ما يزال الغموض يدور حول الأحداث الجارية في لبنان ، من حيث الجهة التي تقف وراء تنظيم "فتح الإسلام" الذي يتقاتل مع الجيش اللبناني منذ أكثر من أسبوع في مخيم عين البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان .هل هو تنظيم القاعدة مثلما تروج الى ذلك التقارير الأمريكية والغربية أأم هي المخابرات السورية مثلما يقول الفريق الحاكم في لبنان أم هي هناك طرف ثالث يريد استغلال ظروف لبنان الهشة لتحقيق أهدافه ؟ الصحفي الامريكي فرانكلين لامب دخل دهاليز لبنان وتوغل داخل مخيم عين البارد كعامل إغاثة في صفوف فريق الصليب الأحمر ليكشف عن حقائق مدهلة حول تلك الأحداث .. في تحقيق نشرته بعض المواقع على شبكة الانترنت ، يؤكد الصحفي الامريكي أنه عرف من يقف وراء الأحداث التي نشبت بسرعة عقب عملية "سرقة مصرف" مزعومة في شمال لبنان من طرف عناصر من "فتح الإسلام" .. يلقي الصحفي في البداية الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات ال 12 داخل لبنان ومن بينها مخيم عين البارد ، حيث الاكتظاظ والفقر والبطالة وحيث لا يمنحون الجنسية ويمنعون من العمل في العديد من المهن ولا يمكنهم امتلاك عقارات .. هذه الظروف شكلت أرضية خصبة لتسلل أفكار العنف و ، و استنادا الى التحقيق ،فان من بين التنظيمات الموجودة داخل المخيمات الفلسطينية داخل لبنان ، هناك "فتح الإٍسلام " و"جند الشام" و"أبناء الشهيد" و"عصبة الأنصار" وكلها انطلقت باسم "عصبة النور" .. يقول الصحفي أن بعض هذه التنظيمات هبت لمقاومة الاجتياح والاحتلال الإسرائيلي للبنان الذي كان يحظى بضوء أخضر أمريكي ، لكن عوضاً أن يكون مقاتلوا أمريكا شيعة ومؤيدين لحزب الله، فإن مجموعات اليوم ذات غالبية سنية ومعارضة لحزب الله، ومؤهلة بالتالي للحصول على المساعدات الأمريكية التي يمررها الممولون السنة المرتبطون مع إدارة الرئيس بوش التي أعلنت التزامها بتمويل المجموعات الإسلامية السنية بهدف إضعاف حزب الله .. ويواصل الصحفي الامريكي تحقيقه بالقول أن هذا المشروع أصبح هاجساًَ لدى البيت الأبيض عقب الهزيمة الإسرائيلية في جويلية 2006. و حسب التحقيق ، أنشئت الخلايا الإسلامية السنية بهدف تشكيل غطاء لمشاريع " النادي الولشي " المعارض لحزب الله . و يحمل النادي تسميته من دافيد ولش نائب وزير الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس وهو المسؤول في الإدارة الأميركية عن الشرق الأوسط ويحظى بتوجيه أليوت أبرامز. والأعضاء البارزون في النادي الولشي هم: وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي. سمير جعجع، قائد ميليشيا القوات اللبنانية التابعة لحزب الكتائب. و سعد الحريري زعيم تيار المستقبل . وتقضي الخطة التي وضعها "النادي الولشي" بأن يلقى اللوم جراء تصرفات هذه الخلايا (ومن بينها فتح الإسلام) على تنظيم القاعدة أو سوريا أو أي جهة باستثناء.. ولتجنيد الميليشيات الجديدة، جمع تيار المستقبل بقايا المتطرفين السابقين في المخيمات الفلسطينية الذين همشوا خلال الوجود السوري للبنان. ويتلقى كل مقاتل مبلغ 700 دولار شهرياً وهو ليس مبلغاً سيئاً بالنسبة للأوضاع الحالية في لبنان .. وأول ميليشيات " النادي الولشي " التي أسسها تيار المستقبل معروفة محلياً باسم "جند الشام" التي أنشئت في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بالقرب من مدينة صيدا الجنوبية. ويشار إلى هذه المجموعة داخل المخيم باسم "جند الست" في إشارة إلى بهية الحريري شقيقة رفيق الحريري. والميليشيا الثانية كانت فتح الإسلام (وقد اختير الاسم بدهاء إذ جمع بين فتح المميزة لدى الفلسطينيين والإسلام شعار القاعدة). ويضيف التحقيق : لقد أسس تيار المستقبل هذه الخلية التابعة للنادي في مخيم نهر البارد للاجئين إلى الشمال من طرابلس من أجل التوازن الجغرافي. وكان لدى فتح الإسلام حوالي 400 مقاتل يتقاضون رواتب جيدة حتى قبل ثلاثة أيام. واليوم قد يكون لديهم عدد أقل أو أكثر من المتطوعين. لقد وفرت لقادة التنظيم شقق فاخرة تشرف على البحر في مدينة طرابلس حيث كانوا يخزنون الأسلحة ويرتاحون فيها عندما لا يكونون في نهر البارد . ويقول الصحفي الامريكي فرانكلين لامب في تحقيقه أن استخبارات حزب الله علمت بنشاطات النادي المذكور . وعن بداية الأحداث الجارية اليوم في لبنان ، يقول التحقيق أن الأمور بدأت تسير بشكل سيء بالنسبة للنادي في الأسبوع الماضي ،عندما قام تيار المستقبل بإقفال حساب فتح الإسلام في المصرف الذي تملكه عائلة الحريري. وحاولت فتح الإسلام التفاوض للحصول على "تعويض" على الأقل دون نجاح وشعرت أنها تعرضت للخيانة. (يجب أن نتذكر أن معظم مقاتلي فتح الإسلام من المراهقين والرواتب التي يتقاضونها تساعدهم على إعالة عائلاتهم. وأقدم المسلحون على سرقة المصرف الذي كان يصدر لهم شيكاتهم. لقد ثاروا غضباً عندما علموا أن تيار المستقبل يزعم في وسائل الإعلام إن خسارة المصرف أكبر بكثير من الحقيقة وأن النادي سوف يبتز شركة التأمين ويحصل على أرباح طائلة " . وهاجمت قوى الأمن الداخلي اللبناني (الذي نظم في الفترة الأخيرة ليضم عناصر للنادي وتيار المستقبل) شقق فتح الإسلام في طرابلس. لم يحالفهم الحظ واضطروا لاستدعاء الجيش اللبناني لمساندتهم. وخلال ساعة واحدة شنت عناصر فتح الإسلام هجوماً مضاداً ضج مراكز الجيش اللبناني وحواجزه وعناصره غير المسلحين وخارج الخدمة، والجنود بثياب مدنية وارتكبوا مجزرة رهيبة بما في ذلك قطع رؤوس أربعة جنود. وحتى اللحظة، لم تشن فتح الإسلام هجوماً ضد قوات الأمن الداخلي في طرابلس لأن عناصرها مؤيدين للحريري وبعضهم من أصدقاء فتح الإسلام، ولا يزال أعضاء التنظيم يأملون الحصول على رواتبهم من الحريري. وعوضاً عن ذلك، استهدف فتح الإسلام الجيش اللبناني .. واجتمعت حكومة السنيورة وطلبت من الجيش اللبناني الدخول إلى المخيم وإسكات (بطريقة أو أخرى) فتح الإسلام. وبما أن الدخول إلى المخيمات محظور بموجب الاتفاق مع الجامعة العربية في العام 1969، رفض الجيش الدخول بعدما أدرك حجم المؤامرة التي ينفذها ضده النادي الولشي. يعرف الجيش أن الدخول بالقوة إلى مخيم للاجئين سيفتح جبهة ضده في جميع المخيمات الفلسطينية ويمزق صفوفه من خلال الانشقاق المذهبي. وشعر الجيش بأنه ضحية قوى الأمن الداخلي للنادي التي لم تنسق مع الجيش اللبناني كما ينص القانون ولم تبلغه حتى "بعمليتهم الداخلية" التي نفذوها ضد المنازل الآمنة لفتح الإسلام في طرابلس. وبلغ التوتر أشده اليوم بين الجيش اللبناني والنادي الولشي وبدأ البعض يتداول بجملة "انقلاب عسكري". مقتل جندي لبناني خلال اشتباكات متقطعة السنيورة : "فتح الاسلام " يضم 250 مقاتل من جنسيات مختلفة قتل أحد عناصر الجيش اللبناني خلال اشتباكات متقطعة مع مجموعة "فتح - الإسلام" في مخيم "نهر البارد" للاجئين الفلسطينيين في شمالي لبنان. وأعلن متحدث عسكري أن "عناصر فتح - الإسلام قصفوا صباح الثلاثاء موقعًا للجيش اللبناني في محيط المخيم, ما أدى إلى استشهاد جندي". جاء القصف بعد هدوء حذر تخللته اشتباكات ليلية متقطعة كما يجري منذ الثلاثاء الماضي. ويواصل الجيش اللبناني محاصرة المخيم الذي يشهد هدنة هشة منذ الثلاثاء الماضي، تمكن خلالها غالبية سكانه من النزوح، فيما لا يزال هناك ما بين ثلاثة وثمانية آلاف مدني من أصل 31 ألفًا، وفق أرقام منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. من جهة أخرى ، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة الثلاثاء عن إعتقال أكثر من خمسين عنصرا من تنظيم "فتح الإسلام" الفلسطينى المسلح منذ اندلاع المواجهات مع الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان . وأكد السنيورة في حديث هاتفي مع صحيفة "عكاظ/ السعودية " نشرته "أن التنظيم يضم نحو 250 مقاتلا من جنسيات مختلفة . وأوضح السنيورة أن "فتح الإسلام" كون مجموعاته ومنها من كانت تقاتل في العراق وتم تيسير قدومهم إلى لبنان" مؤكدا على أن" لبنان لا يمكن أن يكون عراقا آخر لأن الموقف الكاسح في لبنان مؤيد للحكومة في كل إجراءاتها ضد فتح الإسلام ومن جهة أخرى كشف السنيورة أن مساعدات عسكرية وصلت إلى الجيش اللبناني من دول عربية قائلا "هناك طلبات قدمت لعدد من الدول الشقيقة والصديقة ونحن نحصل الآن على تنفيذ والآن هناك تسريع لعملية هذه المساعدات وهذا أمر يشكرون عليه". فتح الإسلام ترفض تسليم اي من عناصرها الى السلطات أعلن ابو سليم طه المتحدث باسم مجموعة " فتح الإسلام" الثلاثاء ان المجموعة المتحصنة في محيط مخيم نهر البادر للاجئين في شمال لبنان ترفض تسليم اي من عناصرها واكد انها تبحث مع رجال دين فلسطينيين في سبل التوصل الى "حل سياسي". وفي اتصال هاتفي اجرته مع وكالة الانباء الفرنسية ،، قال ابو سليم "نرفض تسليم اي عنصر من فتح الإسلام". وتصر الحكومة والجيش اللبناني الذي يحاصر المخيم منذ ثمانية أيام يصران على انهاء تسلم عناصر فتح الإسلام . ومن جهة اخرى، اكد ابو سليم "ان البحث ما زال جاريا مع وفد علماء فلسطين للوصول الى حل سياسي". ورفض الدخول في تفاصيل هذا الحل لكنه قال ان "المفاوضات الدائرة ترتكز على حل سياسي". ولم تتضح حتى الآن نتائج وساطة بدأتها الأحد مجموعة من رابطة علماء فلسطين تضم ثلاثة مشايخ، مع فتح الإسلام لحل الأزمة. وأعطت السلطات اللبنانية الفصائل الفلسطينية فرصة للتوصل الى حل سلمي لقضية "فتح الاسلام" يؤدي الى تسليم عناصرها المطلوبين من الجيش وينهي وجودها في المخيم، بدون ان يلغي ذلك احتمال حسم الازمة بطرق اخرى منها العسكرية في حال فشل هذه الجهود. وأعلن ابو سليم ان فتح الاسلام "ملتزمة منذ مساء الاثنين وقفا شاملا لاطلاق النار مدته 24 ساعة لافساح المجال في ادخال المساعدات الى اهالي المخيم". واستفاد الصليب الاحمر الدولي الثلاثاء من حالة الهدوء وادخل الى مخيم نهر البارد مساعدات غذائية وطبية في عشر شاحنات وسيارات. ويشهد محيط مخيم نهر البارد هدنة هشة منذ الثلاثاء الماضي سمحت بنزوج غالبية سكانه ولم يعد في داخله سوى ما بين ثلاثة وثمانية آلاف مدني من اصل 13 الفا، وفق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا). واسفرت المعارك عن مقتل 78 شخصا . إعداد : القسم الدولي