شرعت مصالح وزارة المالية في التحضير لمشروع قانون المالية التكميلي لهذه السنة، إذ ستكون حكومة ما بعد الرئاسيات على موعد معه مباشرة بعد عرض خطة عمل الحكومة، وذلك لتغطية عجز الميزانية والتكفل بالمصاريف الإضافية إلى جانب بعض التدابير التشريعية التي تحمل الطابع الاستعجالي، خاصة ما تعلق ببعض التدابير الخاصة التي شكلت مضمون مجالس وزارية مشتركة تخص التنمية بالولايات الحدودية والولايات المنتدبة الجديدة. علمت "الشروق" من مصادر مسؤولة بوزارة المالية، أن السنة المالية الجارية ستعرف إعداد مشروع قانون للمالية تكميلي لمشروع القانون الحالي، وذلك قصد تكييف وتغطية الحاجات المالية للعديد من القطاعات، وأشارت المصادر أن المصالح المختصة تلقت مذكرة توجيهية تخص عملية الإعداد لمشروع النص، الذي ستتم المصادقة عليه مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية أيا كانت الحكومة التي ستتولى مهمة التسيير، على اعتبار أن الأمر إجرائي وإداري أكثر منه أي أمر آخر، ويتعلق بتغطية عجز الميزانية الذي يعد الأكبر خلال العشرية الأخيرة ويقدر بأكثر من 17 مليار دولار في ظل انخفاض صادرات المحروقات، التي تعد المورد الأساسي للعملات الأجنبية بالنسبة للجزائر. مشروع قانون المالية التكميلي الذي انطلق في الإعداد إليه مبكرا هذه السنة سيحمل العديد من الإجراءات التشريعية المتعلقة بمراجعة امتيازات الاستثمار التي يحملها قانون الاستثمار الحالي، وذلك على النحو الذي سيتم تحويل العديد من الامتيازات للاستثمار في الجنوب والهضاب العليا كخطوة لتنمية الولايات الحدودية، وذلك استجابة للتوصيات التي أفضت إليها سلسلة اللقاءات التي نظمتها وزارة الداخلية لبحث حلول مواجهة الجريمة المنظمة التي تهدد أمن الدولة بنفس مقدار تهديدات الإرهاب، كالتهريب والاتجار بالمخدرات والبشر. مشروع قانون المالية التكميلي، سيقر مجموعة من الرسوم لم يتضح بعد القطاعات التي ستشملها، وذلك بعد أن جاء مشروع قانون المالية الأولي خاليا من أية رسوم وضرائب، وهو ما يفسر التصريحات التي أدلى بها عبد الرحمان راوية، مؤخرا خلال يوم إعلامي حول تأثير قانون المالية على المؤسسة، والمتعلقة بتوقعاته أن تكون 2019 سنة صعبة ماليا. قانون المالية 2019 الذي حاولت الحكومة المحافظة من خلاله على التوازنات الكبرى عبر الدفع بالمشاريع والحفاظ على الموارد المالية، قدر عجز الميزانية عند حدود 9.2 في المائة من الناتج المحلي الخام، أي أزيد من 17 مليار دولار أي قرابة 1800 مليار دينار، كما تضمن التخصيصات المالية المتعلقة بتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أفريل القادم، إذ رصدت الحكومة ما قيمته 50 مليار دينار جزائري أي حوالي 40 مليون دولار أميركي لضمان "اللوجستيك" للعملية الانتخابية. وأدرجت الحكومة هذه الميزانية في باب الاحتياطات، وهو الأمر الذي أدى إلى تعزيز حجم الاعتمادات بعنوان الاحتياطي المجمع للنفقات المحتملة، هذا الاحتياط الذي يعد وجوده من الناحية الإجرائية خطوة استباقية لتغطية النفقات غير المتوقعة للسنة المالية والذي يتضمن علاوة على الاحتياطي للنفقات المحتملة، التخصيصات للتكفل بمساهمة الدولة في صندوق النفقة، والأثر المحتمل الناجم عن تقلبات الأسعار العالمية للحبوب ومسحوق الحليب، وكذا الاشتراكات المحتملة للجزائر بعنوان بعض المؤسسات المالية كالاتحاد الإفريقي، ودفع اشتراكات الجامعة العربية والمساعدات الموجهة لدولة فلسطين وغيرها. وعلى اعتبار أن الانتخابات الرئاسية تعد الحدث الأبرز هذه السنة، فهناك العديد من الملفات الحكومية ستضبط على عقارب ساعتها، ومعلوم أن الرئاسيات التي خصصت لها الحكومة 50 مليار دينار، كان سبقها تخصيص الجهاز التنفيذي بموجب قانون المالية لعام 2017 رصد ما قيمته 40 مليار دينار لتنظيم الاستحقاقات التشريعية التي تم إجراؤها شهر ماي من نفس السنة بالإضافة إلى الانتخابات المحلية التي نظمت شهر نوفمبر 2017.