يعتبر الدكتور علي محمد مجور من الإطارات اللامعة في دولة اليمن اليوم وبفضل جملة من الصفات التي يتميز بها إلى جانب مؤهلات علمية وخبرة سياسية اكتسبها من خلال وظائف ميدانية عديدة التي تقلدها. فهو من مواليد 1953 بمحافظة شبوه، تحصل على شهادة الليسانس والإدارة الاقتصادية من جامعة الجزائر عام 1981. وحصل على شهادة ماجستير إدارة اقتصادية من جامعة الجزائر، وماجستير إدارة اقتصادية من جامعة غرونوبل بفرنسا عام 1987، ثم على درجة دكتوراه في إدارة الإنتاج من جرونوبل عام 1991. عمل كعضو للجنة الدراسات العليا، بقسم إدارة الأعمال، بكلية العلوم الإدارية جامعة عدن، وعميد لكلية النفط والمعادن بجامعة عدن 1996 1999 ثم عميدا لكلية العلوم الإدارية بجامعة عدن 1999 2001 م، ثم وكيلا لوزارة الخدمة المدنية والتأمينات، فمديرا عاما لمصنع اسمنت البرح، عين وزيرا للثروة السمكية في عام 2003 م ثم وزيرا للكهرباء في التعديل الحكومي الأخير في 2006 وأخيرا رئيسا لمجلس الوزراء في الحكومة المشكلة في 5 أبريل 2007 م. لقد أثبت السيد مجور قدرته الفائقة في حل أعقد الأمور والقضايا الاقتصادية المطروحة في الساحة اليمنية ومن بين هذه القضايا التي استطاع في ظروف قياسية أن يجد حلا مناسبا لها هي قضية السواحل اليمنية عندما كان وزيرا للثروة السمكية حيث أنجز العديد من المشاريع الهامة، ساهمت في تنمية وتطور هذا القطاع ذلك الوقت وهو محل انتظار داخلي ودولي مما جعل الرئيس علي عبد الله صالح يعينه رئيسا لمجلس الوزراء في الحكومة المشكّلة في 5 أفريل 2007 لأنه بكل بساطة يستطيع تحقيق النجاح لهذه الحكومة إذ يعتمد على التفكير العلمي بالدرجة الأولى وكيف لا وهو الذي تحصل على شهادة ليسانس إدارة اقتصادية، وماجستير إدارة اقتصادية والدكتوراه في إدارة الانتاج الذي أهله لأن يكون موسوعة في علم الاقتصاد والإدارة. فهو بذلك الرجل المناسب لهذه المرحلة الصعبة فإنه لا يعترف إلا بلغة الأرقام، وهذا ما يحتاجه اليمن الشقيق لحل مشاكلها المتعددة. وبحكم أنه أحد خريجي جامعة الجزائر اغتنمنا فرصة وجودنا في اليمن وبالضبط في الحفل الكبير الذي نظمته اليمن احتفالا بعيدها الوطني في محافظة إب لنبادره بالسؤال.. نعرف أن سيادتكم درستم في الجزائر وتخرجتم من جامعتها ولديكم الكثير من الذكريات تحتفظون بها عن هذا البلد؟ فرد قائلا: أنا أحب الجزائر ولا يمكنني رفض طلبكم وتقرر الموعد يوم السبت 26 ماي على الساعة الثانية عشر والنصف. وفي تمام الساعة الحادية عشر جاءتني سيارة تابعة للرئاسة الجمهورية، واتجهت بي لمقر مجلس الوزراء الذي كان يبعد بحوالي 10 كيلومتر من مكان إقامتي. وصلنا إلى مقر رئاسة الحكومة في منتصف النهار و15 دقيقة جاءني أحد المسئولين وطلب مني أن أنتظر في أحد الصالونات، وعلى الساعة الثانية عشر والنصف استقبلني رئيس الحكومة خريج جامعة الجزائر، دخلت مكتبه وبعد تبادل التحية، و دردشة قصيرة عن الأجواء في اليمن ومدى إعجابي بمناظرها الخلابة، ومدى إعجابه هو أيضا بما يحتفظ به للجزائر من ذكريات. فسألته: هل نستطيع القول أن العلاقة بين البلدين ستتطور بحكم دراستكم بالجزائر وتعرفكم على شعبها ومؤسساته المختلفة فأجابني على الفور. أعتز كثيرا أنني كنت طالبا ببلدكم العظيم الجزائر، والذي أنهلت منها الكثير، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وكانت فترة بقائي في الجزائر هامة جدا حيث تعرفت فيها على كثير من الأصدقاء بعضهم وصلوا إلى مناصب هامة في السلطة وبعضهم أصبحوا من كبار الأكاديميين والأساتذة الجامعيين. وكانت الفترة التي عشتها في الجزائر ما بين سنة 1976 إلى 1981 وهي الفترة التي تحصلت فيها على شهادة الليسانس في التسيير ولا أبالغ إذا قلت لك أن دراستي في الجزائر تركت آثارا كبيرة في نفسي أما فيما يخص توطيد العلاقة بين البلدين فأقول أن العلاقة اليمنية الجزائرية هي علاقة وطيدة بحكم الدين الواحد والأخوة التي تربطنا ، وهناك كثير من مجالات التعاون بين البلدين وأنا أبذل جهدي في سبيل تطويرها على الأحسن وخاصة فيما يتعلق بالمجال الثقافي والتعليمي والتكوين المهني والتعليم العالي ونطمح أن تكون علاقتنا أكثر متانة. فسألته ثانية: أصبحت الآن قضية انضمام اليمن إلى دول مجلس التعاون الخليجي مثل دخول تركيا للاتحاد الأوروبي كما يقال في بعض وسائل الإعلام ما رأيك في هذا، فأجابني: هذا الكلام مجحف في حق اليمن وشعبه، فأنت تعلم أن اليمن وموقعه في الجزيرة العربية والخليج العربي، فأي اتحاد بدونه يكون قصير الندر ولا يمكن أن يبلغ هدفه الاستراتيتجي والحضاري والجغرافي والسكاني، كما يسرني أن أقول أن المجلس قد حقق تقدما ملحوظا وأنا أؤكد حرص اليمن الدائم على الاسهام وبفعالية في هذه الجهود الأخوية المشتركة، واليمن يعبر بصدق عن مشاعر الأخوة العميقة ونحن على يقين تام بأن اليمن سينظم إلى هذا التجمع عاجلا أم آجلا. وقد بدأ ذلك بالفعل حيث حققنا الكثير من أجل ذلك، فقد تمّ الانضمام إلى بعض المجالس منها مجلس التربية والتعليم والشباب والرياضة والصحة والشؤون الاجتماعية، والعمل والانضمام الفعلي سيكون بحول الله سنة 2015 وأحيطكم علما بأن عدة دول في مجلس التعاون الخليجي أبدت استعدادها للاستثمار في اليمن بالإضافة إلى مساهمة هذه البلدان تدعيمها، ومشاركتا في المؤتمر المناحين الذي انعقد في لندن ليس إلا دليل على ذلك. أخيرا أقول أننا نسير في الطريق السليم والصحيح للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي وهذا هو الموقع الطبيعي لليمن. وفي سؤالي الثالث: سألته هل يعتزم سيادته إدخال قوانين جديدة للاستثمار أو أي توجيهات أخرى من شأنها تشجيع الاستثمار في اليمن. فأجاب: نعم هناك توجيهات وقوانين جديدة لتنشيط الاستثمار وتحدد ذلك في برنامج الحكومة الحالية حيث سنعطي الأولوية المطلقة للقطاع الخاص وذلك للحد شيئا فشيئا من البطالة من خلال الفرص المتاحة لذلك، وفيما يخص الاستثمار في اليمن فهو الأفضل في المنطقة حيث يتحصل المستثمر على أكبر الفرص في أسرع وقت وبملف واحد فقط مما جعل اليمن يحظى بثقة كبيرة من المستثمرين العرب أو الأجانب. ثم سألته عن دور البرلمان في المرحلة الحالية في اليمن، فقال لي أن البرلمان يلعب دورا كبيرا فيما يخص المجال السياسي وكل مشاريع القوانين تمر على البرلمان ولا أخفي عليك أن الحكومة اليمنية تواجه عدة مشاكل مع البرلمان في قبول بعض القوانين مع العلم أن الحكومة هي حكومة الأغلبية. وعن ذكرياته في الجزائر وما بقي عالقا بذاكرته أكد أنه مازال يتذكر الجامعة المركزية، هذه الجامعة التي نهلت منها العلم وأخذت الكثير، وكذلك لازالت في مخيلتي بناياتها العظيمة ومكتبتها وذلك المحيط المفعم بحرارة الأخوة والصداقة، كما أتذكر خروجنا في منتصف النهار من المدرجات واتجاهنا نحو مطعم عميروش الذي يبعد عن الجامعة حوالي 500 متر ونحن في طريقنا مع بعض الأصدقاء نتجاذب أطراف الحديث عن ما سنتناوله اليوم، فكنت دائما أقول لهم أن طعامنا سيكون الكسكسي هذا الطبق الذي أحبه كثيرا وأتذكر أنني كلما اقتربت إلى مكان تواجد لوحة الطبق اليومي، كل أصدقائي ينشغلون بالحديث، وأكون مشغولا بأن أجد عبارة الكسكسي، وحتى عندما كنت طالبا في باريس كنت أتردد على مطاعم الجالية الجزائرية هناك لتناول الكسكسي. وعند تخرجي في عام 1981 من قسم التسيير والعلوم الاقتصادية، وكنت من بين الطلبة الأوائل. وأرشيف الجامعة يؤكد أن الدكتور محمد مجور رئيس الحكومة اليمنية الحالية هو الأول في دفعته. فقلت له ممازحا، إذا للكسكسي علاقة وطيدة بالذكاء فضحك وقال أنا سعيد جدا بهذا اللقاء لأنه ذكرني بذكريات لا أنساها أبدا. فسررت كثيرا لهذه العواطف النبيلة ولما يكنّه لنا من احترام وتقدير وتمنى لي عودة ميمونة إلى الجزائر وتبليغ تحياته الى الجميع. حاوره رابح بوكريش / مدير نشر دار هومه