كشف وزير التجارة مصطفى بن بادة في حوار لقناة الشروق أن أزمة البطاطا كانت درسا رغم ارتباطها بظروف طبيعية، شكلت جدار صد أمام المخزون الاحتياطي السنوي، الذي نفذ بصفة ظرفية، وأكد أن الحكومة تجنبت خيار الاستيراد تفاديا لتكرار سيناريو بطاطا الخنازير،وإن أكد أن إرادة الدولة في دعم بعض المواد الغذائية غير قابل للنقاش أو التفاوض، أشار إلى وجوب إعادة النظر في كيفيات الدعم وذلك مباشرة بعد التشريعيات،في خطوة لخفض فاتورته، رغم اعترافه أنه يستحيل على مواطن أجره 40 ألف دينار العيش بكرامة، بعد أن شهدت غالبية السلع ارتفاعات في أسعارها جعلت السيارات تسجل زيادة ب10 بالمائة والبقوليات ب40 بالمائة. وإن توقع بن بادة ارتفاعا في أسعار اللحوم بنوعيها الحمراء والبيضاء، فقد أشار الى طلب بالترخيص لاستيراد لحوم الغنمي الطازج والمجمد لكسر الأسعار شهر رمضان. وعن الأسواق الفوضوية التي غزاها قرابة المليون تاجر غير شرعي، قال إن الحل يكمن في استحداث 1400 فضاء تجاري جديد، واعتبر الباترونا فاشلة وتبرر عجز مؤسساتها بتعليقه على شماعة وزارته، كما يرى في انضمام الجزائر للمنطمة العالمية للتجارة مكسبا سياسيا وليس اقتصاديا حتى وإن كان مكلفا جدا بعد 2013، لأن بقاء الجزائر ضمن محور الدول التي لا تحوز عضوية هذه الهيئة خسارة للجزائر. سجلت الأسواق ارتفاعا رهيبا في الأسعار، أصبحت معه أسعار البطاطا في سابقة في تاريخ الجزائر عند حدود 120 دينار للكيلوغرام؟ ما أسباب ذلك وأين كنتم من هذا؟ فعلا حديث الجزائريين وحديث الساعة هذا الشهر شكله موضوع أسعار المواد الطازجة، وخاصة أسعار البطاطا التي فعلا سجلت زيادات غير مسبوقة، وأوضح عبر "الشروق" وقناة "الشروق تي في"، أن أسعار كل المواد غير المقننة حرة وتخضع لقانون العرض والطلب الذي يعد مبدأ عالمي، الشيئ الذي حدث أن مخزون البطاطا اعترضته ظروف استثنائية لأن شهري جانفي وفيفري، وأحيانا حتى نهاية ديسمبر هي أشهر بيضاء، وهو الأمر الذي جعل وزارة الفلاحة تستنجد بألية الضبط لتغطية أشهر الفراغ وهي الألية التي أعطت نتائج طيبة، ولم نشعر بندرة في أي مادة السنة الماضية، غير أن تقديرات وزارة الفلاحة للمخزون الاحتياطي اصطدمت بتقلب الأحوال الجوية التي شهدتها الجزائر، لم نعتد أن يصل علو الثلوج 3 أمتار، استهلكنا الكميات المخزنة والكميات التي كنا نترقب دخولها لم تدخل نتيجة تأخر دخول فصل الشتاء، هي مشاكل عقدت الوضع والمسألة كانت ظرفية بشهادة التراجع المسجل في أسعار البطاطا التي وصلت مع بداية جني المنتوج منذ 5 أيام إلى 60 دينارا أي بتراجع 20 دينارا، واعترف أن هذه الأزمة يجب أن تكون درسا لنا، إذ يجب أن تكون الاحتياطات لمدى أطول يتحدى القوة القاهرة، إلى جانب تشجيع الفلاح على الإنتاج لأن الحل الوحيد للتحكم في الأسعار هو الوفرة. تدخل الحكومة لتفكيك الأزمات أدى إلى إتكالية، ألم يحن الوقت لإنسحابها؟ الحكومة لديها مسؤوليات ومن غير المعقول أن تنسحب من وظيفتها في تصحيح الإختلالات التي يشهدها السوق، حتى وإن كان هذا التدخل على مستوى المراقبة والتحقيق والتحري وتوقيع العقوبات، فالحديث عن المضاربة جعلني آمر بفتح تحقيق في إمكانية المضاربة بمادة البطاطا، وأطلقنا تحريات شملت أزيد من 500 غرفة تبريد لضبط البطاطا المخزنة، غير أن التحريات لم تسجل ضبط سوى حالة واحدة لغرفة تبريد بمعسكر والكميات لم تتجاوز سوى 350 قنطار ورغم أن الكمية لم تكن لتكفي سوى 3 أيام إلا أننا دفعنا بملف المعني إلى العدالة، ولم يكن أممانا سوى الاستيراد كحل وحيد لكسر أسعار البطاطا، إلا أن هذا الخيار كان سيربك القطاع بكل مفاصله حتى ولو كان الاستيراد لفترة محدودة، كما أن عامل الوقت لم يسمح بذلك وفضيحة بطاطا الخنازير سنة 2007 جعلتنا نبتعد عن هذا الخيار، وأأكد أننا استخلصنا الدرس. أما البقول الجافة نحن نواجه إشكالا فأسعارها زادت في السوق الدولية ب40 بالمائة، وهي نسبة حساسة،و ديوان الحبوب يعاني من الكساد بسبب امتناع تجار الجملة والتجزئة عن شراء هذه المنتوجات. ما أسباب تهرب تجار الجملة من شراء منتوجات الديوان؟ السبب في التهرب يكمن في الفوترة، ومضطرون لفتح دكاكين لإستقبال المواطنين، تخوفي من ارتفاع أسعار اللحوم بسبب امتناع مربي المواشي عن بيع مواشيهم، لضمان تكاثرها، لذى طلبت رسميا من وزير الفلاحة الترخيص باستيراد لحم الغنمي الطازج والمجمد، ولو لفترة محددة لتغطية الطلب في شهر رمضان. أحدثت الديوان خصيصا لخفض أسعار اللحوم، إلا أن هذا الديوان أثبت فشله؟ ديوان اللحوم والخضر حديث النشأة، وتابع في وصايته لوزارة الفلاحة، و"أسي جيبي برودا" نظمت عملية شهر رمضان الماضي، وستنظم عمليات جديدة في رمضان القادم وستكون أكثر تنظيما. هي عمليات موسمية والجزائري لا يأكل في رمضان فقط؟ فعلا هي عمليات موسمية، غير أنه خلال زيارتي لبعض نقاط البيع وقفت على عقلانية الأسعار ضمن هذه النقاط، حتى وإن كان أثر عمله لم يستشعره المواطن، لأنه يستحيل أن تؤثر 5 ألاف طن في سوق بحجم 40 ألف طن، لهذا يتعين أن تلجأ مؤسسات الديوان إلى استحداث شبكة تبريد تمكنه من لعب أدوار فعالة. كل الدواوين عاجزة، عدا ديوان الحليب فما داعي بقائها؟ صحيح ذلك، وديوان الحليب ديوان قديم النشأة مقارنة بديوان الخضر واللحوم، غير أن الدواوين الجديدة ستعطي نتائج تدريجية لأن مسألة السوق هي مسألة معقدة، وتبقى مرتبطة بشبكة التوزيع التي عندما خرجت من يد الدولة إلى الخواص أصبحت شبكة فوضوية حتى لا نقول أنها اختفت، لأنها لا تستجيب لأي معيار من المعايير الدولية. تعنون احتكار البعض والتحكم في رقاب المستهلكين من خلاله؟ هو احتكار فعلا، لكنه احتكار غير معلن، وإنما هو احتكار كأمر واقع مفروض، غير أن المشكل في الفوضى العارمة التي تعرفها شبكة التوزيع والتي تؤثر في الأسعار. الزيادة في الأسعار، شملت السيارات والأثاث وهنا الأمر لا يتعلق بتقلبات جوية، فأين رقابتكم؟ فعلا ارتفاع الأسعار امتد إلى كل السلع بما فيها السيارات والألبسة وغيرها، غير أن الأمر هنا يتعلق بارتفاع نسبة التضخم، التي توقعنا أن تلامس 4 بالمائة، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار بعض المواد الأولية دوليا وتحسن دخل المواطن الجزائري الذي أدى إلى إقباله على السلع، وللأسف هذا الإقبال كان على منتوجات مستوردة، وهذه ظاهرة سلبية لأن تحسن القدرة الشرائية للجزائري تنتج مساهمته في اقتصاديات الغير فأسعار السيارات ارتفعت ب10 بالمائة خلال 3 أشهر، بسبب ارتفاع تكلفة المنتوج المستورد. الزيادات دخلت جيب المواطن وخرجت منه دون فائدة؟ الحل يكمن في اعتمادنا على أنفسنا وتحسين القدرة الإنتاجية، أما بخصوص السلع المستوردة فوضعنا آلية تكمن في إخضاع تركيبة الأسعار التي لا تتماشى مع تركيبة الأسعار في السوق الدولية، لرقابة وزارة التجارة، وفعلا أخضعنا بعض المستوردين لتحقيقات واستفسارات عن تركيبة أسعارها لمراقبة هوامش ربحها، وهذا الحضور للدولة اعتقد أنه يعقلن هوامش الربح ويخرجها من دائرة الاعتباطية و "النفحة"، والحكمة في المنافسة الشريفة. إجابتكم تحيلنا على مجلس المنافسة الذي شكل محور اتهام مباشر لكم من قبل منتدى رؤساء المؤسسات، وأن غياب المجلس يعد أحد أهم العراقيل التي تواجههم، أين وصل الملف؟ حكم منتدى رؤساء المؤسسات هو محاولة لتبرير فشله وعجز مؤسساته، بتحويل فشله وتعليقها على شماعة وزارة التجارة، فمجلس المنافسة مهمته لعب دور الحكم بين المتعاملين الاقتصاديين فقط، ولا دور له في ضبط الأسعار، لأنها تبقى مرتبطة بالعرض والطلب لا غير، ورغم ذلك قمت بجهد خاص، للإفراج عن هذه الهيئة التي أضحى يراهن عليه البعض ويعملون على تسييس غيابها، غير أن آخر خطوة والمتعلقة بإخضاع المرشحين لعضويته لتحقيقات إدارية استهلك الكثير من الوقت، وأتمنى أن أغلق ملف هذه الهيئة وتنصيبها قبل نهاية السنة الجارية، وأوضح هنا أن المجلس مستقل عن وصاية وزارتي. هل للمواطن أن يأمل في تأثير هذا المجلس على الأسعار؟ المجلس يؤثر في حالة واحدة على الأسعار إذا تعلق الأمر بوضعيات احتكار وهيمنة، لأن المجلس من شأنه أن يقر توازنا في السوق بين المتعاملين وبالتالي تحرير الأسعار من قبضة الشخص الواحد، والجزائر لم تسجل وضعيات هيمنة، عدا في مجال الزيت والسكر، غير أن القانون لا يجرم وضعيات الهيمنة، وإنما يعاقب على التعسف في استغلال هذه الهيمنة، والوضعية الوحيدة المسجلة للمؤسسة المهيمنة في مجال الزيت والسكر أسعارها منخفضة مقارنة مع المتعاملين الذين يستفيدون من دعم الدولة. كيف تحكمون أن المؤسسة في وضعية هيمنة؟ كل مؤسسة إذا تجاوزت حصة 40 بالمائة من السوق تعتبر في وضعية مهيمنة، والهيمنة الموجودة في الجزائر أصبحت إيجابية ولصالح المواطن، بدعم المتعاملين المنافسين للمؤسسة المهيمنة على سوق الزيت والسكر، التي لم تطلب تعويضا. هل الحكومة عازمة على مواصلة دعم بعض المواد؟ قناعة الدولة في مواصلة دعم أسعار بعض المواد، غير قابل للنقاش أو المفاوضة، غير أن ملف إعادة النظر في إستفادة المواطن من الدعم وترشيده سيفتح بعد الإنتخابات التشريعية، وتجنبنا فتحه قبل ذلك مخافة تسييس الملف، ويجب أن يذهب الدعم للمحتاجين فقط، لأن الغلاف المالي الموجه للدعم قابل للتخفيض، من خلال الإعتماد على أحد التجارب. أطلقتم مبادرة للقضاء على الأسواق الفوضوية، أين وصل الملف؟ للقضاء على الأسواق الفوضوية، يستدعي بناء هياكل تجارية جديدة، وعندما أجرينا عملية إحصاء للأسواق الفوضية، وجدنا 600 نقطة عبر الوطن، تشغل ما بين 75 إلى 85 ألف جزائري ينشط ضمن هذه الفضاءات الفوضوية، واعتقد أن الرقم أكبر بكثير من هذا الرقم، هذا النقص هو السبب الرئيسي في ظهور أسواق الأرصفة، وإذا أردنا القضاء على أسواق الأرصفة يجب على الحكومة استحداث 1400 فضاء تجاري جديد، وهنا نجد مقاومة من الحكومة التي تعتقد أنها مهمة الجماعات المحلية، كما نجد مقاومة عجز الجماعات المحلية. هل من آجال لتجسيد مشروع القضاء على الأسواق الفوضوية؟ يصعب الحديث عن آجال للقضاء على فوضى الأسواق، بسبب رفض وزارة المالية تمويل هذا المشروع، وكذا فقر البلديات ورفض الخواص الإستثمار في هذا المجال، غير أن انتشار المساحات الكبرى لا يجب أن يكون على حساب التجارة الجوارية. يسألكم مواطن إذا كان وزير التجارة ينزل الى السوق، وهل 15 ألف دينار تكفيكم للعيش؟ أنزل إلى السوق نهاية كل أسبوع، وأتسوق شخصيا من السوق بسطاوالي، أين أقطن، وأؤكد أن الأسعار بهذه المنطقة غالية جدا، والتجار يستغلون انتشار عدد كبير من المسؤولين بالمنطقة، واعترف أنه يستحيل على مواطن يتقاضى 15 ألف دينار العيش عيشة كريمة، لذا اتجهت الحكومة إلى تحسين الأجور، وأعتقد أن متوسط الأجور أصبح عند حدود 40 ألف دينار، وهو الحد الذي يتقاضاه أكبر قطاعين، وحتى وإن كانت غير كافية، فهي خطوة إيجابية، وكل شخص يتقاضى أقل من 40 ألف دينار دون الاقتصاد إلى أقصى الحدود ناهيك عن تكاليف الحياة اليومية. موضوع طلب الأفامي الاستدانة من الجزائر، أثار جدلا واسعا لدى المواطن لدرجة أنه استهجن منع القروض الإستهلاكية مقابل إمكانية الإستجابة لطلب هذه الهيئة؟ وكيف ستتعامل الحكومة مع الطلب؟ طلب الأفامي كان مفاجئا سيما للشارع الجزائري، غير أن إجابة وزير المالية كانت واضحة، لأن الأمر يحتاج لدراسة، حتى وإن كان الطلب عاديا، لأن هذه الهيئة عادة ما تقصد الدول التي لديها فائض، الحكومة ستتعاطى مع هذه المسألة بنظرة إقتصادية بحتة، وهي نفس النظرة التي منعت القروض الإستهلاكية التي كانت لفائدة إقتصاديات أجنبية على اعتبار أن القروض كانت موجهة للسيارات، وأعتقد أن الحكومة وجهت المواطن نحو القرض على السكن الذي يدفع فيه المواطن نسبة1 بالمائة، حتى وإن كنت أنزع إلى قروض دون فائدة؟ الحكومة راهنت على سنة 2011 للانضمام للمنظمة العالمية للتجارة، غير أن الأمر لم يكن كذلك، ودورة الدوحة فشلت، هل تتوقعون شروطا أكثر حزما؟ انضمامنا للمنظمة العالمية للتجارة، مكسب سياسي أكثر منه مكسب اقتصادي، وأؤكد أن التماطل في هذا الملف أثر على انضمامنا لهذه الهيئة، واعتقد أن الملف خطى خطوات هامة مؤخرا خلال الدورة غير الرسمية المنعقدة شهر مارس الماضي والتي انتهت بعقد اتفاق ثنائي مع سويسرا، غير أن عدم انضمامنا قبل نهاية السنة القادمة أو بمعنى آخر قبل قفل دورة الدوحة سيكلفنا فاتورة غالية جدا، ومع ذلك أفضل الانضمام على عدم الانضمام، لأن هذا الأخير معناه البقاء في قائمة دول ليست من مصلحة الجزائر أن تصنف ضمنها. تنتمون الى تشكيلة سياسية، هل أنتم بصدد تنشيط الحملة الانتخابية؟ طبعا، أنشط الحملة الإنتخابية، حتى وإن كان إلتحاقي متأخرا. لصالح من تنشط الحملة؟ فهمت سؤالك، أنشط الحملة لصالح التكتل الأخضر، لأنني انتمي لحمس، ومنضبط ضمن هياكله، وعندما أنسحب من هياكل هذا الحزب سأجهر بذلك، وليس من أخلاقنا أن ننتمي إلى جهة، ونعمل ضدها أو لصالح جهة أخرى.