لايزال إعدام صدام حسين يصنع الحدث على كل المستويات، وفي الجزائر بصفة خاصة تحول الأمر إلى ظاهرة حقيقية ومعقدة تعقيد مجتمعنا بكل ما يحمله من تناقضات تصل في الكثير من الأحيان إلى اللامعقول.. فبعد صلاة الغائب التي شهدتها الكثير من مساجدنا ومجالس العزاء التي أقامتها نقابة اتحاد العمال الجزائريين للرئيس الراحل، تشهد مطاعم وملاهي هذه الأيام نفس الظاهرة، ولكن وفي محيط مختلف تماما.تحول اسم صدام حسين في أغلب الملاهي الليلية الى كلمة السر التي تلهب مشاعر الساهرين وتدفع بهم إلى التبراح بمبالغ مالية مرتفعة جدا، وقد استحسن أصحاب هذه الأماكن الفكرة فأعطوا أوامرهم، لكن المعنيين باستعمالها.. لهدف رفع الدخل اليومي من "الرشقة" التي تشكل الأمر الأهم في هذا العمل "في خاطر صدام حسين ورجال الله وناس النيف وزكارة في اليهود وشنانة في الماريكان" مثل هذه العبارات سمعناها تخرج كثيرا من أفواه المغنيين بطلب من الساهرين برشقة تتراوح ما بين 1000 و5000 دينار من أجل ترديد هذه التبريحة. وفي جولة قادتنا إلى بعض ملاهي العاصمة تأكدنا في أن حمى إعدام صدام طالت الجميع وبدون استثناء، وفي ملهى الياسمين إلتقينا بالشاب كادير، أحد نجوم أغنية الراي، الذي قال بأن مجتمع الكباريهات له خاصية التأثر السريع بكل ما يحدث في الشارع، وبسبب الاستياء الشديد الذي عم الشارع الجزائر فمن العادي جدا أن يدخل صدام الملاهي الليلية من بابها الواسع. وعن المداخيل التي حققها صدام في الملاهي، قال كادير إن الأمر يختلف من ملهى لآخر حسب زبائن كل مكان، وقد سمع أن هناك من أسقط "تبريحة في خاطر صدام ب 300 أورو" في ملهى بأعالي العاصمة. كادير رأى أنه ما يحدث عادي جدا ولا يعتبره بزنسة حتى أنه تأسف أنه انتهى من ألبومه الأخير "ديما أنا في العشق خاسر" قبل إعدام صدام، وإلا فإنه كان سيهديه تبريحة خاصة في مقدمة الألبوم، وهو نفس الكلام الذي سمعناه من الشاب منير، نجم مطعم الزرياب، الذي اعتبر التبراح لأجل صدام نوعا من التضامن على على طريقة رواد الكباريهات، وهو في كل الحالات يعبر عن روح التضامن الذي يسكن كل الجزائريين رغم سلوكياتهم التي قد تبدو غريبة في بعض الأحيان. وللتأكد من أخبار وصلتنا عن رواج نفس الظاهرة بوهران، إتصلنا ببعض مطربي الراي في الباهية فأكدوا لنا أن صدام حسين هو النجم الأول في مختلف ملاهي عاصمة الغرب الجزائري مع اختلاف مهم جدا، وهو أن التبراح هناك أخذ طابعا أكثر حدة، حيث يقوم أغلب الساهرين بإسقاط اسم زعيم المقاومة اللبنانية "حسن نصر الله" لرفع اسم صدام حسين، وفي حديثنا للشاب جلول الذي يعمل بملهى "الجوهرة" الذي تملكه الشابة خيرة وزوجها بابا، قال إنه استعجب لأحوال الجزائريين، فهو يتذكر كيف أن حسن نصر الله كان في الصيف الماضي وأثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان مطلوبا بشدة في الملاهي، وحدث أن وصل التبراح باسمه إلى مبلغ 10 مليون سنتيم، واليوم وبعد إعدام صدام وتركيز الإعلام على التورط الشيعي في القضية انقلب الأمر ب 180 درجة وصار الساهرون يرفعون تبريحة "في خاطر صدام"، "كونترا على نصر الله والشيعة"... هذا وتجدر الإشارة إلى أن علاقة الملاهي بالسياسة علاقة وطيدة، فهذه الأماكن هي في الواقع بارومتر حقيقي لما يحدث في الشارع، لأنها أماكن تلغى فيها الرقابة وتعكس واقع المجتمع بدون ماكياج ولا زيف. سمير ب: [email protected]