بلغت تعليمة وزارة الشؤون الدينية والأوقاف للأئمة الرتباء بعدم عقد مجالس الزواج أو قراءة الفاتحة مثل ما هو معروف عندنا في الجزائر، إلا بإحضار الزوج العقد المدني، مرحلة متقدمة من التطبيق، وقد انضم عدد من شيوخ الزوايا إلى مشروع الوزارة بإصدار "ميثاق عقد الزواج" يحددون فيه معالم العقد والتزامات الزوجين المادية والمعنوية بهدف المحافظة على مؤسسة الأسرة وإفشاء الزواج وحفظ حقوق كل طرف. تشير المعطيات إلى أن أئمة المساجد أصبحوا متشددين مع المقبلين على الزواج في مسألة قراءة الفاتحة، إذ لا يقبلون على هذه الخطوة حتى يثبت الزوج وولي الزوجة بأنهما قد عقدا مدنيا أمام ضابط الحالة المدنية في البلدية، نزولا عند تعليمة وزير الشؤون الدينية والأوقاف التي تهدف إلى إثبات حقوق الزوجة والأطفال، لكن رغم ذلك لازالت بعض عقود الزواج الشرعية تبرم دون إحضار عقد مدني في إطار الأسرة أو باللجوء إلى أحد المتدينين البالغين مستوى من العلم أو حفظة القرآن الكريم، وتلك حالات تخرج عن مراقبة وزارة الشؤون الدينية والأوقاف. وفي حادثة طريفة تؤكد حرص الأئمة على عقد "الفاتحة" بعد تقديم العقد المدني، روى أحد المواطنين من إحدى المدن الجزائرية أنه أقام عرسا لعقد فاتحة ابنته، وبعدما قام الفرح بحضور عائلتي العريس والعروس ذهب ولي العريس إلى المسجد وأحضر الإمام إلى حيث يقام العرس، وعندما استعد الإمام لعقد مجلس الزواج سأل ولي العريس إحضار الدفتر العائلي أو العقد المدني، فوجد أن المعنيين لم يقوموا بذلك، فرحل عنهم ورفض رفضا قاطعا قراءة "الفاتحة"، وبعد غدو ورواح من قبل العائلتين يترجون فيها إقناع الإمام بعقد الفاتحة وتجنيبهم الفضيحة أمام المدعوين والحضور، أرسل الإمام معهم المؤذن الذي لا يرتبط بوزارة الشؤون الدينية بعقد عمل، ثم أنه على مستوى من العلم والورع يمكنه من عقد الزواج. وليست هذه الحادثة إلا مثالا على ما هو مطبق من إجراءات جديدة بخصوص عقد الزواج، انضم إليها عدد من شيوخ الزوايا عبر ولايات الهضاب العليا والجنوب، إذ أقرّ عدد منهم "ميثاق عقد الزواج" ضمنوه عددا من التدابير وقّع عليها أعيان العروش والبلديات لإفشاء الزواج بين الشباب بدل التعقيدات المادية والمعنوية التي تقف عائقا أمام إكمال دينهم وبناء أسر، تأتي في مقدمتها الشروط المادية وغلاء المهور والأعباء التي يتكبدها ولي العروس في تجهيز ابنته. فمن ناحية الزوج تضمن الميثاق تحديد السقف الأعلى للمهر ب 80 ألف دينار جزائري، وهو مبلغ معقول يستطيع الشاب المقبل على الزواج وعائلته توفيره، مقابل أن لا يكلف أولياء العروس بتجهيز بيت الزوجية، مثلما هو متعارف عليه، كما اتفق شيوخ الزوايا على عدم عقد "فاتحة" زواج، إلا بعد إبرام العقد المدني. وقد ذهبت مختلف التدابير التي أقرها هؤلاء العقلاء في اتجاه حفظ حقوق الأطراف في العقد وتبعاته، وذلك بعد تفشي ظاهرة التلاعب بمصير الشباب في قضية الزواج وتصاعد مؤشر الطلاق وتفكك الأسر، إضافة إلى إنكار حق الزوجة عند الطلاق ومعها أبناءها، خاصة إذا كان الزواج قد تم دون عقد مدني واكتفى فيه الأطراف بالعقد الشرعي أين تضطر الزوجة في حال فسخ الزواج إلى معركة قضائية من أجل إثبات الزوجية أولا ثم إثبات نسب الأبناء، هذا في حال ما ظل الزوج حيا، أما إذا توفي الزوج، ففي القصة حديث آخر. غنية قمراوي: [email protected]