سؤال طرحناه على عدد من رجال الدين والثقافة والسياسة والأساتذة والطلبة والعمال، وهو لماذا احتفلنا يوم الإثنين بعاشوراء؟، ودخل الجزائريون في عطلة مدفوعة الأجر؟ ولم نجد أي جواب مقنع لصاحبه، فما بالك بمتلقيه!! بعضهم قال إن في هذا اليوم انتصر موسى على فرعون، وآخرون ربطوا الاحتفال بمقتل الحسين رضي الله عنه. وبرغم كل هذه الإجابات المختلفة، فإن الجميع راض عن يوم العطلة المدفوعة الأجر ولا يهمه سبب ذلك، فإذا كان الاحتفال بنجاة موسى عليه السلام. فلماذا لا نحتفل بنجاة عيسى من الصلب وإبراهيم من النار ويوسف من البئر، وإذا كان باغتيال الحسين، فلماذا لا نحيي يوم مقتل عمر وعثمان وعلي ابن أبي طالب، لأجل هذا ما زال الجزائريون لا يفهمون لماذا ندخل في عطلة يوم عاشوراء، والجزائر بذلك هي واحدة من أندر دول العالم التي تتعطل فيها الحياة يوم عاشوراء وهي أيضا من أكبر الدول التي تمتلك حوالي 13 يوما من العطل المدفوعة الأجر دون حساب الأيام »الهبة« مثل الانتخابات والإضرابات واللاعمل في العمل! 13 يوما من العطل لحسن الحظ أن القطاع الخاص قتل الكثير من أيام العطل الكثيرة التي بلغت 13 يوما، كما انقرضت بعض الأيام لأسباب سياسية مثل 19 جوان التي كان يحتفل بها الجزائريون بمناسبة التصحيح الثوري الذي قاده بومدين ضد أحمد بن بلة، ومع ذلك مازال الرقم مبالغا فيه لأن الاحتفال الديني بالخصوص لا يستوجب شرعا التوقف عن العمل والدراسة (الأول من محرم والمولد النبوي). وتطرح طريقة الاحتفال بأيام الأعياد الوطنية بالخصوص، إشكالا حقيقيا إذ تبقى حبيسة البروتوكولات كأن ترفع الأعلام وينتقل رجال السلطة إلى المقابر... وفقط!! وتعجز الجزائر عن منح هذه المناسبات بعدا جماهيريا يجعل الأفراد يحتفلون لوحدهم بهذه الأعياد، ففي زمن هواري بومدين كانت الاحتفالات ثورية بسبب قرب الأعياد زمنيا بالفترة الاستعمارية، إذ كانت "الكرنفالات" هي المميزة للمسيرات الشعبية التي تذكّر الناس بالثورة الزراعية والصناعية، ثم حاول الشاذلي بن جديد في زمنه إعطاء فرص للشباب عندما أصبح يسمي عيد الاستقلال والشباب، ومع ذلك بقي عامة الناس يرحّبون بالعطلة ولا يحتفلون بالمناسبة.. أغرب ما في احتفالات الجزائر بعيد الاستقلال أنها تصادف دائما مشاكل لم تكن تخطر على بال أحد، ففي الذكرى العاشرة للاستقلال 1972، تعرّض بومدين لمحاولة اغتيال ولكنه أصر على إخفاء الحادثة عن الشعب باحتفال كبير شاركت فيه وردة الجزائرية قبل طلاقها من الجنرال الجزائري، وفي الذكرى العشرين 1982 ألغى الشاذلي الاحتفال بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، ثم حلت الذكرى الثلاثين 1992 فألغى اغتيال بوضياف كل مشاهد الاحتفال، ثم جاءت الذكرى الأربعين 2002 لتغرق الجزائر في ثورة العروش، ولسنا ندري كيف تكون ذكرى نصف قرن عام 2012!!. معظم دول العالم تحتفل بجويلية من الصدف الغريبة أن شهر جويلية هو مناسبة لمعظم دول العالم للاحتفال بالأيام الوطنية مثل أمريكا (4 جويلية)، فرنسا (14 جويلية)، مصر (23 جويلية) وإفريقيا الجنوبية (24 جويلية)، كما كان الراحل صدام حسين يقيم احتفالا كبيرا في 17 جويلية ذكرى تسلّمه الرئاسة والتي لن يحتفل بها في 17 جويلية القادم، حيث يكون قد مر عليه نصف عام عن إعدامه. وتتغير الاحتفالات في دول كثيرة مع مرور الزمن، كما حصل في ألمانيا التي تغيّرت فيها الأعياد عام 1990 بعد سقوط جدار برلين وأصبح العيد الوطني في الثالث من أكتوبر (عيد الوحدة)، تماما كما حصل في جنوب إفريقيا التي تحتفي الآن ب 24 جويلية، وهو تاريخ سقوط نظام الميز العنصري وكانت قبل ذلك تحتفل في 6 أفريل أي بذكرى اكتشاف دولة جنوب إفريقيا، كما تحتفل في 16 سبتمبر (عطلة البلد) بيوم المصالحة الوطنية الكبرى التي آتت أكلها. أما إسرائيل فلها عيد وطني واحد هو 15 ماي تاريخ إعلان دولتها العنصرية عام 1948. دول كثيرة ألغت جميع الأعياد والعطل المدفوعة الأجر، حيث تحتفل كوبا بيوم واحد هو الفاتح من جانفي الذي تعتبره فاتحة العام في كل شيء، ومازال العراقيون الآن بعد الاستعمار الأمريكي وشنقهم لصدام حسين حائرين في يوم عيدهم الوطني، إذ يصعب تقبّل دخول أمريكا إلى بغداد يوما للعطلة المدفوعة الأجر! المؤكد أن لكل دولة في العالم طريقتها الخاصة في الاحتفال بالأيام الوطنية والدينية وللجزائر طريقة واحدة وبسيطة في الاحتفال بهذا الكم من الأعياد وهي العطلة عبر نوم عميق تكون مدفوعة الأجر، وأي أجر