ما كان مجرد تخمين، تحول إلى حقيقة.. قدماء لاعبي الجزائر، الذين كنا وما نزال نقدسهم ونعزهم، ظهرت عيوبهم وتكشّفت عوراتهم هذه الأيام.. يمكن لأي واحد منكم أن يتأكد من الأمر بمجرد تصفحه لأي جريدة.. بمجرد أن تفتحها إلا وتصادفك مقالات مزعزعة، تروي لك مأساة هؤلاء القدماء العظماء، الذين صاروا يتبارزون ويتنابزون ويتعاركون فيما بينهم، ليس من أجل مصلحة كبرى، أو غاية سامية، أو أُمنية عظيمة، بل من أجل مقابلة ودية في كرة القدم.. فقط.. هذا ما كان.. ولنفرض أن المقابلة ستكون أمام منتخب فرنسا بطل العالم لسنة 1998.. ولنفرض أن اللقاء سيحضره نجم النجوم زين الدين زيدان.. ولنفرض أن بعض لاعبينا القدماء حرم من التمتع ببريق النجومية وبهرجة الإعلام في وقته، وأراد إمتاع جيل اليوم بكونه كان بمثابة "ميسي" في زمانه.. ولنفرض أن المناسبة سيحضرها كبار القوم وعليّتهم وأشهرهم.. ولنفرض أن أجهزة التسجيل والتصوير العالمية ستكون في الموعد.. لفرض كل ذلك، فهل يجب أن ينسينا الأمر ماضينا وإنجازاتنا مع الخضر، وحب واحترام الناس لنا، إلى درجة أن يقول فلان لعلان أنت غير معنيّ بهذه المبادرة.. أو أنت غير موجود على قائمة اللاعبين المدعوين.. أو أنت لن تلعب اللقاء لأنك كبرت.. أو أنا سألعب ذراع حبيت ولا كرهت.. أو أنا هو باباها واحد ما يمنعني.. إن الأدهى في كل ما بلغ أذنيّ الطويلتين هو ما قاله أحدهم من أن مواجهة زين الدين زيدان سيلعبها عناصر الفريق الوطني لسنة 1990، المتوج بكأس إفريقيا لنفس السنة.. ثم ما رد به آخر عليه، وهو أن منتخب 1982 هو الأجدر باللعب لكونه قهر الألمان وشرّف العرب وحقق إنجازا لم ولن يتكرر.. لسنا مع أو ضد هذا الطرف أو ذاك، وإنما أردنا التذكير بنقطة هامة وأساسية، وهي أن مباراة ودية يجب أن تبقى في طابعها الودي المحض، بل وعلينا استغلالها لتلطيف الأجواء والتعبير عن الحب والتصالح مع الذات ومع الغير، لا أن نطول ألسنتنا الطويلة أصلا، ونكشف عوراتنا الكثيرة طبعا، ونعلن عن عيوبنا أمام الملأ جهرا.. إن بحثنا عن المال والشهرة والسلطان، جعلنا ننسى أنفسنا، وننسى تاريخنا.. إن هذه المباراة جعلتنا نرتكب جرما في حق واحد من صنّاع الرياضة في الجزائر الحبيبة.. عبد القادر بهمان يموت الآن في صمت ولا أحد سأل عنه.. زيدان أنسانا بهمان.. بهمان المربي والمعلم، المكوّن، المدرب، تفوق قيمته قيمة كل أموال الدنيا.. لو تعلق الأمر باسم آخر غير زيدان، فهل كانت ستندلع تلك الحرب بين اللاعبين القدامى؟؟ ولو تعلق الأمر بلاعب زوالي، هل كنا سنسمع ونقرأ ونشاهد تلك المعركة الضارية بين هؤلاء؟؟ هو مجرد سؤال.. وللحديث بقية.