ظل الاستخلاف وعطل الأمومة لسنوات طويلة كابوسا يؤرق مديريات التربية ويخيم بظله القاتم على المدارس، بين ترقب التلاميذ لمن سيخلف معلمتهم ويظلون لأسابيع آو لأشهر دون دراسة، وبين مديرين يداهمهم الوقت وتفاجئهم شهادات حمل المعلمات كل سنة. فمع الدخول المدرسي نجد في مؤسسة تربوية واحدة ثلاث معلمات أو أربع حوامل على الأقل، ومنهن من لم تلتحق بالمؤسسة واكتفت بإرسال عطلة 98 يوما ابتداء من أول أيام السنة الدراسية، وفي مؤسسات أخرى بلغ عدد الحوامل نصف عدد الموظفات مما أحدث صدمة عنيفة لدى مديري التربية ومديري المدارس ليس في حرمان هؤلاء المعلمات من حقهن الشرعي والقانوني في الأمومة، بل في كيفية استخلافهم،خاصة لأطوار الامتحانات الابتدائي والمتوسط والثانوي وهي أطوار حساسة تنتهي بامتحانات فاصلة مصيرية. ويشتكي الآباء من خلال جمعيات أولياء الأمور من عطل الأمومة في قطاع التربية وهي كثيرة ومتعددة ومستمرة ولا يجد لها المديرون حلولا في الوقت المناسب ولا يرضون بالاستخلاف،لأنه يحدث خللا في التحصيل المدرسي، خاصة للطفل في السنة الأولى والثانية ابتدائي،أينيبدأ تكوينا بيداغوجيا مرتكزا على قراءة وكتابة الأحرف، وهي أصعب السنوات على الإطلاق حسب المختصين. تحاشت كل الجهات التي اتصلنا بها الخوض في هذا الموضوع، فوصفه البعض بالحساس والآخر بالملف الشائك، ووصفه البعض الآخر بالقضية السياسية،لكن لا أحد ينفي وجود إشكال كبير وهاجس يحبس أنفاس مديري التربية سنويا يسمى عطل الأمومة. فقطاع التربية لا يقل عدد موظفيه النساء عن 300 ألف امرأة بين مدرسة ومفتشة ومعلمة ومراقبة ومديرة، كلهن قد يتركن مناصب عملهن فجأة بسبب عطل الأمومة،لكن نقابات عمال التربية ترى أن الهاجس ليس في حق المرأة المعلمة في الإنجاب، بل في سوء تسيير العطل من طرف الإدارة والتماطل في إيجاد البدائل والاستخلاف في الوقت المحدد. ووصف رئيس جمعية أولياء التلاميذ السيد احمد خالد في اتصال بالشروق العربي أن ملف عطل الأمومة في قطاع التربية بات "شرا لا بد منه"، وقال أننا نتحدث عن ملف حساس ومحرج، لأن العطل المرضية وعطل الأمومة حق مشروع في العالم، لكن في الجزائر فاق كل الحدود، إذ كل معلمة تتغيب متى تشاء ولا يكلفها الأمر سوى شهادة طبية من أي مستوصف،وقال أن من بين عوامل ضعف النتائج الدراسية وسوء التحصيل المدرسي هو الاستخلاف أو التعاقد. فتلجأ الإدارةإلى استخلاف معلمة لمدة ثلاثة أشهر أو التعاقد لمدة سنة مع معلمين ليست لديهم أبجديات التعليم ودون تكوين أو منهجية أو علم نفس تربوي ويتخذون التلاميذ فئران تجارب. والإشكال الكبير حسب رئيس جمعية أولياء التلاميذ يطرح على مستوى امتحانات نهاية الأطوار وخاصة البكالوريا، وعلى مستوى الأولى والثانية ابتدائي، فغياب المعلم لمدة أسبوع يسبب عجزا في استيعاب الطفل للدرس وفي بعض المرات لا يمكن استدراكه إلا بجهد كبير. وقال أن في العالم عطل الأمومة تشغل المؤسسات، خاصة الرأسمالية، لكن في الجزائر "تجاوزنا الخطوط الحمراء"في استغلال الغياب والعطل المرضية،خاصة التي تسبق الولادة.