يبدو أن الأجواء تعكرت بين الناخب الوطني رابح سعدان وبين بعض اللاعبين القدامى 1982 و1986 وبعض لاعبي التسعينيات، الذين قادوا “الخضر“ لأول وآخر تتويج بكأس الأمم الإفريقية... وساءت أكثر خلال المونديال الإفريقي بسبب الانتقادات التي كانت تلاحق سعدان من طرف هؤلاء بعد كل تعثر، حيث لم يقنع أحدا بسبب خياراته التكتيكية غير المفهومة وسوء تسييره للمواجهات، ولكن النقطة التي أفاضت الكأس وأغضبت قدماء اللاعبين كثيرا هي التصريحات التي أدلى بها سعدان ضدهم لأحدى وسائل الإعلام الأجنبية، لما قال إن الذين ينتقدون خياراته ويتحدثون عن “الكوتشينغ“ لا يفقهون شيئا في كرة القدم، وما يقولونه عنه لا يخرج عن الغيرة والحقد عليه. “من حقنا أن ننتقدك لأن هذا المنتخب ملك كل الشعب الجزائري“ وعلمنا أن الكلام الذي قاله الناخب الوطني رابح سعدان بعد الخسارة القاسية أمام منتخب أمريكا والإقصاء المبكر في مجموعة متذبذبة المستوى، بلغ مسامع هؤلاء اللاعبين الذين تناقلوه إلى بعضهم البعض وهو ما جعل ردود الفعل تتوالى، خاصة من الذين كانوا يحللون مباريات المونديال لبعض القنوات العربية والأوروبية. وحسب المعلومات التي بحوزتنا فإن ما حز في نفوس قدماء اللاعبين هو أن سعدان لم يتقبل انتقادهم، وكأن ما يقوم به “وحي منزل“ لا يقبل أي نقاش أو أنه رجل معصوم من الخطأ. وأكد لنا لخضر بلومي نجم المنتخب سنوات الثمانينيات أنه من حق النقاد والمحللين وحتى اللاعبين إبداء رأيهم في طريقة لعب المنتخب والحديث عن الهفوات التكتيكية، لأن وقت المحاسبة قد حان بعد أن إنتهت كأس العالم بالنسبة لنا، وهذا المنتخب ملك لكل أبناء الشعب الجزائري سواء داخل أو خارج الوطن. “انتقدنا خياراتك ولم ننتقد شخصك“ وأغرب ما في الأمر –حسب ما أكده لنا بعض قدماء اللاعبين – أن سعدان تحدث عنهم باستهزاء، واصفا إياهم بالجهلة والغيورين كأنهم انتقدوا سعدان الشخص وليس المدرب، حيث صرح عماني في هذا السياق أنه لم يفهم كيف لم يتحمل سعدان هذه الانتقادات، رغم أنها بناءة وموضوعية ولم تمس سمعة شخصه أو حياته الخاصة مثلما يحدث مع مدربي بعض المنتخبات العالمية، ومع ذلك فإن سعدان لم يجد ما يرد به على تلك الانتقادات التي تلاحقه حتى قبل السفر إلى جنوب إفريقيا والمشاركة في المونديال، إلا بالقول إن كل من يفعل ذلك لا يفهم أصول التدريب والأمور التكتيكية وهو ما حز في نفس بلومي، عماني والآخرين. “دونڤا فاز في مواجهتين لكنه لم يسلم من الانتقادات“ وأكد بعض قدماء اللاعبين الذين لم يتجرعوا ما قاله الناخب الوطني ضدهم، أن ما لا يعلمه سعدان هو رأي أكثر من 35 مليون جزائري الذين أكدوا مرة أخرى أنهم يفهمون كرة القدم جيدا، وأنه (سعدان) كان عليه أن يبرر إصراره على تهميش بودبوز وعبدون وتجديد ثقته في غزال الذي تلاعب بمشاعر كل الجزائريين أمام سلوفينيا، لماذا لم يتطرق إلى الأسباب الحقيقية التي جعلت زياية يرفض المنتخب وأبعد لموشية ومنح الفرصة للاعبين كانوا ضيوف شرف على غرار بلعيد ومجاني؟ فيما ذهب البعض الآخر أبعد من ذلك وأكدوا أنه كان على سعدان أن يأخذ العبرة من المدرب “دونڤا“، الذي يتقبل انتقادات بعض اللاعبين والمدربين السابقين في منتخب “السامبا“ بصدر رحب، رغم أنه فاز في المواجهتين الأوليين وتأهل قبل مباراة أمس التي لعبها أمام البرتغال. “فقد ثقة الجميع ولا أحد يبارك بقاءه“ وقد جاءت عملية سبر الآراء التي أجرتها “الهداف“ أول أمس على بعض قدماء اللاعبين بشأن مستقبل العارضة الفنية بعد نهاية المونديال، لتؤكد أن الأزمة بين هؤلاء وسعدان أعمق مما يتصوره البعض واكتشفنا أن اللاعبين القدامى فقدوا الثقة تماما في سعدان، رغم أنه صنع لنفسه تاريخا لا يمحى حيث لا أحد بارك بقاء سعدان وبدأ الجميع يفكر في خليفته ويتحدث عن المدرب الذي يراه الأنسب ليشكل جهازا فنيا في المستقبل، يكون قويا بقوة المنتخب الذي كسبناه بعد سنوات من الانتظار، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو هل أن غضب الشيخ سعدان من انتقادات بعض لاعبيه القدامى تعود فعلا لأسباب تقنية؟ أم أن الأزمة الحادة بين المدرب واللاعبين القدامى لها خلفيات أخرى لا علاقة لها بالكرة؟