قبل سنوات، اشتكى لي مدير أحد الملاعب الجزائرية المعشوشبة طبيعيا، معاناته مع الدود الذي غزا ملعبه وكاد أن يأتي على عشبه، وقال: عجبت لأمر الدود، في النهار يسكن أعماق التربة، وفي الليل يصعد للتنفس والتغذية (كما يقول وسيم)، لكنه سرعان ما يعود إلى الأعماق بمجرد أن يشم رائحة المبيدات.. شاهدنا كلنا لقاء الجزائر مع صربيا قبل أسابيع قليلة.. أنا لا أريد العودة لتلك المباراة حتى أتحدث عن نتيجتها المخزية، الصادمة، لا، إطلاقا، بل أرغب في التطرق لجانب آخر من تلك المواجهة، وهو الجانب الذي كان كفيلا بتغيير الكثير من المفاهيم والمعتقدات التي طالما عششت في عقولنا.. ملعب خمسة جويلية الأولمبي فضحنا على المباشر يوم مباراة صربيا، أمام الناس أجمعين بشكل مذل، لم أتحمله، فذاك أمر فاق طاقتي بصراحة.. لو سألت أي جزائري الآن، عن أعز ما يملك في هذا الوطن المفدى، لقال لي من غير تردد: الشهداء.. ولو سألت ذات الجزائري عن أهم شيء يفاخر به العالم، لردّ رافعا رأسه: عيد الاستقلال.. وأنا الآن أتساءل كيف يمكننا ربط تاريخ مماثل بمكان مماثل؟؟؟ خاصة إذا ما علمنا أن المركب يحمل اسم رمز وشهيد بحجم المجاهد محمد بوضياف، أو سي الطيب الوطني، ألف رحمة عليه.. يوم مباراة صربيا المشؤومة كشف ملعب خمسة جويلية ومركبه كل العيوب.. ربما قد تقولون أن عدد الأنصار الوافدين كان مضاعفا، أو أن التأطير كان ناقصا، أو أن الأمطار فعلت فعلتها، أو أن دودة العشب دارت ذراع.. لكن الأكيد هو أن الوضعية الكارثية التي يتواجد عليها هذا المركب، الذي كان قبل اليوم رمزا، تدفعنا إلى طرح ألف سؤال وسؤال.. لقد قال لي أحد الزملاء ممن أثق في شهادتهم، أن أعوان الملعب لم يتمكنوا، قبل بداية لقاء صربيا، من غرس عمود الركنية في تربة ملعب خمسة جويلية، بسبب الصلابة الشديدة التي عليها أرضية الميدان.. علما أن شركة هولندية تعمل على إصلاح نفس الأرضية منذ مدة، وهو أمر كلف خزينة الدولة الشيء الفلاني من المال والوقت.. ما ننتظره من اللجنة التي أعلن عنها وزير الشباب والرياضة يوم أمس للتحقيق في وضعية هذا المركب الجوهرة، هو التعجيل في اتخاذ قرارات حاسمة ذات سيادة.. حتى لا يقال أن دودة تافهة قد غلبتنا.. وللحديث بقية.