أردت الكتابة عن عالم الاحتراف، لكن أول ما تبادر إلى ذهني هو ثلاث كلمات: انجراف، انحراف وانصراف.. ثم بعدها، ودون قصد مني، وجدتني أشاهد صور رؤساء الأحزاب الجزائرية تمرّ أمام عيني..إن تصرفات بعض رؤساء الأندية الجزائرية تجرّني من أذني الطويلة إلى الحديث عن أفعال بعض رؤساء الأحزاب عندنا.. ما يقوم به هذان الصنفان يتقارب إلى أبعد الحدود.. فكلاهما يغرف من المال العام ويتطفل عليه، حتى أن بعضهم وضع لنفسه راتبا شهريا من خزينة الفريق أو الحزب، يضاف إلى ذلك أنهم لا يتبدلون ولا يزولون ولا يتغيرون، هم هم، لا يبغون عن الكرسي حِوَلا.. يتحدث الجميع اليوم عن دخول أنديتنا عالم الاحتراف، لكن الواقع يتحدث عن النقيض تماما.. لماذا نسمح لأنفسنا بالحديث عن الاحتراف ونحن قاب قوسين أو أدنى من الانحراف عن الجادة، والانجراف نحو المادة، والانصراف إلى العادة، بل عادات الهواة.. الاحتراف يعني تلك الأسطوانة القديمة الجديدة التي دأب بعضنا على ترديدها على مسامع البعض الآخر في مناسبات معينة.. كيف نتحدث عن الاحتراف ونحن نملك الإمكانات المادية والبشرية، دون أن نحوز الأفكار والنظام والبرنامج الملائم، مع الأسف.. الإصلاح الرياضي في بلادي أثمر منتخب سنة 1982 ثم منتخب 1986، فماذا سينتج الاحتراف الذي نتحدث عنه اليوم.. كيف نتحدث عن الاحتراف ونحن لا نملك مدارس كروية ومراكز تكوين، بل ولا نهتم بالفئات الشبانية إلا قليلا.. هل أذكركم بالمدارس الكروية العريقة في الجزائر التي تموت ببطء وتقبر في صمت: جمعية وهران، ملاحة حسين داي، أولمبي العناصر.. كيف نتحدث عن الاحتراف ونحن ما زلنا نحتقر النوادي الصغيرة ونهمش فرق المدن الداخلية، ونزكي ونمجد ونعبد النوادي الكبيرة في المدن الكبرى.. ما أريد قوله هو أن الاحتراف يبدأ من طريقة التفكير، لينتهي فوق الميدان، وليس العكس.. إن الحقيقة التي يحاول البعض مداراتها هي أن تركيزنا منصب اليوم على الحديث عن الاحتراف، لسبب بسيط، هو أن الفيفا حددت بداية موسم 2012 كآخر اجل للدول المنضوية تحت لوائها من أجل تجسيد مبدأ الاحتراف على الواقع، هذا ما كان.. في كل الأحوال، أرجو أن لا ينحرف بنا قطار الاحتراف عن السكة.. وللحديث بقية.