كشف التحقيق القضائي لدى محكمة باب الوادي المنطلق بناء على إرسالية للنائب العام، عن وجود تلاعبات وخروقات للقانون، في مجال إبرام الصفقات العمومية الخاصة بالمشاريع التنموية والمبرمة عن طريق التراضي في الفترة الممتدة من سنة 2002 إلى غاية 2005، أين وجهت أصابع الاتهام إلى رئيس بلدية سيدي أمحمد الحالي"ب.م"، وإلى جانبه 31 متهما من بينهم المكلف بتسيير مديرية التجهيز والتعمير، رفقة مسؤول فرع التجهيزات العمومية بالدائرة الإدارية، ومسؤول تسيير مديرية الاقتصاد والمالية للبلدية، رئيس فرع البناء بالمقاطعة الإدارية لذات البلدية سابقا، محاسب البلدية، وبعض أعضاء المجلس الشعبي البلدي، رفقة مجموعة كبيرة من المقاولين اشتركوا في إبرام صفقات مخالفة للأحكام التشريعية المعمول بها لغرض إعطاء امتيازات غير مبررة للغير والتنظيمية والمشاركة في تبديد أموال عمومية بقيمة 20 مليار سنتيم إجمالا. بناء على الوثائق الرسمية التي تحوز"الشروق" نسخة منها، اتضح أن ملابسات التحقيق انطلق سنة2009 إثر وقوع اشتباه في العمليات والصفقات التي تقوم بها بلدية سيدي أمحمد. ووفقا لتعليمات النيابة العامة تم استدعاء المشتبه فيهم في بادئ الأمر، على أساس شهود ليتحوّلوا بعد الاستماع إلى أقوالهم، وتوصل التحقيق المعمق إلى الأدلة المادية إلى متهمين، تبين أن جملة المشاريع المنجزة تم خرق القانون المعمول فيها، والمتعلقة بمشروع إنجاز ملعب الكرة الحديدية بساحة عيسات إيدير، والذي انفرد به حرفيان اثنان، أحدهما مختص في دهن البنايات، والثاني مختص في البناء، وقيمة هذا المشروع تفوق 800 مليون سنتيم، والذي يستوجب فيه وجود مناقصة، وكذا مشروع تهديم البيوت القصديرية بغابة بوبيو، والذي كان عن طريق التراضي بين الطرفين، تكفل به 3 حرفيين و3 مقاولين رغم أن القيمة المالية تجاوزت 3 ملايير، وأيضا مشروع أشغال تهيئة المساحات تخص ساحة أول ماي، ساحة بوعافيا، وساحة الوئام فوق النفق، كل واحدة من هذه المساحات أعطيت لاثنين من المقاولين والقيمة الإجمالية لكل مساحة مليار ونصف مليار، كونها أبرمت بطريقة مستعجلة، في ظل انعدام الوثائق وتسوية الإجراءات الإدارية بعد انتهاء المشاريع، بالإضافة إلى مشروع مسجد الرحمان باستعمال مناقصات محدودة، وكذا منح مشاريع لمتعاقدين لا يملكون المعدات اللازمة للأشغال، مع تنظيم صفقات صحيحة حتى تظهر في مظهر شرعي، مثلما حدث لمشروع سوق علي ملاح، ناهيك عن التحجج بالمداولة 15 مارس 2002 والمرخصة لرئيس البلدية بالتعامل بالتراضي، في ظل استغلال صلاحيته، مع تجزئة الصفقة لتفادي العمل بمبدأ المنافسة..
صفقات عمومية بدون مناقصة والمير ينشر الإعلان بالبلدية تعلقت تصريحات مدير التجهيز والتعمير"ع.ك" عبر مراحل التحقيق القضائي، حول رئيس بلدية سيدي أمحمد "ب.م"، باعتباره رئيس لجنة الصفقات العمومية، أنه أبرم اتفاقيات مع مقاولين دون الإعلان عن المناقصات في الجرائد الوطنية، بل اعتمد على طريقة نشر الإعلان بالبلدية على أساس اختيار المقاولين الذين أودعوا ملفاتهم. في نفس السياق أفاد رئيس فرع البناء"و.م" إلى خرق قانون الصفقات العمومية من قبل رئيس البلدية، لوجود عقود واتفاقية مسبقة بين رئيس البلدية والمقاول والتوقيع يتم بالتراضي دون مناقصة.
تصريحات نارية لمنتخبين تغرق رئيس البلدية وتُحمّله المسؤولية تمديدا لعملية استجواب المتهمين تم التوصل إلى أن المهام المنوطة بموظفي البلدية، تتم وفقا للمعايير المعمول بها قانونا، من حيث التسيير والإشراف فاقتصرت مهمة مدير الاقتصاد والمالية على مراقبة الفواتير والوضعيات المالية وتأشيره على المستندات المطلع عليها، أما عن الأشغال المنجزة فالمكلف بها رئيس البلدية، باعتباره المخوّل الوحيد في اتخاذ القرار، كما أشار إلى ذلك صاحب شركة "أبي أتيك"، في حين ألقى مسؤول منح المشاريع الأخطاء المرتكبة على مير البلدية "ب.م" كونه منح الصفقات بعد اجتماع لجنة الأظرفة دون الاعتماد على لجنة الصفقات العمومية.
المير لقاضي التحقيق: وشاية مجهولة تحاول تشويه سمعتي استجوب رئيس المجلس الشعبي لبلدية سيدي أمحمد "ب.م" أمام قاضي التحقيق كونه تقلد المنصب سنة 2007 وأعيد انتخابه مجددا لعهدة ثانية، بخصوص متابعته بتهمة ثقيلة متعلقة بإبرام صفقات مخالفة للأحكام التشريعية المعمول بها لغرض إعطاء امتيازات غير مبررة للغير، والتنظيمية والمشاركة في تبديد أموال عمومية، ولجوئه إلى عقد اتفاق بالتراضي البسيط، متسببا في تفويت عروض في إطار المنافسة بين مؤسسة مؤهلة، إلا أنه نفى الاتهامات الخطيرة الموجهة إليه، تضمنت إدلائه بخصوص تجزئة المشاريع وسرعته في الانجاز والتنفيذ، فأشار إلى أن أي تعطيل منه سيكلفه فوضى من حيث الأمن والنظام العمومي، مثل تهيئة ساحة أول ماي كونها ممر عبور، معتبرا أن سوق علي ملاح بمثابة مرفق عمومي لا يمكن غلقه لإنجاز الأشغال بل يستوجب السرعة، مؤكدا أنه ضحية وشاية كاذبة الغرض منها تصفية الحسابات وتشويه سمعته، لاسيما وأنني قمت بإنجاز المشاريع على أكمل وجه دون إلحاق الضرر بالمال العام، وعن مبلغ الاختلاس المقدر بأزيد من 20 مليار سنتيم، فإن الخبرة العلمية لم تتوصل إلى أي ثغرة مالية. يذكر أن الملف طرح أول أمس الخميس أمام محكمة باب الوادي، وتم تأجيله للمرة الثالثة على التوالي بطلب من دفاع المتهمين.