إختار الصهاينة الوقت المناسب لبرمجة هجوم على "أسطول الحرية"، الذي كان متوجها إلى غزة، من أجل نقل مساعدات إنسانية لكسر الحصار الإسرائيلي، الذي دام أكثر من أربع سنوات. وعمد الصهاينة لاعتداء على عزل، في خرجة أثارت إستياء وتنديد الرأي العام العالمي. ولا يعد التوقيت الذي اختاره الصهاينة، لبرمجة الإعتداء بريئا، وإنما أملاه إنشغال كل الرأي العام العالمي بمنافسة كأس العالم التي ستجرى فعاليتها في جنوب إفريقيا يوم 11 جوان، وهو الموعد الذي لا يفصلنا عنه سوى أيام معدودة، ما جعل حمى كرة القدم تصل ذروتها طالما حبست كل الأنفاس في انتظار الموعد المرتقب، لكن مكر الصهاينة دفعهم إلى استغلال غفلة الرأي العام العالمي لتنفيذ مخططها المكيافيلي الجبان. لا كرة لا مونديال، لكن "أسطول الحرية" سيكبر في جنوب إفريقيا وخلف الاعتداء الصهيوني على "أسطول الحرية"، الذي خلف 19 شهيدا والعديد من الجرحى من جنسيات مختلفة من بينهم جزائريان، الأمر الذي جعل برقيات التنديد تأتي من كل حدب وصوب، خاصة وأن الإعتداء لم يحدث في المياه الإقليمية للكيان الصهيوني وإنما في المياه الدولية. وإذا كان الصهاينة، يأملون في أن تمر مجازرهم مرور الكرام، فقد أخطأوا العنوان هذه المرة، طالما أن كرة القدم فقدت نكهتها وبريق المونديال إضمحل قبل أن ينطلق العرس، إذ حتى وإن لن يتم تأجيله إلا أن التعاطف مع "أسطول الحرية" والفلسطينين برمتهم والغزاويين بالأخص سيكون كبيرا كبر القضية الفلسطينية. جريدة "معاريف" أكدت أن الجزائر الممثل الوحيد للمسلمين إدراكا من رد فعلها في المونديال وكان الصهاينة وفي جريدة "معاريف" قد خصصوا حيزا هاما للجزائر، منذ أكثر من 3 أسابيع، التي كتبت وبالبند العريض "إن الجزائر الممثل الوحيد للمسلمين" في إشارة ضمنية إلى أن الصراع عقائدي بحت، وكأنهم متخوفون من أي رد فعل قد يمس بكيانهم على شاكلة ما قام به اللاعب المصري محمد أبو تريكة عندما صفعهم بشعار "كلنا مع غزة"، وهو الشعار الذي جعل الصهاينة يتحركون في كل اتجاه لاستصدار قانون يمنع ذلك.. إلا أن الجزائر أمام مسؤولية كبيرة في جنوب إفريقيا سواء عندما تواجه الإنجليز أو حين مواجهتها أمريكا ولم لا أمام سلوفينيا، طالما أن لا خيار لهم من نصرة فلسطين في أكبر محفل دولي. الرايتان الجزائريةوالفلسطينية سترفرف عاليا في بولوكواني، كاب تاون وبريتوريا ويبقى مؤكدا، أن الجزائريين سيتنقلون بقوة والمعروف عنهم خلق أجواء حماسية ستشد حتما الأنظار، إلا أن الإعتداء السافر على "أسطول الحرية" سيجعل مسؤوليتهم كبيرة ليس لرفع راية الجزائر عاليا، وإنما حتى الراية الفلسطينية إدراكا منهم أن قضية البلد الشقيق عادلة وتستحق إلتفاتة من هذا الشكل، وهي صفعة للعدو الإسرائيلي طالما أن كاميرات العالم بأسره ستقف على حقيقة أن فلسطين بلد مظلوم، خاصة وأن الراية الفلسطينية سترفرف عاليا في بولكواني، كاب تاون وبريتوريا، وهي المدن الثلاث التي ستلعب فيهم الجزائر مباريتها الثلاث الأولى من المونديال. لاعبو الخضر مطالبون بنصرة فلسطين في بلد مانديلا وإذا كان بعض لاعبي غانا، قد إحتفلوا براية إسرائيل عندما سجلوا هدفا أمام التشيك في مونديال ألمانيا 2006، بحكم أن اللاعبين بنتسيل وإيمانويل بابويي كانا يلعبان في بطولة إسرائيل، فإن اللاعبين الجزائريون تقع على عاتقهم مسؤولية نصرة فلسطين من خلال رفع الراية الفلسطينينة، حتى وإن كان ذلك من شأنه أن يثير حساسية الصهانية ويخرجهم من جحرهم للتنديد، إلا أن الفرق شاسع بين ما اقترفوه من مجازر ورفع راية فلسطينية في بلد مانديلا، وبالتالي على اللاعبين أن لا يتراجعوا أبدا عن هذا الخيار. الإنجليز أسسوا دولة الصهاينة وهزمهم هدية للفلسطينيين وحتى وإن إستيقظ الجزائريون، يوم أمس، على مجزرة أخرى من مجازر الصهاينة، إلى درجة شكل حديث كل الأوساط بما فيها الرياضية، وهي ذات الأوساط التي تأمل في أن ينتفض الخضر في المونديال، خاصة وأنهم الممثل الوحيد للمسلمين، وبالأخص أمام الإنجليز، وإن إقتصر الحديث عنهم في الآونة الأخيرة، عن أنهم منتخب قوي ومرشح للتتويج بكأس العالم، إلا أن ما غفلوا عنه أو تناسوه هو أن الإنجليز هم من قدموا فلسطين هدية لإسرائيل ب"وعد بلفور" المشؤوم، وبالتالي فإن هزمهم في مونديال جنوب إفريقيا يعد في حد ذاته أجمل هدية من الممكن تقديمها للفلسطينيين الذين كانوا احتفلوا وجابوا الشوارع لمجرد تأهل الخضر للمونديال. "جيبها يا سعدان وبكّي اليهود والماريكان" وحتى وإن تسرب الخوف للجزائريين بعد الهزيمة النكراء التي تكبدها الخضر أمام إيرلندا في اللقاء الودي الذي جمعهم الجمعة الماضي، إلا أن ذلك لم يمنعهم من الإتحاد مجددا والدعاء بصوت عال وواحد في لحظة تآلفت فيها القلوب مرددين شعار "جيبها يا سعدان وبكّي اليهود والماريكان" على إعتبار إنجلترا وأمريكا منافسا "الخضر" في المونديال والفوز أمامهما سيبكي حتما الصهاينة.