فتحت الحكومة المجال أمام خوصصة قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، وأصبح بإمكان أصحاب رجال المال والأعمال، إنشاء مؤسسات تعليمية عليا في جميع التخصصات وفق شروط محددة، ضبطها مشروع قانون جديد يتضمن القانون التوجيهي للتعليم العالي المعدل، الذي استثنى تخصصا واحدا من عملية الخوصصة، وهو فرع العلوم الطبية وشبه الطبية، الذي سيبقى حكرا على الدولة، نظرا لحساسية وخطورة فتحه أمام الخواص. ليلتحق بذلك قطاع التعليم العالي والبحث العلمي بقطاع التربية والتعليم، الذي سبق وأن دخل عالم الخوصصة في مطلع التسعينيات بطريقة فوضوية، قبل أن يعاد تنظيمه بمراسيم رئاسية في السنوات الأخيرة، أفضت إلى غلق الكثير من المدارس الخاصة. ولم يعد يفصلنا عن هذا التحول غير المسبوق، سوى الموافقة التي يبدو أنها ستكون أكيدة من قبل البرلمان، على مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون رقم 99 05 المؤرخ في الرابع من أفريل 1999، المتضمن القانون التوجيهي للتعليم العالي، الذي قُدّم على أنه حتمية تفرض على الجزائر الانفتاح على محيطها الدولي، من خلال وضع معايير تكوينية مستحدثة، تتوج بشهادات ليسانس نظام جديد وماستير ودكتوراه. ويشجع المشروع الجديد إنشاء مؤسسات خاصة للتكوين العالي، لكنه اشترط الحصول على ترخيص من وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بناء على دفتر شروط مضبوطة، استثنت مختلف فروع العلوم الطبية من عملية الخوصصة، وحددت الرأسمال الاجتماعي لإنشاء هذا النمط من المؤسسات، إضافة إلى كفالة مالية، لضمان استمرارية سير المؤسسة التعليمية العليا في حالة حدوث نزاع على مستواها. مشروع القانون الجديد حدد مهام ومجال تدخل مؤسسات التعليم العالي الخاصة، وحصرها في الطورين الأول والثاني، وفق جملة من الشروط، وفي مقدمتها توفر الهياكل والتجهيزات الضرورية للسير الحسن للتكوين المقترح، وتوفر الأساتذة المؤهلين للتخصص المقترح، والذي يكون التدريس فيه يساوي على الأقل الحد الأدنى المضمون في المؤسسات العمومية، فضلا عن مراعاة الاحتياجات الوطنية المحددة في مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما يجب ألا يقل رأسمال المؤسسات الخاصة، عن الرأسمال الاجتماعي الذي يشترطه التشريع المعمول به في إنشاء شركة مساهمة، فيما اشترط القانون إنشاء مؤسسات أجنبية خاصة للتكوين العالي، التوقيع على اتفاق ثنائي مصادق عليه بين الجهات المختصة في البلدين. ويشدد مشروع القانون الجديد، على ضرورة تطبيق برامج المؤسسات التعليمية العليا الخاصة، برامج التعليم وشروط الانتقال في المسار الدراسي المحدد من قبل الوزير المكلف بالتعليم العالي، عندما يكون التخصص المضمون مقدما في المؤسسات العمومية للتعليم العالي، وتعتبر المؤسسات الخاصة ملزمة بتقديم برامجها للوزير المكلف، للمصادقة عليها عندما يكون التخصص غير مضمون من قبل المؤسسات العمومية، التي سيستبدل فيها مفهوم "تكوين تقني من مستوى عال" ب "تكوين عالي في الطورين الأول والثاني"، يتوج الطور الأول منه بشهادة ليسانس، فيما يشمل الطور الثاني تكوينا أكاديميا وتمهينيا، ويتوج بمنح شهادة للماستير. أما الطور الثالث فسيعرف "تنظيما بيداغوجيا نوعيا يعرف بمدراس الدكتوراه"، تمنح على إثره شهادة الدكتوراه. فيما تركت الإجراءات التنظيمية لتطبيق هذه التدابير للوصاية ممثلة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. كما أفرد مشروع القانون قيد الدراسة جانبا للعقوبات التي يمكن أن تطبق على مؤسسات التعليم العالي الخاصة، التي لا تلتزم بالقانون، ووصلت عقوبة الحبس إلى سنة نافذة، وغرامة مالية ب 50 مليون سنتيم لمسؤول المؤسسة الخاصة التي تستمر في نشاطها بعد سحب الرخصة من قبل الوزير المعني. محمد مسلم:[email protected]