اعتبر المخرج بشير درايس الجدل الذي أثيرحول فيلم العربي بن مهيدي ومحاولة منعه من العرض يدخل في دائرة الصراعات حول المشاريع المالية التي يسيطر عليها وزير الثقافة عز الدين ميهوبي ودائرته، وقال بصريح العبارة ان ميهوبي ورابح ظريف كانا يحلمان بكتابة الفيلم، الشيء الذي لم يحدث وهو السبب الحقيقي وراء الهجوم على الفيلم الأكبر والأضخم في تاريخ السينما الجزائرية،معتبرا ان بن مهيدي "ليس فيلما تحت الطلب، بل مشروعه هو فيلم تجاري وافقت لجنة القراءة عن السيناريو الثاني الذي أودع في عهد نادية لعبيدي. اليوم الفيلم في نسخته الأولى ما زال يواجه موقف الرقابة، ماذا يحدث بالضبط مع بن مهيدي؟ كما تعرفون ان الفيلم عرف عدة مشاكل، اقترحنا في البداية انتاجا اجنبيا مشتركا جزائريا اسبان فرنسيا، لكن وزارة المجاهدين رفضت الإنتاج المشترك وأرادت ان يكون الفيلم 100 بالمائة جزائري في عهد محمد شريف عباس، وضيعنا سنة كاملة في المفاوضات ووجدنا صيغة للإنتاج ، ثم ضيعنا سنة ونصف نبحث عن ممولين، واستغرقت الكتابة سنة ونصف بسبب صعوبة الحصول على المعلومة لعدم وجود كتابات ومؤرخين حول حياة العربي بن مهيدي،وبعد ان اتممنا العمل تفاجأنا بالجدل القائم حول الفيلم وتصريحات غير مسؤولة من وزير الثقافة عز الدين ميهوبي ودائرته وإصدار أمر بمنع عرض الفيلم لأسباب واهية وغير حقيقية. في البداية صرح ميهوبي ان الفيلم استنزف كل الميزانية خلال سنة واحدة وهذا غير حقيقي، لأننا في سنة 2015 كنا قد انفقنا نصف الميزانية فقط،وكل شيء موثق بالفواتير، ولحد الآن لم ننفق كل الأموال المرصودة للفيلم والمقدرة ب70 مليار سنتيم منها 57 مليارا فقط مساهمة الدولة. هل تتهم الوزير ميهوبي بوقوفه ضد عرض الفيلم وإثارة الجدل حوله؟ طبعا، معروف عن ميهوبي حماسه للمنتجين والمخرجين الأجانب، والأصدقاء يتداولون كتابة السيناريوهات مقابل الملايير في افلام لا تعرض ولا يشاهدها احد،وفعل مع فيلم العربي بن مهيدي كما فعل مع فيلم "البئر" للطفي بوشوشي. ميهوبي يقود حملة ضد بن مهيدي، لأنه كان يحلم بكتابة السيناريو،فبدأ بإثارة الجدل حول الميزانية، في الوقت الذي منحت فيه الوزارة مئات المليارات لأفلام لم تر النور بعد، فلماذا لم يتحدث عن ميزانية فيلم الأمير عبد القادر الذي التهم 150 مليار دون ان يصور مشهد واحد منه؟ لماذا لم يتحدث عن الأفلام التي انتجت خلال تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، واحمد باي وبن باديس وغيرها من الأفلام التي عرضت امام مئات الأشخاص، ثم وضعت في الأدراج. ميهوبي اليوم يتصرف كفاعل في المشهد الثقافي وليس كوزير وهو ما يعاب عليه. لكن الجدل الكبير حول السيناريو، وهل فعلا يحمل اساءة لرموز الثورة وتاريخ الجزائر؟ السيناريو ليس من اختصاص وزير الثقافة، بل من اختصاص مؤرخين، هم الذين يصححون الأخطاء ويقدمون الملاحظات، كما حدث مع لجنة المشاهدة التابعة لوزارة المجاهدين والتي أبدت تعاونا كبيرا معنا،انا لم اغلق باب النقاش وتصحيح الأخطاء من طرف المؤرخين وليس من طرف ميهوبي الذي ليس من اختصاصه نقد السيناريو،واذا تحفظ على الفيلم سأقدم طعنا ونرى من لديه الحق. هل أنت متمسك بعرض الفيلم كما تم تصويره دون حذف أي مشهد؟ أصحح الأخطاء التاريخية، لكن لن أحذف أي مشهد تم تصويره، لدي الوثائق والمراسلات التاريخية والشهادات الحية، بما فيها المشهد الذي قيل انه يسيء للرئيس احمد بن بلة؟ هذا المشهد كان ترويجيا للفيلم ويصور خلافا لا احد ينكره تاريخيا بين عبان رمضان الذي تخلى عن المنطقة الخامسة والخارج وترأس مؤتمر الصومام، في حين بقي بن بلة في مصر،والمشهد ليس فيه اساءة لأي احد، فقط كان عبان رمضان ينتقد بن بلة في مكالمة هاتفية ويعاتبه بأن الثورة بحاجة للسلاح والدعم وانه تأخر في جلب الدعم من الخارج،لكن فيما بعد تصالحا واصبحا اصدقاء، كما تشاجر مع بن مهيدي قبل ان يكونا اصدقاء وهذا ما اردت ان ابرزه في الفيلم الحياة الخاصة والجانب الإنساسي للثورة والفلسفة والفكر والإديولوجيا، لأن الثورة ليست عملا مسلحا فقط، بل كانت نضالا سياسيا ودبلوماسيا،فالفيلم ليس نمطيا تاريخيا ثوريا كما كنا نشاهد افلام الثورة، بل اردت اخراجه برؤية حديثة. هل فعلا عملت على تصفية حسابات جهوية وسياسية؟ أي تصفية؟ أنا لم اصف حسابات، انا مخرج، لدي رؤية لجانب آخر من الثورة من خلال اظهار شخصيات قادتها،كيف كانوا يفكرون،هم مثقفون وليسوا أميين،وكيف أبهر بن مهيدي وعقّد اكبر قادة الجيش الفرنسي "بيجار"، هؤلاء اعطوا للثورة هوية،نشيدا، وثائق، جريدة المجاهد، علم،لقد استثمر الفيلم في الجانب الانساني للثورة،حتى التعذيب لم اركز عليه، بل عبرت عنه ببعض الأصوات فقط. اما الجهوية فهي موجودة ولا احد ينكرها ولا تنقص من الثورة في شيء، لقد تكلمنا في الفيلم عن اختلافات في مشاريع الثورة وليس اختلافات شخصية. لم استطع اخفاء جوانب من الثورة لم تكن للمخرجين من قبل الشجاعة في التطرق اليها لاعتقادهم ان الجزائريين ليسوا مهيئين لمشاهدة بعض الجوانب الخفية من الثورة، ربما بعض الحقائق التي لم تعتمدها الجهات الرسمية في تاريخ الثورة قد تصدم النظام، لكن موجودة،واظن انها ستحبب الناس في ثورة نوفمبر اكثر،فكفانا من تصوير هؤلاء الشخصيات على انهم رسل ومعصومون من الخطأ. ما تعليق وزارة الدفاع باعتبارها شريكا ايضا في الفيلم بعد ان قدمتم لها نسخة منه؟ وزارة الدفاع شريك لوجيستيكي للفيلم ولدينا علاقات جيدة معها وقدمنا لها نسخة من الفيلم لمشاهدته. علمنا ان الفيلم يحمل ايضا قصة عاطفية بين بن مهيدي وفتاة أحبها كثيرا قبل ان ينفصل عنها، هل هذا صحيح؟ نعم، بن مهيدي كان يحب فتاة وكان يرغب في الارتباط بها قبل ان ينفصل عنها ويكرس حياته للثورة، هذه القصة ستحبب الناس في مشاهدة الفيلم. ما تعليقك على تصريحات رابح ظريف وهجومه على الفيلم قائلا بأنه يحمل مشاهد صادمة للجزائريين؟ لوكان لرابح ظريف ضمير لاهتم بترقية وتطوير قطاع الثقافة في ولاية المسيلة، وكف عن مهاجمة الآخرين، هذا الاطار الذي يكلف الدولة 100 مليون سنتيم شهريا بين راتبه وسكنه وهاتفه،كان الأجدر به ان يقوم بمهامه التي كلف بها ولا يلهث وراء كتابة السيناريوهات ويتجول بين بلاطوهات الصحافة واستديوهات التصوير، من احمد باي إلى بن باديس، ويجمع المليارات من كتابة السيانريوهات على حساب وظيفته، وهو ما اعتبره استغلالا للنفوذ، انه موظف في المسلية، لكنه لا يغادر العاصمة،انه وأمثاله ممن يغطي عليهم ميهوبي، فلا يحاسبه أحد، في حين يقوم بانتقاد الآخرين، فقط لأن سيناريو بن مهيدي لم يكتب عليه اسمه هو ايضا. رابح ظريف مصاب بالخيبة والإحباط ويسعى أن لا ينجح فيلم بن مهيدي اكثر من الأفلام التي كتبها كابن باديس. التصوير والمكساج واغلب العمليات تمت في الخارج بين تونس واوروبا، لماذا؟ ليس لدينا استديوهات، للأسف في الوقت الذي كانت فيه الدول تبني استديوهات بما فيها تونس، كانت وزارة الثقافة غارقة في المهرجانات وهدر المال على "الشطيح والرديح"، اليوم ليس لدينا استديوهات ولا مدن انتاج،ولا نستطيع ان نصور في مدن جزائرية، لأنه يحتاج منا إلى غلقها مدة شهر على الأقل، لذا كل الأفلام التاريخية تصور في استديوهات خارجية، للأسف الجزائر منذ سنة 2000 إلى اليوم لم تتمكن من بناء اي استوديو ، وعلى الاعلام ان يحقق وان يسأل الوزراء المتعاقبين على قطاع الثقافة، اين وعودهم، واين المشاريع التي يصرحون بها في كل مرة، اليوم تونس وهي الأقرب الينا تشهد اكبر الاستوديوهات تصور فيها افلام امريكية وافلام اجنبية عالمية. في الأخير، هل ما زلت تتلقى طلبات لعرض الفيلم؟ الفيلم بمقاييس عالمية وسيعرض في اكثر من 30 دولة، آخر طلب تلقيته من اربع قنوات رسمية مصرية بما فيها قناة الجيش، طلبت الحضور لتغطية العرض الشرفي للفيلم.اضافة إلى عدة مهرجانات طالبت بعرضه.