تشهد أسعار الخضر والفواكه واللحوم الحمراء والبيضاء، ارتفاعا محسوسا خلال الصائفة، وهو ما أنهك المستهلكين الغارقين في مصاريف العطلة الصيفية واقتراب عيد الأضحى المبارك والدخول المدرسي، ليُمضي بذلك الجزائريون صيفا جد حارّ سواء من ناحية الطقس أو الأسعار. لم يكن صيف 2018 عاديا على الجزائريين، فالخضر والفواكه والتي كانت تحتضنها المزابل في شهر الحرّ بسبب وفرتها وانخفاض أسعارها، صار المواطن يشتريها ب"الحبّة" لغلاء أسعارها بأسواق التجزئة… فحسب جولة ل"الشروق" عبر بعض الأسواق الشعبية، كشفت الارتفاع غير الاعتيادي لأسعار الخضر والفواكه في فصل الصيف. حيث لم تنزل أسعار الفلفل الأخضر والباذنجان عن 100 دج للكلغ، والبطاطا بين 60 دج و80 دج، والطماطم ذات النوعية الجيدة ب80 دج والأقل جودة ب50دج للكلغ، فيما حافظت السّلطة على ارتفاعها الجنوني وغير المبرر، فلا زالت تباع ب100 دج للكلغ، في وقت يشتريها تجار التجزئة من أسواق الجملة ب20 دج للكلغ، مستفيدين بذلك من هامش ربح يقدر ب80 دج دفعة واحدة. وحتى أسعار الفاكهة الصيفية لا تزال بعيدة عن متناول العائلات متوسطة الدخل، فالخوخ ذو النوعية الجيدة تراوح بين 180 و250 دج والأقل جودة 100 دج للكلغ، ومثلها أسعار البرقوق والدلاع والبطيخ فجميعها سجلت زيادات، رغم أن أسعارها في الجملة منخفضة. أما العنب فسيكون الغائب الأكبر هذا الصيف عن كثير من موائد الجزائريين، بعد تعرض 70 بالمائة منه للتلف بسبب مرض "الميلديو"، والمتوفر في الأسواق يباع بين 150 دج و250 دج. مجبر: الدولة تركت الأسعار حرة والمستهلك يدفع الثمن وفي الموضوع، أكد رئيس اللجنة الوطنية لأسواق الجملة للخضر والفواكه بالكاليتوس، محمد مجبر، أن أسعار الخضر والفواكه في المتناول بأسواق الجملة "ولا يمكن للفلاح أن يبيع بأقل من هذه الأسعار" حسب تعليقه. فغالبية الخضر تباع في الجملة بين 20 و40 دج، وحتى السلطة التي تشوي جيوب المستهلكين، يؤكد مجبر أنها تباع ب20 دج بأسواق الجملة. فالخلل –حسبه- هو في شعار "الأسعار حرة" والذي أنهك الجزائريين. ورفض محدثنا في اتصاله مع "الشروق" توجيه أصابع الاتهام لتجار التجزئة، حيث قال "لن أظلم أحدا، مادامت الدولة لا تتدخل في تحديد هامش الربح وتركت الأسعار خاضعة لقانون العرض والطلب". وفيما يخصُ فاكهة العنب، أكد مجبر أن 70 بالمائة من المنتوج تعرض للتلف بسبب مرض الميلديو والذي أتلف أيضا البطاطا والطماطم، وأفسد حتى التربة الزراعية. والإشكال في هذا المرض، أن الفلاح ملزم بإعادة رشّ الأدوية كل مرة وهو ما لم يقم به الكثيرون. سعر دجاجة واحدة يساوي كلغ من لحم الخروف…!! هذا، وتعدّت أسعار اللحوم البيضاء مؤخرا كل التوقعات بعدما قفزت إلى 450 دج للكلغ الواحد، بمعنى أن دجاجة بوزن 3 كلغ تساوي سعر كلغ من اللحم أي 1350 دج. وأكد لنا أصحاب محلات بيع الدجاج، وجود شبه عزوف عن الشراء بسبب الغلاء، فالزبون الذي كان يشتري دجاجة مرتين أسبوعيا، صار يطلبها مرة في الشهر وذلك إذا استطاع إليها سبيلا. فيما يفضل آخرون – حسبهم- شراء كلغ من اللحم مادامت أسعاره متقاربة مع الدجاج. وحتى "كبد وقوانص" الدجاج وصلت إلى 300 دج للكلغ، بعدما كانت لا تتعدى 150 دج. وبرّر الباعة هذا الارتفاع الجنوني، بتناقص مربي الدجاج خلال الصّائفة في ظلّ درجات الحرارة القياسية، الأمر الذي تسبّب في نفوق الكثير من الكتاكيت بالإسطبلات غير المجهزة، ويتوقع الباعة انهيار الأسعار شهر سبتمبر المقبل. زبدي: أين ورشة تنظيم الأسعار التي وعد بها وزير التجارة؟ وأكد رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي، أنه سبق لهم التحذير من ارتفاع أسعار لحوم الدواجن بسبب قلة الصّيصان، ومع ذلك "لم تتحرك السلطات لاتخاذ أي إجراءات تنظيمية". وتأسّف زبدي لظاهرة تذبذب الأسواق وعدم استقرارها، حيث قال "لا يمكننا التنبؤ أبدا باستقرار الأسعار في ظل غياب إجراءات تنظيمية ورقابية"، داعيا إلى الإفراج عن الورشة الكبيرة التي وعد بها وزير التجارة بإطلاقها بعد شهر رمضان لغرض تنظيم الأسواق.