نقلت مصادر مطلعة عن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أنه يتوقع انفراجا كبيرا لأزمة الاستفتاء بإقليم كردستان العراق خلال الساعات القادمة، في حين قال رئيس الإقليم مسعود البارزاني إنه تسلم من المجتمع الدولي مقترحات جديدة بديلة عن إجراء الاستفتاء. أكد العبادي، رفضه الاستفتاء بشأن انفصال الإقليم الكردي عن العراق والمزمع عقده يوم 25 من الشهر الجاري، وقال إن الاستفتاء مرفوض، سواء حصل الآن أو في المستقبل، لأنه مخالف للدستور العراقي وفيه تجزئة وإضعاف للبلاد. وأضاف، أن تغيير الحدود من طرف واحد وبالقوة يعني فتح باب الدماء على مصراعيه، وأن مقترحَ تحويل العراق من دولة اتحادية الى دولة كونفدرالية يستدعي تعديلا للدستور. وتابع العبادي، “لن ندع شيئا يشغلنا عن محاربة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية)” الإرهابي، مشيرا إلى أن الدستور يؤكد أن “العراق واحد موحّد، والعراقيون جميعهم صوّتوا على الدستور وجميع السلطات في العراق أصدرت قرارا بعدم دستورية استفتاء كردستان”. مبادرة معصوم ونقلت مصادر مطلعة عن العبادي قوله إنه رفض المبادرة التي تقدم بها رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لأنها تتضمن شرط العودة إلى الاستفتاء في حال فشلها. من جهته، تحدث البارزاني عن إمكان العدول عن إجراء استفتاء في الإقليم، معلنا أنه تسلم من المجتمع الدولي مقترحات جديدة بديلة “أفضل مما كان سابقا”. وأوضح أن التفاوض مع بغداد يكون في التفاصيل وتحديد الحدود والموارد المائية والنفطية بإشراف وضمانة دوليين، وأنه إذا لم يتوصل إلى اتفاق حينها فسيجري إقليم كردستان الاستفتاء، وعلى بغداد والمجتمع الدولي الاعتراف به وبنتائجه. وقال رئيس كردستان العراق إن الإعلان عن الاستفتاء جعل القضية الكردية ضمن أولويات الأجندات الدولية، وأضاف “قلنا دائما إذا كان هناك بديل يحل محل الاستفتاء فليست لدينا مشكلة، لكن إذا لم يكن هناك بديل فمن المستحيل تأجيله”. السعودية تدعو للعدول عن الاستفتاء دعت المملكة السعودية أكراد العراق، أمس، إلى العدول عن تنظيم الاستفتاء حول الاستقلال المقرر الاثنين، محذرة من “مخاطر” قد تترتب على ذلك. وقال مصدر مسؤول في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية إن المملكة “تتطلع إلى حكمة وحنكة الرئيس مسعود بارزاني لعدم إجراء الاستفتاء الخاص باستقلال إقليم كردستان العراق، وذلك لتجنيب العراق والمنطقة مزيداً من المخاطر التي قد تترتب على إجرائه”. وأضاف أن قرار المملكة جاء “انسجاماً مع المواقف الإقليمية والدولية بهذا الشأن”، و«تقديراً للظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة وما تواجهه من مخاطر وحرصاً منها على تجنب أزمات جديدة قد ينتج عنها تداعيات سلبية، سياسية، وأمنية، وإنسانية”. واعتبر أن هذه الأزمات ستؤدي إلى تشتيت “الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة بما في ذلك مكافحة التنظيمات الإرهابية والأنشطة المرتبطة بها”، داعيا الأطراف المعنية إلى “الدخول في حوار”. كما دعا البيت الأبيض إقليم كردستان العراق إلى التخلي عن المشروع. سبع محاولات فاشلة لإقامة الدولة أخفق الأكراد في إقامة دولتهم رغم تسجيل سبع محاولات في هذا الاتجاه خلال 100 عام، وأول محاولة كانت في 1922 عندما تم الاعلان من طرف واحد عن مملكة كردستان بقيادة محمود الحفيد في السليمانية العراقية لكنها تبخّرت بعد عامين على ميلادها. بعدها هاجر حلم الأكراد في الدولة من العراق، واستوطن في إقليم قره باغ الجبلي بين أرمينيا وأذربيجان المعاصرتين، تحت مسمى دولة “كردستان الحمراء”، التي لم تبلغ ربيعها السادس هناك، لتندثر سنة 1929. استمرارا لمحاولات أكراد تركيا تحقيق حلم الدولة، أعلنوا عن قيام “جمهورية آرارات الكردية المستقلة” سنة 1927 وذلك في قرية قرب آرارات أعلنوها عاصمة مؤقتة لكردستان الوليدة التي انتهت عام 1930. بدورهم أعلن أكراد إيران بقيادة قاضي محمد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني عن ولادة “جمهورية مهاباد الشعبية الديمقراطية” سنة 1946 وعاصمتها مهاباد على ثلاثين في المئة من أراضي كردستان الشرقية في إيران، لكن فرحتهم امتدت ل10 أشهر يتيمة سقطت بعدها مهاباد وتبخر حلم الدولة من جديد. في عام 1970، أبرمت الأحزاب الكردية معاهدة للسلام مع الحكومة العراقية أعطت الأكراد حكما ذاتيا، واعترفت بالكردية لغة رسمية لهم هناك، وأضافت على الدستور العراقي مادة عرّفت العراق بلدا يضم شعبا من قوميتين هما “العربية والكردية”، حتى تحولت منطقة الحكم الذاتي إلى “إقليم كردستان العراق”، الذي صار له علم ودستور ونشيد قومي وحكومة وبرلمان. استغلت بعض القيادات الكردية الفوضى التي عمت الجمهوريات المنبثقة عن الاتحاد السوفييتي، وأعلنت ربيع 1992 عن قيام دولة للأكراد في لاجين التي استولت عليها القوات الأرمينية في إطار النزاع على إقليم قره باغ بين باكو ويريفان. دولة الأكراد في لاجين، ولدت ميتة لأنها لم تحظ بالتأييد الشعبي اللازم. نفوذ الأكراد في شمالي سوريا، ترسخ مع احتدام أزمتها التي اندلعت سنة 2011، وقد استغلت بعض القوى والتيارات الكردية الوضع المتردي وأعلنت عن قيام إدارة ذاتية مؤقتة في شمالي سوريا سمّتها روج آفا، وهي غربي كردستان بالعربية.