كشف تقرير حديث وزع على أعضاء الكونغرس الأمريكي أن المغرب عرض رسميا على الولاياتالمتحدةالأمريكية إقامة مشروعها المتعلق بالقيادة العسكرية الأمريكية الخاصة بمنطقة إفريقيا، على أراضيه، وذلك بعد أن عبرت عدة دولا وعلى رأسها الجزائروجنوب إفريقيا أي تواجد عسكري أمريكي بشكل دائم على أراضيها، لأن الموضوع ترفضه الشعوب وهو متعلق بشكل مباشر بموضوع السيادة في هذه الدول. ويبدو أن المغرب ممثلا في ملكه الشاب سارع إلى احتضان هذا المشروع العسكري الأمريكي رغبة منه في تعزيز قدراته العسكرية، على الرغم من أن مشروع الإدارة الأمريكية بإقامة مقر القيادة العسكرية الجديدة للقارة الإفريقية (أفريكوم) في حد ذاته لم تعرف بعد أهدافه الحقيقية ومدى خطورته على المنطقة وهل من شانه أن يؤثر على الإستقرار الأمني بالمنطقة على غرار ما هو حاصل في كل البلدان التي يتواجد بها الأمريكيون بزيهم العسكري سواء بشكل دائم أو غير دائم. هذا التقرير أعده مركز خدمة البحوث للكونغرس الأمريكي في 35 صفحة، ويأتي في ظل مساعي ومباحثات مغلقة شرعت فيها الإدارة الأمريكية منذ أشهر مع بعض قيادات الدول الإفريقية لإيجاد مكان ملائم لهذه القيادة، ويتوقع أن يعلن عن تفاصيل هذه القيادة الجديدة ومكانها إقامتها في أكتوبر 2007 على أن تصبح قيادة بكامل مقوماتها في أكتوبر 2008 كما هو مقرر في أجندة الأمريكيين. الجزائر وليبيا وجنوب إفريقيا.. محور الرفض هذا التقرير الجديد تم إعداده خصيصا لأعضاء ولجان الكونغرس الأمريكي ليكونوا على اطلاع على آخر المستجدات المتعلقة بهذا الملف الحساس، وجاء فيه أنه من بين الدول القليلة جدا التي عرضت على الأمريكيين استضافة هذا المشروع العسكري أمريكا هناك كل من المغرب إضافة إلى بتسوانا، وأشار أنه سبق لمسؤولين من الجزائر وليبيا التعبير قبل شهور عن رفضهما لاستقبال تلك القيادة لدواعي السيادة ورفضا لأي وجود عسكري أجنبي فوق ترابها، زيادة على جنوب إفريقيا والتي رغم كونها حليفا استراتيجيا لواشنطن إلا أنها أعلنت رفضها لأي وجود عسكري أمريكي بشكل دائم على أراضيها، وهنا تبرز غرابة "التسرع" المغربي في هذا الكرم لصالح القيادة العسكرية الأمريكية الخاصة بمنطقة إفريقيا والتي رفضها الجيران (الجزائر وليبيا) لدواعي متعلقة بسيادة البلد وقبلها المغرب لدواعي غير معلومة لحد الآن. وفي هذا الإطار يذكر التقرير أن العديد من الحكومات والعسكريين الأفارقة استقبلوا فكرة إقامة مقر للقيادة بتفاؤل حذر، ونقل عن مسؤول في وزارة الدفاع أن زيارة قام بها وفد عنها لدول إفريقيا، أظهر وجود ما وصف بسوء فهم وتصور للفكرة، وهذا في إشارة واضحة ربما إلى الرفض الجزائري الذي عبر عنه وزير الخارجية محمد بجاوي بشدة لما قال أن الجزائر ترفض أي تواجد عسكري أمريكي على أراضيها، ثم ما تبع هذا التصريح من تداعيات على مستوى العلاقات الجزائريةالامريكية التي وصلت حد التأزم بسبب التفجيرات 11 أفريل الأخير. ولعل هذا هو السبب الذي جعل التقرير ينصح الإدارة الأمريكية إلى ضرورة أن ينسق المسؤولون الأمريكيون بشكل حثيث مع هذه حكومات الدول الإفريقية، لكي تخدم القيادة الجديدة المصالح المشتركة لكلا الطرفين وتشكل تحالفاً عسكرياً بينهما، ولتجنب ما أسماه "أي إحساس من لدن هذه الحكومات بأن في الأمر إملاءات أمريكية". المغرب اقتطع جزء من أراضيه لصالح القوات الأمريكية ومن بين أوجه الخطورة والغرابة التي جاءت في التقرير الداخلي الذي وزع على أعضاء الكونغرس الأمريكي اعتباره أن المغرب يعد من الدول التي تحظى واشنطن فيها بتسهيلات عسكرية من قبيل استعمال ترابه للقيام ببعض العمليات، ولعله للمرة الأولى التي يكشف فيها المسؤولون الأمريكيون أن المغرب سمح باستخدام أراضيه لدواعي عسكرية لصالح القوات الأمريكية، وبشكل صريح يذكر التقرير أن منطقة مصب وادي درعة في المحيط الأطلسي (40 كلم غرب طانطان) منذ سنوات قليلة موعدا سنويا لمناورات عسكرية مشتركة بين الجيش الأمريكي والقوات المسلحة الملكية المغربية، ويذكر كذلك أن السلطات المغربية اقتطعت أرضا على مقربة من طانطان ومنحتها للأمريكيين لأغراض عسكرية وقد صارت منطقة مغلقة لا يُسمح بدخولها للمواطنين(؟!). ورغم هذا العرض المغربي والآخر من بتسوانا، إلا أن الدراسة التي أعدها مركز خدمة البحوث للكونغرس تقول أن المسؤولين الأمريكيين لم يجزموا بعد في مكان هذه القيادة بين بقائها ضمن القيادة العسكرية الأمريكية بشتوتغارت الألمانية، أو جعل مقرها في إحدى دول إفريقيا. من جهة أخرى وحسب المضامين المنشورة، فإن الفريق الانتقالي الذي كلف بإعداد تصور كامل عن مقر القيادة العسكرية لإفريقيا من حيث مكانها، ومواردها البشرية والمالية، ينكب على تحديد المعايير التي ستعتمد في اختيار البلد المحتضن للمقر، ومنها توفر ضمانات الأمن والسلامة للطاقم التي سيشتغل في المقر والبالغ عدده قرابة 500 فردا رفقة عائلاتهم، كما أن مسؤولي وزارة الدفاع يفضلون أن يكون البلد مستقرا سياسياً، وحيث تتوفر جودة ولوج الخدمات الصحية والدراسية، وبأن يكون مستوى الرشوة فيه متدنياً، مع ضمان ألا يتعرض العسكريون الأمريكيون لمتابعة قضائية في المحكمة الجنائية الدولية، كما أن هناك دعوات بأن تدرج وزارة الدفاع ملف حقوق الإنسان ضمن المعايير المعتمدة. مصر.. الإستثناء الوحيد ؟! وتجدر الإشارة أنه في الثاني من شهر فيفري الفارط دشن الرئيس الأمريكي جورج بوش مشروع إنشاء قياده عسكريه جديدة للجيش الأمريكي خاصة بالقارة الإفريقية تحت مسمى"أفريكوم AFRICOM" وستباشر هذه القيادة الجديدة مهامها بالكامل يوم 30 سبتمبر 2008، كما أن الاستثناء الوحيد من أفريقيا سيكون من نصيب مصر التي ستظل تحت القيادة الأمريكية الوسطى"سينتكوم CENTCOM" وجزيرة مدغشقر والتي ستظل تحت منطقة الهادي "PACOM" (أنظر الصورة وفيها الخريطة الحالية والخريطة القادمة للقيادات العسكرية الأمريكية)، وقد بدأت قيادة أفريكوم المؤقتة ووزارة الدفاع اتصالاتها بعدد من الدول الافريقيه لتسويق هذا المشروع، كما زار وفد أمريكي رفيع المستوي كل من إثيوبيا وغانا وكينيا ونيجيريا والسنغال وجنوب أفريقيا. وهذه الدول تعتبر الثقل الرئيسي في الاتحاد الإفريقي ومرشحه للدور الأهم في تقديم الدعم الأرضي واللوجستي لأفريكوم. نسيم لكحل:[email protected]