اتفق القضاة المشاركون في جلسة النقاش التي نظمها مجلس قضاء العاصمة أن قانون الأسرة الحالي، مازال يثير تباينا في الرؤى عند التطبيق ويفرز تباينا في الاجتهادات بين مختلف الغرف في المحاكم والمجالس القضائية، خاصة ما تعلق منه بالمادة القانونية التي توضح حالات إثبات النسب، وكذا الرخصة التي يجب أن توفرها الزوجة الأولى للترخيص لزوجها في حق تعدد الزوجات. ففي الوقت الذي أكدت فيه نادية يوسفي المستشارة في الأحوال الشخصية بمجلس قضاء الجزائر على أن مراجعة قانون الأسرة الذي أدى الى تضمينه بأحكام جديدة، يعد مراجعة جذرية لقانون الأسرة، على اعتبار تغطية النقائص التي كان يحتويها والحقوق التي وفرها للمرأة في أسرتها، سواء في ضرورة الرجوع إليها في الترخيص لزوجها في الزواج مجددا أو استقلالية ذمتها المالية أو مراجعة أساليب الخلع التي تجيز للزوجة الخلع دون موافقة الزوج، وحق الولاية الذي وفرته الأحكام الجديدة لقانون الأسرة، انتقد القضاة المتدخلون في أعقاب المحاضرة التي ألقتها المستشارة، أن أحكاما عديدة من القانون يشوبها الغموض وصعبة التطبيق على أرض الواقع. وحددت القاضيات اللواتي تدخلن لإثراء النقاش معضلات عديدة في إثبات النسب، الذي حاول المشرع الجزائري أن يوفر له الطرق العلمية كسند للفصل فيه باللجوء الى محلول الحمض النووي "ال أدي أن"، معتبرة أن هذه الطريقة لن توفر التسوية النهائية للحالات المطروحة، خاصة في الحالات التي يعترف فيها الآباء بنسب أبنائهم نتيجة علاقة غير شرعية، كما عدد هؤلاء حالات عديدة يقف فيها القضاة عاجزين، كون النصوص القانونية لا توفر الأحكام الواضحة. كما أثار القضاة مشكل توفر الرخصة بالنسبة للزوج حتى يتمكن من الزواج مجددا، مشيرين الى وجود ثغرة قانونية تتمثل في اللجوء الى الزواج العرفي أو الزواج الشرعي الذي يعتمد على عقد القران الشرعي كالفاتحة دون المرور على عقد القران المدني والذي ينتج أطفالا، هذه النتيجة التي توجب عقد القران المدني وإعلان نسب الأطفال، وهو ما يجعل الرخصة من دون تأثير قانوني، عدا في الاعتماد على الحالة كقرينة لطلب الخلع بالنسبة للزوجة أو التطليق بدون مقابل. وطرح القضاة العديد من الإشكاليات التي تواجههم في تطبيق قانون الأسرة الجديد الذي أثار جدلا سياسيا واجتماعيا لمدة طويلة قبل أن يفصل رئيس الجمهورية بإطاحة المادة القانونية التي تجيز زواج الفتاة من دون وجود ولي شرعي لها، كما تنص عليه أحكام الشريعة الإسلامية. سميرة بلعمري: [email protected]