لقيت العقوبات الأخيرة التي سلطتها الرابطة الوطنية على بعض اللاعبين ورؤساء الأندية استحسان الجميع لأنها أفضل وسيلة لردع محاولات هؤلاء لمسح الموس على ظهور أصحاب البدلة السوداء في كل مرة يخفقون في بلوغ أهدافهم بالطرق الرياضية أوبالأحرى بعرق الجبين، وتعتبر هذه الظاهرة شائعة جدا في بطولتنا إلى درجة أصبح فيها الحكام يخافون حتى على أرواحهم خصوصا عندما يتعلق الأمر بمباراة مصيرية هامة، وبالتالي فمن واجب الرابطة الوطنية حماية الحكام من غطرسة مسؤولي الأندية واللاعبين والأنصار على حد سواء، حيث لا تكاد تمر مواجهة إلا وتتهاطل انتقادات لاذعة على الحكام وتتزايد المطالب بمعاقبة ذاك الحكم وفصل آخر نهائيا وكأن أصحاب الصفارة ليسوا بشر يصيبون ويخطئون، والأخطر من ذلك أن نفس الأشخاص الذين ينادون بضرورة الدخول في الاحترافية نجدهم في الصفوف الأولى في انتقاد الحكام والاعتداء عليهم. ضرورة سن قانون يمنع رؤساء الأندية من الجلوس على كرسي الاحتياط ولم يخطئ الكثير من الجزائريين عندما يؤكدون أن مشاهدة مباريات البطولة الوطنية تصبح لا تطاق بعد التمتع بدوريات البلدان الأوروبية، حيث وبالإضافة إلى روعة الأداء وجاذبية الملاعب والأجواء الرائعة في المدرجات، يعطي اللاعبون أحسن صور الاحترافية فوق الميدان، حيث لا يجرؤ أحد على الحديث مع الحكم أوالاحتجاج على قراراته وهذا رغم الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها هؤلاء في مباريات مصيرية على غرار ما فعله الحكم السويدي في مواجهة نصف نهائي رابطة الأبطال الأوروبية خلال الموسم الماضي بين تشيلسي وبرشلونة، إذ أن العالم كله شهد أن الحكم حرم البلوز من التأهل، ولكن المواجهة انتهت في روح رياضية عالية ولم نشاهد الشرطة تجري لحماية الحكم. والأهم من ذلك فإن رؤساء الأندية هناك لا يرى لهم أثر في المباراة لأن مهمتهم واضحة عكس رؤساء أنديتنا الذين يحشرون أنوفهم في أمور لا تعنيهم ولا يبرحون كرسي الاحتياط إلى جانب مدربيهم وذلك ليتسنى لهم الاحتجاج على الحكم، وقد سبق لأحد الحكام أن صرح بأنه على الفاف سن قوانين تمنع رؤساء النوادي من الجلوس على كرسي الاحتياط. إيرلندا أقصيت من المونديال بسبب خطأ فادح من الحكم... ولم يحدث شيء وأكبر مثال على بلوغ الكرة في بلدان ما وراء البحر ذروة الاحترافية هوما أسفرت عنه مباراة السد الخاصة بتصفيات منطقة أوروبا لمونديال جنوب إفريقيا بين منتخب فرنسا وإيرلندا، حيث تأهل الديكة بفضل خطأ فادح من الحكم الذي لم يشاهد لقطة تمرير اللاعب تيري هنري للكرة بيده لزميله الذي سجل على إثرها هدف الفوز والتأهل، ورغم ذلك، فالمنتخب الإيرلندي لم يخرج عن القانون وانتهت المباراة في هدوء تام، واكتفى مسؤولو الكرة في إيرلندا بإرسال شكوى إلى الفيفا، هذه الأخيرة كان ردها واضحا، حيث قالت أن قرارات الحكم نافذة ولا يمكن العودة فيها، وانتهت القضية. ولكن خرج الفرنسيون، في أروع مشاهد الاحترافية والروح الرياضية، إلى الشوارع مطالبين بمعاقبة هنري ورد الحق لإيرلندا، وأكثر من ذلك أكدوا أنهم ليسوا مقتنعين بتأهل منتخب بلادهم إلى المونديال بتلك الطريقة، ولوحدث ذلك عندنا لوقعت الحرب ولبقيت آثارها تصنع الحدث لحقبة طويلة من الزمن. هروبا من ثورة الأنصار.. رؤساء الأندية يخفون إخفاقهم باتهام الحكام والمتتبع لشكاوي الأندية ضد الحكم التي تم تسجيلها هذا الموسم سيقتنع بأن مستوى بطولتنا من حيث اللعب الجميل راق جدا إلى حد أن الأندية تقدم أداء رائعا لكن الحكام دوما هم الذين يهزموها بقراراتهم العشوائية وكأن تلك الأندية لا يمكن لها أن تنهزم عندما يكون الحكم في المستوى، فإلى متى يبقى رؤساء ومدربي وحتى لاعبي أنديتنا يسترون تردي مستواهم وضعف مردودهم باتهام الحكام ؟ فالفاف مطالبة بالضرب بيد من حديد لأن الظاهرة أخذت منحى خطيرا، لأن الرؤساء عادة ما يلجئون إلى ذلك هروبا من ثورة الأنصار، فقد أطلق رئيس شباب بلوزداد قرباج اتهامات واضحة للحكم الدولي جمال حيمودي بحجة تفضيل هذا الأخير لوفاق سطيف على حساب فريقه في المباراة التي جمعت بينهما لأنه أدرك أن الأنصار لم يستسيغوا الأداء الباهت والهزيمة التي تكبدها فريقهم، وقبلها ثار رئيس وفاق سطيف سرار على الحكم الذي أدار مباراة فريقه أمام العلمة في ملعب 8 ماي لأنه أحس بأن التعثر تسبب في هيجان الجماهير خاصة وأن الوفاق يلعب على اللقب، وطالب رئيس شبيبة القبائل حناشي من الرابطة معاقبة حكم آخر عندما سجل فريقه تعثر بميدانه أمام الجار شبيبة بجاية مما حرمه من المركز الثاني وهو يدرك جيدا أن الأمر يتعلق بداربي انتظره القبائل مطولا، وذهب غريب إلى أبعد من ذلك عندما طالب بفصل الحكم الذي أدار مباراة فريقه مولودية الجزائر وشباب باتنة في ربع نهائي كأس الجمهورية، ووصفه بشتى أنواع النعوت، لا لشيء سوى لكون العميد كان يسعى "للدوبلي"، ولكنه اصطدم بإرادة كبيرة لأبناء الأوراس، ومحاولة منه لإبعاد التهمة عن الطاقم الفني، اختصر غريب الطريق ووضع الحكم في "السيبلة". غياب ثقافة تقبل الهزيمة وانتشار ثقافة النتائج الفورية.. أهم أسباب الهجوم على الحكام ويرى الكثير من الحكام أنهم معرضون حقا لضغوط رهيبة، حيث أنهم لا ينجون من الانتقاد والاتهام مهما آلت إليه نتيجة المباراة التي يديرونها وأرجعوا ذلك إلى عقلية وطريقة تفكير الجزائريين وغياب ثقافة تقبل الهزيمة لدى الأندية إضافة إلى استيلاء ثقافة حب الربح السريع والنتائج الفورية على تفكير الرؤساء والمدربين واللاعبين ومعهم الأنصار، ورغم أن بعض الحكام وجهت لهم تهم تلقي الرشوة إلا أن المشكل يكمن في هوية الراشي الذي يحتمل أن يكون رؤساء الأندية الذين يتحكمون مسبقا في نتائج المباريات، ولهذا فإن الحكام يطالبون من رئيس الفاف محمد روراوة سن قوانين ردعية للرؤساء أيضا كما قام بفصل عدة حكام من قبل.