قد يبدو الأمر غريبا للقارئ، إلاّ أنّ الحقيقة تُقال ، فرغم أنّ برشلونة مسيّطر على عرش الكرة العالمية، فإنه يعاني من أزمة مالية تهدد نجاحه الكروي وتزعمه للكرة العالمية، فرغم أنه لا كتفي عن حصد الجوائز والألقاب، إلاّ أنّ ذلك قد لا يستمر طويلا إذا ضيّع أبرز نجومه بفعل الضائقة المالية التي قد تضطره لبيع ميسي وإنيستا أو حتى بوسكتس وبيدرو في المستقبل ويتحدث البعض عن مؤامرة إسبانية من الغريم ريال مدريد وتتهم بعض الجهات عن اتفاقات بين البنوك والمؤسسات الاستثمارية لوقف الدعم للفريق الكتالوني الذي أزاح الريال من عرش الكرة الإسبانية والعالمية، ورغم تعاقد برشلونة مع المؤسسة القطرية التي سترعى الفريق خلال المواسم الخمس القادمة بعقد قيمته 150 مليون أورو في السنة.
أسباب الأزمة المالية التي يعاني منها برشلونة
أثارت تصريحات رئيس برشلونة ساندرو روسيل الذي قال فيها إنّ المدرب غوارديولا يعلم الأوضاع المالية الصّعبة وأنّ الفريق لا يستطيع شراء فابريغاس بمبلغ 40 مليون أورو. زوبعة في البيت الكتالوني كما أكد أنه لابد من إصلاح مالي كي يستعيد النادي عافيته المالية، ويستمر في النجاح الذي يحققه على أرض الملعب ولابد أن يواصل تحركات الجميع في مجلس الإدارة من أجل البحث عن مصادر مالية أخرى. هذا وكشف خبير مالي مطلعا قريبا من نادي برشلونة، أنّ تتويجات برشلونة في الفترة الأخيرة وعائدات تلك التتويجات ماليا، أنقذت الفريق من ورطة حقيقية حين صرّح تلفزيونيا قبل أيام فقال: "لولا نجاحات برشلونة على أرض الملعب في الفترة الأخيرة لرأينا وضعا صعبا للغاية في النادي ولو رأيناه مجبرا على بيع أفضل أسمائه مثل ميسي وإنيستا". كلام الخبير وكلام الرئيس وصمت غوارديولا، يؤكد أنّ هناك شيئا خطيرا جدا على المستوى المالي الكتالوني، لكن السؤال كيف لبطل أوروبا 3 مرّات في آخر 5 مواسم أن يعاني من هذه الأزمة الكبيرة... هنا نسرد عدة أسباب أدت إلى هذا الوضع الذي جعلت ديون برشلونة ما يقارب 420 مليون أورو.
1- الإصرار على فكرة عدم الإعلان عن القميص: هي فكرة أضاعت ما يقارب 200 مليون أورو منذ عام 2000 فقط، مقارنة بأندية أخرى مثل ريال مدريد ومانشيستر يونايتد، وهو رقم كما تشاهدون كان سيُخفض الديون إلى النصف (لكن من ناحية مالية لو فكّرنا بأن برشلونة ما كان ليلجأ إلى البنوك في هذه القروض لربما كانت الديون مبلغا لا يذكر).
2- الحديث عن عمليات مشبوهة تدور حول الفريق:
إنّ بيع أرض خوان غامبر مثلا كان مقابل 21 مليون أورو، لكن برشلونة حصل على مليون واحد فقط حتّى الآن، كما أنه لم يحصل سوى على دفعة واحدة من عقد قناة "ميديا برو". البعض يتهم الرئيس السابق خوان لابورتا بعملية فساد هنا.
3- عمليات تقييم وتزوير تاريخية منذ ثمانينات القرن الماضي:
استمرت حتى مع قدوم لابورتا مما جعل الفريق يعيش بين حالتين حالة حقيقية وحالة مزيفة، أمّا الحقيقية فهي قيمة ما يملكه برشلونة والمزيفة القيمة التي يقيّمها المدققون المعينون من قبل الرؤساء وهي قيمة مبالغ بها والهدف من هذا هو الفوز بالانتخابات وكسب رضا الجمهور.
4- أسواق انتقالات فاشلة جدا سواء عند الشراء أو البيع:
فالجميع يذكر أنّ ريفالدو وهو أحد نجوم الكرة في عصره خرج مجانا، بل خرج حاصلا على تعويض من برشلونة ولا ننسى ألكسندر هليب، زلاتان إبراهيموفتش، شايغرينسكي وريكيلمي إضافة إلى أسماء أخرى عديد تشكل بقيمتها ما يزيد عن 150 مليون أورو من الخسائر في السنوات العشر الأخيرة فقط.
5- النادي مملوك للمجتمع وليس عبارة عن شركة مساهمة كغيره من الأندية: هذا يؤدي إلى عدم مسؤولية بالقرار سواء من ناحية التكاليف أو الأوراق المالية المعتمدة لأنها غير خاضعة لرقابة خارجية.
6-الخسائر الناجمة عن بيع اللاعبين: يجب أن نتذكر دوما أنّ برشلونة هو أحد أكثر الأندية دخلا في العالم، فدوما يحقق ما يقارب 450 مليون أورو سنويا في الفترة الأخيرة، لكن المشكلة ليست بالدخل وإنما بالتراكمات الماضية وبطريقة صرف الأموال والاستعجال الواضح في بيع اللاعبين وشرائهم كذلك، فيكفي أن صفقة زلاتان تقدر خسائرها ب45 مليون أورو.
7- مشكلة التعلّق بشعارات الماضي:
للبارصا أهداف تاريخية ونسيان بناء نموذج امتياز مالي إلى جانب نموذج امتياز رياضي، فالفريق تعلق أكثر بكتالونيته ونسي أن الزمان يتغيّر وأنّ جسد عدوّه الأبرز فرانكو بات ترابا، واكتفى فقط بأغانيه الوطنية وانتصاراته على أرض الملعب ولم يقم بالتحول التدريجي إلى مشروع امتياز مالي، بل سقط ضحية استعمال متكرر من قبل سياسيين لمصالح ذاتية بقوالب انتصارات رياضية آخرهم كان خوان لابورتا.
8- تضخم الأجور بشكل كبيرا جداً: في عام 1999، كان برشلونة يدفع 100 مليون أورو سنويا لكنه في عام 2010 بات يدفع 263 مليون أورو، والرقم الأخير يشكل ما يقارب 68% من دخل برشلونة الإجمالي، مما يعني أنّ هناك فقدان للسيطرة واضح على الأمور المالية وضبطها. يزيد من هذه المشكلة عدم تسييل قيمة اللاعبين المعارين أمثال كيريسون وهليب ويبقى النادي يدفع جزءا من أجره دون أدنى استفادة منه.
9- وجود مصاريف لا داعي لها: وفيما يتعلق بوضع النادي المالي، فما عرفناه حتى الآن دفع النادي ليوهان كرويف كي يصرف على مؤسسة خيرية تحمل اسمه ولا يعرف أحد أن لها علاقة ببرشلونة، مما يعني أنّ هذا المال لا يجني للبارصا أي قيمة اجتماعية أو إنسانية لأن البطل الذي في الصورة هو كرويف... هذه قصة عرفناها وبالتأكيد هناك قصصا كثيرة في الداخل ننتظر أن يُكشف عنها.