لا يمكنني تصور نفسي مناصرا للكفار الأمريكان والإنجليز أمام الجزائر نادر السيد، الحارس المصري السابق الذي اشتهر بتلقي مرماه هدف آشيو الحرامي في كأس إفريقيا 2004، بتواضع كبير كالعادة، أجابنا عن كل الأسئلة التي طرحناها عليه هاتفيا، مثبتا للمرة الألف أن مصر ليست كلها متعصبين أو حاقدين على الجزائر.. نادر السيد فتح قلبه ل"الشباك" ليسرد لنا زبدة ما استنتجه عن المشاركة الجزائرية والمصرية مؤخرا في كأس أمم إفريقيا بأنغولا، معرّجا على المواجهة بين الفريقين في الدور نصف النهائي، معلقا على حكم المباراة كوفي كودجيا. كما أبدى رأيه في العديد من القضايا على غرار قضية شاوشي مع الحكم كودجيا، وهل تستحق مصر الفوز في تلك المقابلة.. كما لم ينس الحديث عن المشكلة بين الجزائر ومصر والتي حصرها في كرة القدم، ورفض تعميمها على العلاقة بين البلدين، وحكم بجرأته المعهودة عن ضربة الجزاء التي نفذها حسني عبد ربه، وعن العديد من القضايا التي يكشف عنها لأوّل مرة عبر صفحات الجرائد، وبصراحة الحديث مع نادر السيد يكون دائما شيّقا، سيما أننا نحاوره للمرة الثانية في مدة ثلاث أشهر الأخيرة، ولكي لا نطيل عليكم نترككم مع أحد رموز الكرة المصرية والعربية الحارس نادر السيد. أهلا نادر السيد معك صحفي جريدة "الشباك" الجزائرية... أهلا وسهلا بكم كيف أحوالكم وأحوال كل الجزائر والجزائريين؟ الحمد لله على كل شيء، فكما تعلمون الجميع هنا مستاء عن المواجهة الأخيرة للجزائر مع مصر والهزيمة التي تكبدها المنتخب الجزائري وعن ظلم... يا أخي هذه هي كرة القدم يوم تفوز وآخر تهزم. وهذا ما جعل منها اللعبة الأكثر شعبية في العالم. أول سؤال خطر ببالي أن أطرحه عليك، ما هو رأيك بخصوص الحكم البينيني كوفي كودجيا الذي أدار لقاء الجزائر ومصر في المواجهة نصف نهائية؟ كوفي كودجيا حكم معروف على الساحة الإفريقية، وسبق له إدارة كأسين عالميتين، لهذا أظن أن اختياره من طرف "الكاف" لمواجهة نصف نهائية بين الجزائر ومصر كان بعد دراسة معمّقة، لأنه حكم سبق له أن أدار العديد من المقابلات الكبيرة، والتي لا تعكس المستوى الذي ظهر به في لقاء المنتخب الجزائر والمصري في كأس إفريقيا الأخيرة. إذن أنت تشاطرني الرأي إن قلت إنه سبب هزيمة الجزائر أمام مصر في اللقاء الأخير؟ أشاطرك الرأي إن قلت إن كودجيا ارتكب العديد من الأخطاء في المواجهة نصف النهائية الأخيرة، لكن لست معك في أنه السبب في هزيمة المنتخب الجزائري بأربعة أهداف كاملة، لأن هذا غير صحيح، ورغم كل ما قام به كودجيا فإن الجزائر هي التي كانت سببا في هزيمة قاسية أمام مصر وليس الحكم البينيني الذي أدار المواجهة. إذن ترى أن مصر تستحق الفوز على الجزائر وبتلك النتيجة؟ أجل، فوز المنتخب المصري على الجزائر كان مستحقا، لكن النتيجة لم تكن مستحقة وكانت جد قاسية، ولا يجب أن ننكر أن منتخب الجزائر كان بعيدا كل البعد عن المستوى الذي ظهر به في المواجهات السابقة، لأنه دخل في فخ التسرع والنرفزة، مما سهل المهمة أكثر لأشبال المدرب حسن شحاتة الذين اغتنموا الفرصة وألحقوا بالجزائر هزيمة ثقيلة جدا انتهت بأربعة أهداف. لماذا لم يقدم المنتخب الجزائري مستوى كبيرا في تلك المواجهة حسب رأيك؟ أظن أن المواجهة الكبيرة التي أعطوا فيها كل شيء أمام كوت ديفوار هي التي أثّرت عليه من الناحية المعنوية وليس البدنية، فنفسيا لما تقدم مباراة كبيرة أمام منتخب كبير فالمواجهة الثانية لا يمكنك في كل حال من الأحوال أن تعيد نفس الأداء بنفس العزيمة والرغبة بعد ثلاثة أو أربعة أيام فقط، لكن الجزائر انهزمت أمام مصر لأسباب أخرى. وما هو هذا السبب بالضبط؟ لاعبو المنتخب الجزائري لم يتحكّموا في أعصابهم خلال اللقاء، وبمجرد أن ارتكب الحكم كودجيا أول خطأ بمنحه إنذار مجاني لحليش حتى دخلوا في التسرع والنرفزة، ومنحوا لأنفسهم بطاقات أخرى مجانية، على غرار لقطة نذير بلحاج الذي حطّم فريقه لتأتي بعدها لقطة الحارس شاوشي الذي خرج بإنذار مجاني أيضا فاسحا المجال للمنتخب المصري بهزم الجزائر برباعية. باعتبارك حارسا، كيف تعلق على لقطة شاوشي الذي حاول الاعتداء على الحكم؟ لا أحد يمكن أن يعطي شاوشي الحق في تلك اللقطة، فحراس عالميون خسروا كؤوس العالم ومواجهات كبيرة بسبب الحكم، لكن لا أحد منهم حاول الاعتداء على الحكم الذي يعتبر بشر في الأخير يخطئ ويصيب، ففي كل الأحوال ليس لشاوشي ولا لأي لاعب الأحق بمعاقبة كودجيا بمحاولة الاعتداء عليه، لهذا في كل الأحوال شاوشي أخطأ ويجب أن يعترف بخطئه واسمح لي أن أضيف شيئا. تفضل... لو تعلق الأمر بالحارس ڤاواوي فأنا متأكد أنه لن يتحدث مع الحكم لأنه حارس متزن ولا ينفعل بسهولة، وهذا ما جعله من أحسن الحراس في إفريقيا بالنسبة لي، فرغم أن شاوشي حارس ممتاز وأثبت ذلك في مباراة السودان، إلا أنني مع نفسي أفضل ڤاواوي الذي يمتاز ببرودة دم قوية ورزانة من الصعب أن تجدها في حارس ليس محترفا في أوروبا، لهذا أقدر كثيرا ڤاواوي وأحسبه دائما أحسن حارس في الجزائر. ما تعليقك على هدف حسني عبد ربه الذي جاء عن طريق ضربة جزاء؟ حسب معرفتي بكرة القدم والخبرة التي اكتسبتها في حراسة المرمى فهدف حسني عبد ربه ليس صحيحا، وكان على الحكم كودجيا أن يطلب إعادته لتفادي المشاكل، لأن القانون يسمح له بطلب إعادة مثل هذه الضربات، رغم أن العديد من الحكام حتى في أوروبا يحتسبون هذه الأنواع من التنفيذ، ويرون أنها صحيحة، لكن بحكم أنني حارس مرمى أرى أنها ليست عادلة ويجب إعادتها. البعض يرى أنها اللقطة التي هزمت الجزائر معنويا؟ لا يجب أن يكذب الشعب الجزائري على نفسه، فصحيح أن منتخبهم قويّ جدا ويستحق الذهاب إلى المونديال والوصول حتى لنهائي كأس إفريقيا، لكن حتى إن طلب كوفي كودجيا من عبد ربه إعادة ضربة الجزاء فمن الممكن أن يسجلها، فضلا عن هدف زيدان الذي كان صحيحا هو الآخر، لهذا الجزائر جاء الوقت الذي تنهزم فيه وهذه هي كرة القدم، لكن رغم كل شيء تبقى المنتخب الوحيد الذي سيمثل العرب في المونديال. هل ترى أن مصر عوّضت بفوزها بكأس إفريقيا إخفاقها في التأهل للمونديال؟ شتان بين المنافستين، فلا علاقة لهما ولا مجال للمقارنة بين المشاركة في كأس العالم والفوز بكأس إفريقيا، فمصر حتى لو تفوز عشرة مرات متتالية بكأس إفريقيا لن تنسى ولن تعوض إخفاقها في التأهل إلى المونديال، لأن الشعب المصري لازال لحد الآن يتحسر على ضياع المشاركة في مونديال جنوب إفريقيا، وسيبقى الألم دائما في قلوبنا وقلوب كل من هو مصري حتى ننجح في المشاركة في مونديال آخر مستقبلا. هل ترى أن فوز مصر على الجزائر مؤخرا كفيل بحل المشكلة بين البلدين؟ قلتها وأعيدها لا يوجد أي مشكلة بين الجزائر ومصر، بل المشكلة بين كرة القدم المصرية والجزائرية، فلا يمكن أن تؤثر مباراة في كرة القدم على علاقة بلدين شقيقين مثل الجزائر ومصر، وحتى شعبنا وشعبكم يحترم بعضه البعض، لهذا يجب أن يعلوا صوت العقلاء على المتعصبين وننسى كل ما جرى، لأن السبب في كل الملاسنات هو الإعلام في الجزائر ومصر، وأتمنى من كل قلبي أن تنتهي هذه الأمور الآن ولا نفكر فيها مستقبلا. كيف كان رد فعلك بعد هزيمة الجزائر في أول لقاء أمام مالاوي؟ لم أفهم في بادئ الأمر سبب تلك الهزيمة، خاصة أن الجزائر كانت بعيدة كل البعد عن مستواها الحقيقي، لكني كنت حارسا في مصر ولعبت كأس إفريقيا وأعرف الظروف المناخية التي لعبت فيها الجزائر، لكن لا يجب أن ننسى أن منتخبكم دخل بعض الشيء بثقة مفرطة في النفس، وكان بإمكانه الفوز على مالاوي لو دخلت بجدية أكبر، لكن على العموم ظروف اللعب في إفريقيا تحت حرارة ورطوبة شديدتين صعب جدا على لاعبين ينشطون في أوروبا التأقلم معها، سيما أنها أول مشاركة لأغلبية لاعبي الجزائر في "الكان". وهل توقعت وصول الجزائر للدور نصف النهائي بعد هزيمة مالاوي؟ لا أخفي عليك أن مستوى الجزائر مع مالاوي أدهشني، لكني كنت متأكدا من عودة "الخضر" بقوة وتأهلهم للدور الثاني، وبعد وقوعهم مع كوت ديفوار لم أقدر على التكهن، لكني منحت لكل فريق نسبة خمسين في المائة للفوز، لكن مباشرة بعد دخول المنتخب الجزائري بقوة في الشوط الثاني من تلك المباراة تأكدت أنهم سيمرون للمباراة نصف النهائية وتوقعت مواجهة جزائرية مصرية في المربع الذهبي، وفي الأخير الجزائر بأدائها الكبير كانت تستحق المرور إلى المربع الذهبي. كيف تتوقع مشاركة الجزائر في المونديال؟ الفرق العربية عامة والإفريقية أيضا تؤدي مستوى طيّب في كأس العالم، لكن أرى أن الجزائر ستحدث المفاجأة لأنها تملك لاعبين كبار ينشطون في البطولات الأوروبية، وهو الشيء الذي يكوّن قوتهم خاصة من الناحية المعنوية، فلمّا تلعب في أوروبا تواجه منتخبات كبيرة مثل إنجلترا بدون أي مركب نقص، لهذا أرى أن المنتخب الجزائري قادر على المرور للدور الثاني في كأس العالم، وأنا أعي ما أقول، وأرشحه للفوز على سلوفينيا في المواجهة الأولى. وهل سيناصر المصريون المنتخب الجزائري في المونديال؟ في هذا السؤال لدي الحق أن أجيبك عن نفسي فقط، فأنا سأناصر المنتخب الجزائري وسأكون أول من يقف وراءه في المونديال، لا يمكن في كل الأحوال أن أتخيل نفسي أناصر فريقا كافرا خاصة إنجلترا وأمريكا أمام فريق عربي ومسلم مثل الجزائر، سأكون صريحا معك، في كل مرة أشاهد ناديا أوروبيا يلعب له لاعب عربي ومسلم أناصره من دون تردد، فما بالك بمنتخب كله عربي وشقيق، يا أخي لا ديني ولا عرقي ولا تربيتي يسمحوا لي بمناصرة الكفار على حساب المسلمين، لهذا أنا مع الجزائر وتألقها في المونديال. نترك لك سيدي الحرية في إنهاء هذا الحوار؟ أوجه نصيحة إلى الإعلام المصري والجزائري، بأن لا يصبّوا الزيت على النار، وكما تقول الآية الكريمة "الفتنة أشد من القتل"، فلهذا لا يجب أن نزيد من المحنة التي حصلت بين كرة القدم المصرية وكرة القدم الجزائرية، ويجب أن تعلوا دائما أصوات العقلاء ونفكر أكثر في أبنائنا سواء القاطنين في الجزائر أو في مصر، لهذا نحن عرب، إخوة ومسلمين، ويجب أن نتحد ضد الكفار واليهود ولا نتفرق من أجل كرة القدم، من أجل أبلغوا تحياتي لكل الشعب الجزائري الحبيب والشقيق، وأرجوا من كل قلبي أن يعلوا اسم الجزائر والعرب والمسلمين ككل في مونديال جنوب إفريقيا. شكرا لك نادر السيد... الشكر لكم وأتمنى لكم النجاح في بقية المشوار.