قال الإمام عابر محمد إمام خطيب المسجد الكبير ببئر خادم بالعاصمة إن "توثيق الزواج أصبح حتمية شرعية وواجبا شرعيا يتعين على كل مقبل على الزواج الالتزام به، نظرا لما يحققه من مصلحة ويمنع من مفسدة على الأمة"، بل أن الزواج غير الموثق "قد يعطي الطفل حكم اللقيط في حضور والده الذي ينكر نسبه". فبالنظر إلى عدد القضايا التي تعالجها العدالة والمتعلقة بإثبات النسب فإن عدد الأطفال الذين ينكر آباءهم نسبهم في تزايد مستمر، رغم أن تحاليل البصمة الوراثية "آ دي أن" التي تقوم بها مخابر الشرطة العلمية تثبت أن الأطفال من أصلاب آبائهم من زواج عرفي، لكن في غياب وثيقة تثبت الزواج، ينكر بعض الأزواج أبناءهم ويرمون زوجاتهم بالفاحشة. وللحد من انتشار ظاهرة الزواج العرفي التي أخذت منعطفا خطيرا وتعدت حرمان الزوجة من حقوقها، إلى إدخال الأطفال في دوامة انعدام النسب والعيش دون انتماء ولا تسلسل عائلي، أصبح مثلما قررته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، ممنوعا على الأئمة الرتباء إبرام عقود الزواج أو "قراءة الفاتحة" مثلما هو معروف في عرف الجزائريين، دون التبين من وجود العقد المدني الموثق لدى مصالح الحالة المدنية للبلدية، لكن ذلك لم ينقص من حدة الظاهرة في وجود أولياء يرضون تزويج بناتهم زواجا عرفيا، يكون في أغلب الأحيان في السر دون أن يعلن عنه طرف نظرا لاعتبارات مادية أو معنوية يقدرها طرفا العقد. فأمام كثرة الفساد وانتشار الكذب في المجتمع وتغير القيم أصبح مطلوبا أن يحرص طرفا العقد على توثيق الزواج أمام المصالح الرسمية المختصة، والمسؤولية حسب الإمام عابر محمد "تقع بالدرجة الأولى على أولياء الزوجة لأنها أول المتضررين من غياب غياب توثيق العقد وتكون هي أول من تضيع حقوقه في حال الطلاق أو إنكار الزوج نسب أبنائها". خاصة أن العرف لدى أغلب الجزائريين أن مجلس عقد الزواج يعقد في بيت الزوجة "وعلى وليها ان لا يقبل تزويجها إلا بوجود العقد المدني قبله". ومثلما قاله إمام المسجد الكبير ببئر خادم يقوله الأئمة في حملات التوعية وخطب الجمعة والدروس الدينية ليؤكدوا أهمية توثيق الزواج في الحفاظ على الحقوق المتبادلة بين الطرفين وكذلك الحفاظ على حقوق الزوجة في حال الطلاق، أما بالنسبة للأطفال فلا يمكن لطرف إنكار نسبهم ولا حرمانهم من حقوقهم الشرعية والمدنية، بينما يكون مصيرهم التشرد والضياع في حال أنكر الوالد نسبهم، وقد يفعل ذلك انتقاما من الأم إذا كان الزواج عرفيا. فإذا كان الزواج باكتمال أركانه يكون محرما في حال اتفق الزوج والزوجة ووليها على عدم إظهاره وإبقائه في السر، لما يترتب عليه من مفاسد "يمكن أن يجتمع علماء الأمة لتدارس المصالح والمفاسد التي ينتجها الزواج العرفي ليصدروا بعدها فتوى بوجوب توثيق الزواج لدى المصالح الإدارية المختصة بذلك ويمكن أن يكون ذلك من مجلس الفتوى بوزارة الشؤون الدينية أو المجلس الإسلامي الأعلى". وبالنسبة للائمة فقد سبق وطرحوا في ملتقيات انشغالا على وزارة الشؤون الدينية يقضي بتمكين الإمام من تقييد عقود الزواج التي يبرمها في سجل يختم عليه بختم رسمي، ويكون ذلك في إطار العمل التوفيقي بين المساجد والبلديات أو المحاكم، ويتكفل بذلك إمام المسجد الرئيسي على مستوى البلدية، في انتظار أن تجد هذه الفكرة مجالا قانونيا للتطبيق. غنية قمراوي:[email protected]