العاشر من محرم أو عاشوراء، هذا اليوم العظيم الذي نصر فيه عز وجل سيدنا موسى وقومه على الطاغية فرعون، وهو أيضا يوم تاب فيه الله على آدم ونجّى سفينة نوح من الغرق، اعتدنا أن نحييه بصومه وصوم تاسوعائه امتثالا لما حثّنا عليه رسولنا الكريم، إلا أن هناك من المسلمين الشيعة من يُحيي هذا اليوم من منطلق أنه يوافق واقعة كربلاء التي استشهد فيها سيدنا الحسين، فيقومون بطقوس خاصة بهم كضرب القامات وشق الصدر ولبس السواد، تعبيرا منهم على الإحساس بالذنب والتكفير عنه. وبهذا الخصوص، يقول الدكتور قسول جلول، رئيس قسم الفتوى بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، إن عاشوراء مناسبة دينية حثنا عليها نبينا الكريم، ولا يجوز أن نظهر فيها الحزن والكآبة والأسى التي تتجسد في اعتقادات وطقوس بعيدة كل البعد عن الدين، مشيرا إلى أن مثل هذه الطقوس هي اعتداء على النفس، أولا، بسبب الجروح والدماء التي تنزل من المؤمنين بها، وهي أيضا اعتداء على العقل وعلى الفطرة اللذين يرفضان مثل هذه العادات المؤذية، وهي أخيرا اعتداء على الدين الذي ينهانا عن أذية النفس. من جهته، أكد المكلف بالإعلام بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، عبد الله طمين، أن الموقف الرسمي لوزارة الشؤون الدينية وبالتالي موقف الجزائر مما تداولته الصحف مؤخرا عن وجود فرق شيعية في الجزائر تستعد للاحتفال بعاشوراء على طريقتها، واضح ويرفض كل ما يتعارض وقناعات الشعب الجزائري، باعتباره شعبا سنيّا اعتنق المذهب المالكي. وفي السياق ذاته، أكد الدكتور قسّول أن أحسن إحياء لهذا اليوم يكون بصوم تاسوعاء وعاشوراء مثلما أوصانا به رسولنا الكريم، وذلك عندما قدم عليه الصلاة والسلام المدينةالمنورة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: "ما هذا؟". قالوا: "هذا يوم صالح نجىّ الله بني إسرائيل من عدوهم". فقال: "نحن أولى بموسى منكم"، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصومه وصيام تاسوعاء مخالفة لليهود. وإحياء هذا اليوم الذي حدثت فيه عدة وقائع دينية وتاريخية، يضيف الدكتور قسّول، هو إيمان بالديانات السابقة وتأكيد على أنه لا فرق بين الرسل، كما أنه محطة لمحاسبة الذات بتذكر المعجزات التي وقعت في هذا اليوم المبارك، وفرصة لتكفير الذنوب بالصوم. كما أن هنالك فئة من المسلمين يربطون هذا اليوم بالزكاة، وهو ما اعتبره المتحدث أمرا خاطئا ولا أساس له من الصحة، لأن الزكاة يجب أن تُخرج إذا وافاها الحول وليس لها يوم محدد تُخرج فيه. وتبقى هناك فئة تترنح بين من يربطون هذا اليوم بحادثة كربلاء واستشهاد الحسين وبين من يحيونه اقتداء برسولنا الكريم، وهم الذين لا يعلمون عن هذا اليوم شيئا - وهم كُثر في الجزائر - إلاّ أنه يوم عطلة مدفوعة الأجر. إيمان. ب: [email protected] حرص على الصوم وآخر على الوحدة الجزائريون يفضلون تقاليدهم الخاصة للاحتفال بعاشوراء مع مطلع كل سنة هجرية جديدة يكثر الحديث عن طرق الاحتفال بيوم عاشوراء، فالأمر مختلف بين السُّنة والشيعة، فبينما يحتفل به أهل السُّنة بالصيام والعبادات يفضل الشيعة أن يكون لهم طقوسهم الخاصة التي نشاهدها كل سنة. لم يستغرب محمد، طالب بجامعة الجزائر، تقاليد الشيعة في الاحتفال بيوم عاشوراء، غير أنه يرى أن مثل هذه التصرفات لا تمت إلينا بصلة كمجتمع جزائري بحكم عاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، وقال في الموضوع »الشيعة مذهب غير موجود في الجزائر، وإن وُجد فهم قلة ولذلك الجزائريون ليسوا معنيين بهكذا طقوس«. هذا الكلام أيدته "رحيمة" التي اعتبرت "ظاهرة الاحتفالات بذكرى سيدنا الحسين على الطريقة الشيعية ظاهرة خاصة بالشيعة، ولا يمكن أن تتغلغل إلى المجتمع الجزائري، وبهذا الخصوص رفضت محدثتنا أن يكون هذا الموضوع فتحا لباب الفتنة في البلاد نحن في غنى عنها، مما سيؤدي إلى تفكيك أواصر المجتمع الجزائري بعد أن فشلت محاولات عديدة قبلها، متسائلة عن جدوى الحديث عن الطقوس الشيعية بينما القليل من يطبق سُنّة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وقالت »اتركونا نطبق الإسلام الذي فطرنا عليه ووجدنا عليه أسلافنا«. واصلنا التجول في الشارع وكانت وجهتنا محطة نقل المسافرين للعاصمة، أين طرحنا نفس السؤال على »سمية« التي كانت بانتظار حافلة تقلها شرق العاصمة، وما إن بادرناها بالسؤال حتى قالت لنا إننا مجتمع سُنّي لا يقبل الكثير من الطقوس الدخيلة عليه. غير أن ما شدنا حقيقة هو عدم اهتمام السواد الأعظم من الجزائريين بمثل هذه الاحتفالات الشيعية، والجميع يفضل أن يعود السُنّة إلى صحيح السُنّة حتى في الاحتفالات، لتبقى المناسبة مناسبة لإحياء التاريخ وتطبيق سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بالصوم، وهي مناسبة للم شمل الأسر التي شتتتها مشاغل الدنيا ومآربها. ح. راضية