ما إن أعلنت الأرصاد الجوية خبر عودة الثلوج في المناطق الوسطى من بينها العاصمة، حتى أعلن سكان الأحياء القصديرية حالة طوارئ وأطلقوا صافزة الإنذار لتجنب ما خلفته الثلوج الأخيرة من حصد للأرواح وتحطيم البيوت وانجراف التربة، فهرع شباب هذه الأحياء إلى تشكيل خلايا أزمة لإنقاذ الأطفال والنساء والمسنين من ويلات البرد القارس، معتمدين في ذلك على أنفسهم بعدما فاقت قسوة المسؤولين قسوة الثلوج. يعتبر سكان الأحياء القصديرية من أكثر المهتمين والمتتبعين لنشرات الأرصاد الجوية، فالأمطار والثلوج بالنسبة إليهم ليست مناسبة للرومنسية والاستمتاع أو اللعب، بقدر ماهي هاجس مخيف طالما حرمهم من النوم وحتى الحياة، فما إن سمعوا خبر عودة الثلوج والأمطار حتى شكلوا خلايا أزمة يؤطرها شباب متطوعون لمساعدة وحماية السكان، خاصة بعدما سجلت العديد من أحياء القصدير في العاصمة انهيارات ووفيات راح ضحيتها أطفال ونساء ومسنون، ولتفادي هذا السيناريو عكف هؤلاء الشباب على تشكيل لجان متخصصة في تأمين قارورات الغاز واصطحاب الأطفال إلى المدارس وجمع النساء في بيوت آمنة لا تتسرب لها الأمطار، بالإضافة إلى الاعتماد على الطهي الجماعي للوجبات الغذائية ومباشرة عمليات ترميم مستعجلة لأسقف البيوت وإيواء العائلات المتشردة في منازل وخيم خاصة، كما عكف الشباب على تشكيل خلية إعلام للاتصال بالصحافة ومتابعة النشرات الجوية ومراسلة المسؤولين، ومن بين الأحياء التي احتضنت هذه المبادرة الحي القصديري ببوفريزي ببلدية واد قريش أين هدمت الثلوج الأخيرة عدد معتبر من المنازل وخلفت وراءها ضحايا من الأطفال والنساء، وأمام صمت المسؤولين لجأ شباب هذا الحي إلى عملية تضامن واسعة بدأت بتكليف ثلاثة شباب بالاتصال بالصحافة الوطنية لإعلان معاناعة السكان عبر الإعلام، كما تشكل فريق لتأمين قارورات الغاز خاصة أن السكان يضطرون إلى قطع مسافة 2000 متر صعودا في منحدرات جبلية للوصول إلى المحلات التجارية، وبالنسبة للعائلات التي تهدمت بيوتها لجأ الشباب إلى إسكانها في بيوت آمنة وممارسة الضغط على المسؤولين من أجل ترحيلها، ومن بين المبادرات الإيجابية أيضا في هذا الحي هو جمع النساء والأطفال في بيوت لا تتسرب لها الأمطار، بالإضافة إلى إلزام السكان على إخلاء البيوت المهددة بالانهيار، خاصة وأن هذا الحي يعاني من انهيار متواصل للتربة، والجدير بالذكر أيضا أن الشباب شكلوا خلية إسعاف لعلاج جرحى الانهيارات وتأمين وصول النساء الحوامل للمستشفيات ومساعدة حصول ضحايا الأمراض المزمنة على تأمين الدواء خاصة "الأنسولين"، وفي الحي القصديري"ديصول" بباش جراح شكل الشباب خلية أزمة لتحويل مياه الأمطار حتى لا تغرق المنازل، ومساعدة العائلات على ترميم بيوتها، بالإضافة إلى تنظيم عملية لجمع المواد الغذائية والألبسة والأفرشة وتوزيعها على العائلات التي غمرت المياه بيوتها، كما عكف الشباب على نقل المرضى للمستشفيات بسياراتهم الشخصية في ظل غياب سيارات الإسعاف، وبالنسبة للعائلات التي تضررت بيوتها تم تحويلها للمبيت مع الجيران والعمل على الترميم العاجل لمنازلها.